تقدم حزب البديل يؤجج الجدل حول إجراءات اللجوء في ألمانيا
٢٣ يونيو ٢٠٢٤لم تكن النتيجة مفاجئة في الانتخابات الأوروبية، حصل حزب البديل من أجل ألمانيا (AfD) اليميني الشعبوي على المركز الثاني في ألمانيا. أما في خمس ولايات في شرق البلاد، فقد استطاع الحزب أن يحقق المركز الأول. أثارت هذه النتائج سواء على مستوى الاتحاد أو الولايات، قلق الحكومة وبقية الأحزاب.
في سبتمبر/أيلول ستجرى انتخابات برلمانية في ثلاث ولايات شرق ألمانيا. إذا أصبح "حزب البديل" القوة الأكبر في هذه الانتخابات، سيكون من الصعب تشكيل تحالفات حكومية ضده في تلك الولايات. خاصة وأن الحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPD) وحزب الخضر (الشريكان في االإئتلاف الحاكم في برلين) ضعيفان لدرجة أنهما يخشيان عدم دخول برلمان الولاية في ساكسونيا وتورينغن.
حزب البديل والانتخابات المقبلة
الأمر لا يقتصر على الحزب الاشتراكي الديمقراطي، بل يشمل أيضًا حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي (CDU). على الرغم من أنه كان الأقوى في الانتخابات الأوروبية بشكل عام، إلا أنه احتل المركز الثاني في شرق البلاد بفارق كبير.
قال رئيس وزراء ولاية سكسونيا السفلى، ستيفان فايل، من الحزب الاشتراكي الديمقراطي، بعد مؤتمر لرؤساء وزراء الولايات الـ16 مع المستشار الألماني أولاف شولتس في برلين: "أود أن أقول إن النتائج أثرت فينا جميعًا بشكل عميق". وأضاف: "نحن نعلم أن الهجرة تلعب دورًا في هذا السياق"، مما يوضح أن الجميع يدرك أسباب تصاعد اليمين المتطرف.
تأثير الهجرة على السياسة الألمانية
رئيس وزراء ولاية سكسونيا-أنهالت، راينر هازيلوف من الحزب المسيحي الديمقراطي يقول: "هناك حاجة ملحة للعمل على تنفيذ قوانين الهجرة، وممارسات الترحيل، وتلبية احتياجات الأمن". ويعتقد رئيس وزراء ولاية هيسن من الحزب المسيحي الديمقراطي، بوريس راين، أن: "هناك توقع واضح من المواطنين بأن نقدم حلولًا في هذه القضايا الحاسمة، ونتائج الانتخابات أظهرت بوضوح الحاجة الملحّة للعمل".
في عامي 2022 و2023، وصل إلى ألمانيا حوالي 596,000 طالب لجوء وأكثر من 1.1 مليون لاجئ حرب من أوكرانيا. ومن المتوقع أن يتم تقديم ما بين 280,000 و300,000 طلب لجوء جديد في عام 2024.
تشديد إجراءات اللجوء
تضغط أحزاب الاتحاد الديمقراطي المسيحي وشقيقه الأصغر الاتحاد الاجتماعي المسيحي (CSU)، اللذان يمثلان أكبر كتلة معارضة في البرلمان الألماني " البوندستاغ"، لنقل البت في معاملات اللجوء بأسرع وقت ممكن إلى دول خارج الاتحاد الأوروبي للحد من الهجرة إلى ألمانيا. يمكن أن تكون هذه الدول دول عبور يمر بها اللاجئون في طريقهم إلى أوروبا، أو دولًا غير معنية بشكل مباشر. ومع ذلك، تحذر وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر من التوقعات المرتفعة. حيث تفاوضت بريطانيا لمدة 18 شهرًا لنقل إجراءات اللجوء إلى رواندا، لكنها لم تصل بعد إلى نموذج قابل للتطبيق، حسب قول فيزر على هامش مؤتمر موازٍ مع وزراء الداخلية في الولايات الفيدرالية في بوتسدام.
تحديات تنظيم البلد الثالث
تشير فيزر أيضًا إلى أن المفاوضات التي تجريها إيطاليا مع ألبانيا تعتبر خطوة صغيرة فقط. وقالت: "تم الاتفاق على حد أقصى لاستقبال 3000 لاجئ فقط. هذا جزء صغير جدًا." وأشارت إلى أن اتفاقية الدول الثالثة ليست الحل السحري، وبالنظر إلى ألمانيا، فهي مجرد جزء صغير للمساعدة في تقليل عدد طالبي اللجوء. لن يتغير وضع الهجرة في ألمانيا بشكل جذري بسبب هذا الإجراء.
وجاءات تصريحات فيزر بعد أن عقدت وزارة الداخلية الاتحادية مؤخرا جلسة استماع مع ما يقرب من 30 خبيرا حول موضوع تنظيم البلد الثالث. وأوضح رئيس وزراء ولاية سكسونيا السفلى، شتيفان فايل أن "الكثير من الأسئلة والمشاكل والعقبات" ظهرت خلال هذه الجلسة. وأشار إلى أن الغالبية العظمى من الخبراء نصحت بعدم استخدام نماذج رواندا وألبانيا.
