تزايد تأثير اللغة الانكليزية على الألمانية
٢٩ مارس ٢٠٠٧تحتوي اللغة الألمانية حسب آخر إحصائيات رابطة اللغة الألمانيةً على أكثر من 6000 كلمة إنجليزية. لهذا فإن البعض يعتبر هذا الأمر تهديداً حقيقياً لمستقبل اللغة الألمانية لغة كبار الأدباء والفلاسفة. لكن أوليفر بير، عضو مجلس الإدارة في الرابطة المذكورة، يعتبر أن الكلمات الانكليزية في اللغة الألمانية هي أعراض لظاهرة بدأت تنتشر في العقدين الأخيرين. فاللغة الألمانية كما يشير الخبير الألماني لم تعد لغة العلوم الرئيسية في علوم في مجالات عديدة. لهذا تُستخدم المصطلحات الانكليزية بكثرة لعدم وجود ما يقابلها في الألمانية. وهو ما تدعمه نتائج دراسة جرى فيها البحث عن مقابل لأكثر من 100 مصطلح يتعلق بتقنية الحاسوب في لغات أوروبية متعددة. وبينت الدراسة أن أفقر هذه اللغات من حيث توفر المرادفات هما اللغتان الألمانية والدانماركية اللتان لم يوجد فيهما مقابل لأكثر من نصف هذه المصطلحات. هذا مع العلم أن من اخترع الحاسوب كان ألمانياً واسمه كونراد تسوزه. أما أغنى اللغات في هذا المجال فكانت اللغة الفنلندية التي لا تتبنى المصطلحات العلمية الانكليزية مباشرة وإنما تحاول في البداية إيجاد مرادف فنلندي لها. ويؤكد الخبير أن هذه السياسة المتبعة في فنلندا لم تؤدي إلى تأخر هذا البلد عن الركب الحضاري. فهي تعد من أكثر بلدان العالم تقدماً في البحث العلمي وتشتهر بجودة التعليم الدراسي فيها.
الانكليزية في كل مكان
غالبا ما يطلق على الطفل الصغير في ألمانيا باللغة الإنجليزية "Baby". وإذا كان والديه يعملان يُجلب له مربية أطفال يطلق عيها أيضا بالإنجليزية "Babysitter". وحين يكبر الطفل بعض الشيء عندها يبدأ باللعب مع الأطفال الآخرين"Kids". أما عندما يصبح الطفل شاباً فيكون لديه العديد من الهوايات "Hobbys" مثل ركوب الدرجات الجبلية "Mountain biking" أو السير على العجلات "Inlineskaten" الرياضة المحببة جداً في ألمانيا. وبعد الدراسة يبدأ الشاب بمزاولة العمل "Jobben". ويعد الانسجام مع الزملاء "Team" من الأشياء المهمة جداً في مكان العمل، لأن انعدام التفاهم معهم سوف يؤدي إلى إتباع سياسة "التطفيش" من قبلهم "Mobbing"، الأمر الذي يؤدي في الغالب إلى الطرد من العمل.
ليس التاريخ هو السبب وإنما الجغرافيا
يرى بير أن أسباب تقبل اللغة الألمانية لتأثير نظيرتها الانكليزية ليس لها علاقة بخصوصيات التاريخ الألماني أو بالنكبات التي تعرض لها هذا الشعب كما يدعي البعض، وإنما تتعلق بموقع ألمانيا الجغرافي في قلب القارة الأوروبية. فاللغة الألمانية تأثرت بشكل كبير بالثقافات واللغات المجاورة، إذ تحتوي اللغة الألمانية على الكثير من الكلمات الفرنسية والإيطالية والبولونية. فهناك على سبيل المثال ما يزيد عن ألف كلمة فرنسية تستخدم في اللغة الألمانية.
وعن الغاية من تأسيس رابطة اللغة الألمانية يقول بير: "نريد أن نقدم أمثلة حية يُقتدى بها لشخصيات هامة من المجتمع الألماني تحاول استخدام اللغة الألمانية فقط." وفي السياق ذاته يؤكد الخبير الألماني على أن الرابطة لا تسعى إلى استصدار قرارات سياسية لحماية اللغة الألمانية كما هو الحال في فرنسا. فالحد من تأثير اللغة الانكليزية حسب رأي الباحث الألماني يجب أن يقوم على أسس طوعية.
أين الحل في التشريع أم في التعليم؟
أما على صعيد آخر، لا يشكل تعاظُم تأثير اللغة الانكليزية في ألمانيا تهديداً لمستقبل اللغة الألمانية فحسب، وإنما يسبب صعوبات كبيرة للألمان كبار السن الذين لا يتكلمون الإنكليزية عادة. لهذا يطالب سياسيون ألمان مثل ماركوس زويدر من الحزب الاجتماعي المسيحي المحافظ بترسيخ اللغة الألمانية كلغة الدولة الأولى في الدستور. أما الناقد الأدبي رايخ رانيتسكي الذي يُدعى في ألمانيا ب"بابا الأدب" نسبة إلى بابا الفاتيكان فيدعو إلى إعادة النظر بالمناهج التعليمية الألمانية والتركيز على الأدب مثل القصة والشعر بشكل أكبر. فغالبية الشباب الألمان كما يرى رانيتسكي لم تعد تهتم بقراءة الأعمال الأدبية الألمانية. ومع ذلك يؤكد الناقد أنه ليس هناك ما يدعو إلى الهلع فاللغة الألمانية ليست في خطر وهي "لغة جميلة ولن تنقرض بهذه السهولة."