تقرير أممي: هجرة الكفاءات العلمية تعيق عملية التنمية في الدول الفقيرة
١٩ يوليو ٢٠٠٧
خلص تقرير صدر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية اليوم الخميس في جنيف إلى نتيجة مفادها أن الأوضاع في البلدان الأقل نموا في العالم والبلدان الفقيرة تزداد ترديا. وعزا التقرير أسباب ذلك الى التخلف التكنولوجي وقلة المعرفة وندرة قوى الإبداع وكذلك إلى هجرة الكفاءات العلمية. وأشار التقرير إلى أن عام 2004 لوحده شهد هجرة حوالي مليون من العلماء والمهندسين والأطباء من الدول الخمسين المصنفة في قائمة "الدول الأقل فقرا"، وهذا ما يعني أن حوالي 15 في المائة من الرجال والنساء المتعلمين تعليما عاليا هاجروا إلى الدول الغنية. وهذا الوضع "يشكل في الوقت الحالي مشكلة حقيقية"، حسب تعبير الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية سوباشاي بانيتشباكدي.
وحذرت المنظمة الدولية من العواقب الوخيمة لهذه الخسائر "لرأس المال البشري"، مشيرة إلى أن بعض الدول خسرت في السنوات الأخيرة أكثر من نصف كوادرها المتخصصة، لاسيما الدول غير المستقرة سياسيا. وتعمل الدول الغنية عل اجتذاب الكفاءات المؤهلة من الدول الفقيرة بما تقدمه من إغراءات لها. وذكر التقرير أن هجرة الكفاءات ينعكس سلبا على النمو في قطاعات الاقتصاد والصحة والتعليم وغيرها. في هذا السياق، دعا بانيتشباكدي إلى ضرورة أن تكون الدول الفقيرة في وضع يمكنها من تحسين شروط العمل فيها "لكي يبقى الناس في بلدانهم".
ولفتت المنظمة الدولية النظر إلى أنه في ظل نقص الكفاءات سيكون من غير الممكن تحسين ظروف الحياة في هذه البلدان، وهو ما يعني بطبيعة الحال عدم قدرة هذه الدول على المنافسة في السوق العالمية. ونصحت المنظمة الدول الصناعية بمنح الكفاءات المهاجرة إليها من الدول الفقيرة عقود عمل مؤقتة بدلا من دعم الهجرة الدائمة.
العولمة زادت الفقير فقرا والغني غنى
يرى خبراء الأمم المتحدة أن الدول الأكثر فقرا هي الخاسر الأكبر بسبب العولمة، حيث أن العولمة عملت على توسيع نطاق مجال التجارة العالمية وحجم الأرباح الاقتصادية كما وسعت دائرة الغنى "ولكن ليس لصالح الدول الفقيرة". ففي الوقت الذي ترتفع فيه وتيرة النمو في بعض الدول، يكون ذلك على حساب دول أخرى، كما يقول الخبراء. وتجتذب هذه الدول 2 في المائة فقط من الاستثمارات العالمية. وتشير الإحصائيات إلى أن نصيب هذه الدول من الصادرات العالمية انخفض مابين عامي 1950 و 2000م من 3 في المائة الى 0.7 في المائة.
من ناحية أخرى، دعت المنظمة الدولية إلى ضرورة توظيف المساعدات التنموية لتحقيق تقدم في المجال التكنولوجي في الدول الأقل نموا. في هذا السياق، حذر الخبير الألماني ميشائيل هيرمان، أحد معدي التقرير الدولي من توجيه المساعدات بشكل انتقائي إلى قطاع الخدمات الاجتماعية. وقال هيرمان اليوم الخميس في برلين إنه ينبغي على ألمانيا والدول الصناعية إعادة التفكير في المساعدات التنموية بحيث يراعى تحقيق التوازن القطاعي في الدول المتلقية لهذه المساعدات.
قائمة الدول الأكثر فقرا والأقل نموا
وذكر التقرير الأممي آنف الذكر إلى أن عدد البلدان الأقل نموا انخفض من 50 إلى 49 بلدا، حيث يشار هنا إلى أن هذه البلدان هي تلك التي صنفت في أخر القائمة ضمن الدول الـ 192 الأعضاء في الأمم المتحدة لتحتل المراتب الخمسين الأخيرة. وتحظى القارة الأفريقية بأكبر عدد من هذه الدول، حيث يبلغ نصيبها 34 دولة من إجمالي الدول الخمسين. ويشكل سكان الدول الأكثر فقرا والأقل نموا نسبة 12 في المائة من إجمالي عدد سكان العالم.
والغريب أن كثيرا من الحكومات تتطلع إلى ضم بلدانها إلى قائمة الدول الأقل نموا وذلك لكي تستفيد من التسهيلات التي يوفرها هذا التصنيف كالحصول على مساعدات دولية وقروض ميسرة وتسهيلات تجارية، كما تقول زيلجيكا كوزول ـ وريت احد معدي التقرير الأممي. يشار هنا إلى أن بعض المنظمات الدولية المعنية بمكافحة الفقر تعتمد معايير خاصة بها، لكن غالبا ما تلتقي تصنيفاتها للدول الفقيرة مع تصنيف الأمم المتحدة.