تحذبر أوروبي رسمي من "غوانتانامو" جديد
٢٦ نوفمبر ٢٠٠٥أعلنت الحكومة الألمانية يوم أمس الجمعة أنها تنتظر توضيحات من الولايات المتحدة حول توقف طائرات تابعة لوكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي آي ايه) في ألمانيا يشتبه في أنها نقلت سجناء إسلاميين الى معتقلات سرية في عدة دول أوروبية. وبهذا الخصوص قالت وزيرة العدل الاشتراكية الديموقراطية بريجيت زيبريس لشبكة التلفزيون الرسمية الثانية: "نحن في انتظار نتائج التحقيقات ونأمل ان يعبر الاميركيون علنا عن موقفهم" في هذا الشان. ومن جانبه صرح النائب كريستيان شتروبيلي (حزب الخضر) من جهته أنه "في حال إستخدام وكالة المخابرات الأمريكية (السي آي ايه) لمطار فرانكفورت الدولي، الذي يستخدم قسمه العسكري من قبل القوات الاميركية، او امطار رامشتاين (جنوب غرب ألمانيا) وهو القاعدة الجوية الاميركية الرئيسية في أوروبا لنقل مشتبهين بالإرهاب، فهذا يشكل انتهاكا للدستور ولحقوق الانسان".
تحقيق ألماني
وفي نفس السياق يجري في ألمانيا تحقيق في قضيتين منفصلتين، حيث يحقق الادعاء العام في الأخبار التي تدعي أن جهاز الاستخبارات الأمريكية نقل إمام يدعى أبو عمر تم اختطافه من ميلانو الإيطالية ونقله الى مطار عسكري أمريكي في رامشطاين الألمانية، ومنها الى القاهرة، ويجهل مصيره من وقتها. ولقد وجه المدعي العام الألماني لمدينة زفايبروكن التهمة ضد مجهول يشتغل لحساب المخابرات الأمريكية، وذلك بتهمة سلب حرية شخص وتعذيبه. وفي إطار آخر يحقق الادعاء العام الألماني لمدينة ميونخ، أيضا في قضية المواطن الألماني من أصول لبنانية، ويدعى خالد المصري، الذي تم اختطافه، الذي تم اختطافه من الحدود المقدونية الكوسوفية، و تم ترحيله الى أفغانستان.
إدعاءات صحافية
ويأتي هذا التطور بعد أن نشرت صحيفة "واشنطن بوسط" خبرا عن وجود عدد من المعتقلات السرية في كل من بولندا العضو الجديد في الإتحاد الأوروبي ورومانيا التي ستصبح عضوا في سنة 2007 قبل أسبوع. وتشير المعطيات الأولية إلى تورط ست مطارات لدول أوربية في قضية التنقيل أو التعذيب، وهي البرتغال وأسبانيا و ألمانيا و النمسا و السويد وايسلاندا. وأشارت معلومات الصحيفة إلى انه يوجد نحو 30 شخصا يشتبه في أنهم إرهابيون رئيسيون محتجزون في هذه السجون بينما يوجد أكثر من 70 معتقلا آخرين يعتبرون أقل أهمية تم تسليمهم إلى أجهزة مخابرات أجنبية بموجب عملية يطلق عليها اسم "التسليم". يذكر أن معلومات كانت قد تسربت في وقت سابق بان المخابرات الأمريكية تنظم رحلات "تعذيب سياحية" إلى دول من العالم الثالث لسجناء يتم هناك التحقيق معهم كون مخابرات هذه الدول لديها خبرات طويلة في استخلاص الاعترافات تحت وطأة التعذيب.
إقتناع أسباني بصحة الرواية الأمريكية
وفي غضون ذلك قالت الحكومة الأسبانية ردا على ادعاءات مماثلة بأنها مقتنعة بان الطائرات الأمريكية لم تنتهك القوانين. لكنها قالت أنها ستكثف أعمال الفحص للطائرات المدنية التي مرت عبر أجوائها او توقفت بمطارات أسبانية للتأكد من انها رحلات "مدنية تماما". وادلى وزير الخارجية ميجيل انخل موراتينوس امام لجنة برلمانية بخصوص الرحلات بعد ما دعت تقارير اخبارية عنها احزاب المعارضة الى طلب معلومات من الحكومة. وقالت التقارير ان وكالة المخابرات المركزية الامريكية استخدمت مطار سون سانت خوان بجزيرة مايوركا بالبحر المتوسط كقاعدة لنقل ارهابيين اسلاميين مشتبه بهم في الفترة من اوائل عام 2004 وحتى اوائل عام 2005. وقال موراتينوس "الحكومة مقتنعة بناء على نتائج التحقيقات التي اجريت بان جميع التوقفات تمت في اطار اتفاق التعاون الدفاعي بين اسبانيا والولايات المتحدة كما ان التوقفات التي قامت بها الطائرات المدنية تمت وفق القانون".
لا "تدابير الزامية" ضد "غوانتانامو" جديد
ومن جانبه اعترف ديك مارتي، مقرر لجنة كلفها مجلس اوروبا التحقيق في احتمال وجود سجون سرية لوكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي آي ايه) في اوروبا، "بعدم وجود أي تدابير إلزامية" لوضع حد لهذه الممارسات في حال ثبت وجودها. وقال السويسري مارتي مقرر لجنة المسائل القضائية في جمعية مجلس أوروبا في حديث الى صحيفة "لو تان" إن "مجلس أوروبا لا يمكنه اتخاذ اي تدبير محدد ضد الولايات المتحدة, وفي حد أقصى حرمانها صفة الدولة المراقبة". لكنه استدرك أن على واشنطن مواجهة "المآخذ الدولية" وتقديم التفسيرات اللازمة للأمم المتحدة. ويراهن مارتي خصوصا على "السلطة المعنوية لمجلس أوروبا" وما يتمتع به من تأثير إعلامي وإستشاري. وأضاف "نرى المجلس مستنفرا حاليا لكشف ملابسات تلك الممارسات"، معتبرا أن هذا المناخ "يمكن ان يدفع بعض المصادر الى البوح بما لديها". وتابع مارتي "قد تكون الحكومات لم تعلم شيئا او لم ترد ان تعلم بحيث نفذت تلك العمليات بين اجهزة الاستخبارات"، مقترحا توسيع هذا التحقيق ليشمل السجون السرية التي استخدمها الروس في الشيشان، وفق تقريرين لمجلس اوروبا.
وعلى الرغم من أن رئيس الكتلة البرلمانية لإتحاد الأحزاب المحافظة في البرلمان الأوروبي الما بروك قد أشار بشكل لا لبس إلى أن الإتحاد الأوروبي لن يسمح بوجود "غوانتانمو" جديد على أراضيه، إلا أن مارتي أعرب في مؤتمر صحافي في بوخارست، عن اقتناعه بعدم وجود سجون في رومانيا تشبه قاعدة غوانتانامو الاميركية في كوبا، لكنه لم يستبعد وجود مراكز صغيرة تضم معتقلا او اثنين احتجزا موقتا للتحقيق معهما.
دويتشه فيله + وكالات