وتعارض منظمة Pro Asyl "برو أزول" التي تقدم مساعدات للاجئين اتفاقية الدول الثالثة بشكل قاطع. وتصف فيبكه يوديت، المتحدثة السياسية للمنظمة، هذا التوجه بأنه "مسار خاطئ" و"حل وهمي". وأوضحت: "نقل إجراءات اللجوء يؤدي إلى اللجوء إلى طرق هروب أكثر خطورة من قبل طالبي اللجوء، ويؤدي كذلك إلى يأس لدى المتضررين، وخطر تعرض الأشخاص المحتاجين للحماية لانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان".
التقارب فيما يتعلق بسياسة الهجرة واللجوء
لكن تعزيز اليمين المتطرف لقوته في الانتخابات الأوروبية دفع رؤساء الولايات والحكومة في ألمانيا إلى التضامن والتعاون، حيث اتفقوا مع المستشار شولتس على متابعة فكرة نقل إجراءات اللجوء، وأصدروا أوامر للبحث والدراسة. وأوضح رئيس وزراء ولاية هيسن من الحزب المسيحي الديمقراطي، بوريس راين، ذلك قائلاً: "هناك توقع واضح من الولايات للحكومة الاتحادية بأن يتم تطوير نماذج ملموسة لتنفيذ إجراءات اللجوء في دول ثالثة ودول العبور، وأن يتم مراجعة وتعديل القوانين الوطنية والأوروبية التي تعترض طريق ذلك".
بالمقابل أكد وزير داخلية الحزب الاشتراكي الديمقراطي في ولاية سكسونيا أرمين شوستر على موقع دويتشلاند فونك "الآن علينا أن نتحرك بسرعة، وأن نتصرف بشجاعة". وأضاف أن حزبه أدرك بعد تحليل نتائج الانتخابات الأخيرة أن "قضية الهجرة هي الآن الموضوع الأكثر أهمية ويجب التعامل معها فورًا".
يتضمن ذلك أيضًا ترحيل المزيد من طالبي اللجوء المرفوضين. بينما ينتقد رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، فريدريش ميرتس، المستشار أولاف شولتس بانتظام في هذا السياق، مشيرًا إلى أنه لا يقوم بجهود كافية. وأكد ميرتس في مقابلة مع مجموعة فونكه الإعلامية أن المستشار لم ينفذ وعوده بالإعلان عن ترحيلات "بشكل كبير" و"بشكل أكبر وأسرع".
من يناير إلى أبريل 2024، تم ترحيل حوالي 6300 شخص من ألمانيا إلى بلدانهم الأصلية. لكن هناك أكثر من 240,000 شخص ملزمين بالفعل على مغادرة البلاد. ومع ذلك، لا يمكن ترحيل 80% منهم لعدة أسباب، منها عدم امتلاكهم لأوراق هوية، أو أنهم يأتون من دول لا تعيد ألمانيا ترحيلهم إليها بسبب نقص الأمان، مثل سوريا وأفغانستان.
أمن المواطنين أهم من حماية اللاجئين
في خطابه أمام البرلمان الألماني "البوندستاغ"، أكد المستشار شولتس على ضرورة تغيير المنهج في التعامل مع الأشخاص الذين يرتكبون جرائم خطيرة في ألمانيا أو يشكلون تهديداً إسلاموياً. وقال شولتس: "يثير استيائي حينما يرتكب أحدهم جرائم هنا للبحث عن الحماية لدينا. يجب ترحيل هؤلاء الجناة، سواء كانوا من سوريا أو أفغانستان، لأن مصلحة أمن ألمانيا تعلو على مصلحة الجاني في الحماية في مثل هذه الحالات."
وقال شولتس إن وزارة الداخلية الاتحادية تبحث بالفعل عن "سبل قابلة للتطبيق قانونيا وعمليا" حول كيفية نجاح عمليات الترحيل. تحقيقا لهذه الغاية، تجري الوزارة "محادثات" مع الدول المجاورة لأفغانستان. وقد أكدت نانسي فيزر هذه المعلومات في بوتسدام. وأوضحت: "نحن في مفاوضات ملموسة من أجل ذلك ونحن واثقون من أننا سننجح في القيام بذلك لهذه المجموعة".
"الصد" على الحدود
تم التوصل إلى اتفاق في مؤتمر رؤساء الولايات مع المستشار أيضًا بشأن الضوابط الأمنية الإضافية التي تم إدخالها في أكتوبر على الحدود مع التشيك وبولندا وسويسرا. ينص القرار المشترك مع الحكومة الاتحادية على أن الشرطة الاتحادية تستخدم فعليًا آلية مراقبة على الحدود الداخلية حاليًا لرفض اللاجئين القادمين من دولة عضو في الاتحاد الأوروبي وفقًا للإمكانيات القانونية المتاحة. ويجب أن تُصاغ من جديد توجيهات الإعادة (إعادة اللاجئين) في الاتحاد الأوروبي بطريقة تسمح بمواصلة "تنفيذ عمليات الصد بطريقة فعالة".
كما توجد اتفاقيات كبيرة أيضًا بشأن إدخال بطاقة دفع لطالبي اللجوء. هذه البطاقة متاحة بالفعل في بعض المناطق ومن المقرر أن تبدأ على نطاق واسع في الصيف. ومن المفترض أن يكون لدى طالبي اللجوء 50 يورو فقط نقدًا شهريًا. باستثناء ولايتي بايرن وميكلنبورغ-فوربومرن، اللتين ترغبان في تنفيذ نظامهما الخاص.
أعده للعربية: علاء جمعة