تويتر في السعودية لم يعد مجرد تغريدات
١٤ يناير ٢٠١٢عندما دخلت الشبكة العنكبوتية في التسعينات الميلادية إلى السعودية كانت المنتديات الإلكترونية هي الطريق أمام مستخدمي الإنترنت لعرض أفكارهم والمشاركة بآرائهم. كان الصراع بين المحافظين والليبراليين وكذلك كتابات الجهاديين هي الطاغية، مع غياب الحديث عن الإصلاح السياسي. وكانت الغالبية من هؤلاء تكتب بأسماء مستعارة. لكن مع بداية ثورة الشبكات الاجتماعية وتويتر بالتحديد، ومع وصول عدد مستخدمي الإنترنت في السعودية إلى أكثر من 13 مليون، اختلفت الطريقة. إذ بدأنا نلاحظ ظهور الأسماء والصور الحقيقية لكل مستخدم لهذه الشبكات التي تحولت من مجرد منتديات للتنظير إلى الفعل والتأثير في الواقع.
الشبكات الاجتماعية كشفت أقنعة الأسماء المستعارة
"لا يمكنني الوثوق برسالة اسم مستعار" هذا ما يقوله فيصل، أحد مستخدمي التويتر، أو "المغرد" بلغة الإعلام الاجتماعي. ويضيف فيصل أن الهوية الحقيقية للمغرد وصورته مهمة وتعني له الكثير. وحول التحول الذي شهدته الشبكات الاجتماعية وتويتر بالتحديد، يقول سلطان العامر، وهو باحث وكاتب صحفي "السر وراء هذا التحول يعود في الأساس إلى الطريقة التي بنيت عليها هذه المواقع الجديدة لأنها تختلف جذريا عن المنتديات".
فالمنتديات مصممة على اعتبار الموضوع أكثر أولوية من الأفراد المشاركين. فعندما تتصفح منتدى ما تجد مجموعة من المواضيع لا مجموعة من الأعضاء، وهذا ما يجعل إخفاء الهوية محفزا على التحدث بحرية أكثر وعدم تحمل مسؤولية الآراء المطروحة. لكن تويتر مختلف تماما فهو يتمحور أساسا على الفرد. فما يجعلني أتابع هذا الشخص أو ذاك، أو أتجاهله تماما يعتمد في الأساس على معرفة هويته. ويضيف العامر أن التقاليد التي دشنها المستخدمون الأوائل يتم اتباعها غالبا؛ فعندما "قمت بالتسجيل بتويتر لم أكتب اسمي كاملا ولكن عندما رأيت الجميع يكتبون أسماءهم انسقت مع هذا التقليد".
مجتمع مدني افتراضي في تويتر
وجعل غياب مؤسسات المجتمع المدني المستقلة في السعودية من تويتر موقعا ً مهما ً لكثير من الناشطين الاجتماعيين والحقوقيين، وحتى السياسيين. فتويتر أصبح يستخدم كورشة للتنسيق والعمل وإبداء الآراء في قضايا عديدة.
ومع بداية السنة الجديدة كتب أحد المغردين أن ابن أخته المعاق طرد من محل الكترونيات في الرياض لأن المحل يرفض دخول عربات المعاقين التي قد تفسد أرضية المتجر. هذا الخبر الصغير، أو هذه "التغريدة" كانت بداية لحملة تنديد من قبل مستخدمي تويتر في السعودية. وبلغت التغريدات المسجلة حول القضية أكثر من ألف تغريدة أثمرت عن قيام إدارة المتجر الإلكتروني بالاعتذار الرسمي في ظرف أربع وعشرين من المعاق وتقديم هدية له. لكن الأمر لم يتوقف على ذلك فقد قام بعض المغردين بطباعة أوراق استهجان عليها شعار تويتر وإلصاقها على بوابات المتجر الإلكتروني .
وفي وقت سابق من السنة الفائتة اعتقلت السلطات السعودية معدي ومقدمي سلسلة أفلام قصيرة سعودية تحدثت عن الفقر في العاصمة الرياض. وردا على ذلك كتب ناشطون في تويتر حوالي ستة آلاف تغريدة منددة بالاعتقال. كما قام عدد من المغردين بزيارة مركز الشرطة الذي كان يحتجز فيه معدو ومقدمو البرنامج وقدموا لهم وجبات العشاء مرفقة بأوراق طبع عليها شعار تويتر وعبارات دعم من المغردين.
رادويتر .. صوت من تويتر يحاول كسر الاحتكار
"فكرت بطريقة يكون فيها التغريد صوتيا ونستطيع من خلاله مناقشة القضايا التي يطرحها المغردون السعوديون بالصوت"، هذا ما يقوله المهندس عصام الزامل لدويتشه فيله. فهذا المهندس المغرد أسس إذاعة صوتية عبر الإنترنت تختص بمناقشة القضايا التي يتحدث فيها المغردون وتتيح لكل المغردين السعوديين الاتصال بالإذاعة عبر الهاتف أو السكايب.
ويقوم القائمون على الإذاعة بنشر مواعيد بث برامجهم عبر تويتر ويحددون من خلاله المواضيع التي سيتحدثون عنها وتكون مختارة من المناقشات والمواضيع المطروحة بتويتر، كما يحددون الضيوف الرئيسيين الذين سيشاركون في الحلقة. ففي السعودية تحتكر وزارة الإعلام منح تراخيص الإذاعات المحلية مما يجعل الحصول على ترخيص إذاعة يتطلب مبالغ طائلة إلا أن فكرة رادويتر لم تكلف حسب الزامل سوى مائة دولار ويستطيع أي شخص لديه إنترنت الاستماع إليها من أي مكان .
إبراهيم القحطاني وهو كاتب سعودي وأحد مقدمي البرامج بإذاعة رادويتر يقول في حديث لدويتشه فيله: "الفكرة هي تغطية الأحداث المهمة التي يتم تناولها كما نسعى لتنوع ثقافي يلبي كافة احتياجات المستمعين". ويضيف القحطاني قائلا: "وصلنا لأكثر من 1200 مستمع أغلبهم من مستخدمي تويتر وهذا فاق كل توقعاتنا في بداية التجربة". وحسب القحطاني فإن هذه الإذاعة تناقش قضايا كثيرة من الصعب مناقشتها في الإعلام التقليدي. كما "نستقبل اتصالات تحمل آراء عديدة، بالإضافة إلى استضافة شخصيات بارزة بينهم أعضاء مجلس شورى وأساتذة جامعات ومحامون وناشطون في مجال حقوق الإنسان".
تركي العبد الحي ـ الرياض
مراجعة: أحمد حسو