جدل مستمر بعد عام على تطبيق قانون ختان الذكور
١٢ ديسمبر ٢٠١٣في مطلع صيف سنة 2012، كان هناك جدل حاد في ألمانيا بشأن ظاهرة ختان الأطفال داخل الطائفتين اليهودية والمسلمة، وذلك من خلفية قرار محكمة مدينة كولونيا، الذي اعتبر الختان أذى جسدياً في حق الأطفال. بعد هذا القرار بدأ نقاش مستفيض حول مزايا ومساوئ الختان، كما أثيرت المسألة الاخلاقية، فكرة وتطبيقا. وتجلى محور النقاشات في سؤال: كيف يمكن التوفيق بين حرية ممارسة الشعائر الدينية وحق الأولياء في تربية أطفالهم ورفاه الأطفال في ذات الوقت؟
القانون الذي صدر في هذا الشأن يفترض أن يوفق بين كل هذه الحقوق، إذ تنص الفقرة 1631 ب من القانون المدني الألماني بخصوص ختان الذكور على أنه قانوني بشرط أن يتم "حسب الممارسات الطبية الصحية" وأن يكون "رفيقاً بالجسم قدر الإمكان وأن تصاحب الإجرءات وسائل فعالة لتثبيط الألم". كما ينص القانون على توعية الآباء والأمهات بالمخاطر الصحية للختان واستبعاد أي تهديد لرفاه الطفل، بالإضافة إلى ضمان عدم إجباره على القيام بذلك إذا كان عمره يسمح بالأخذ برأيه. وقد وافق ممثلو الطائفتين اليهودية والمسلمة على هذا القانون.
من جانبها، قالت وزيرة العدل الألمانية، زابينه لويتهويز-شنارينبيرغر، التي عرضت القانون آنذاك، إنه سيعيد الأمور إلى طبيعتها كما كانت عليه قبل قرار محكمة كولونيا ويترك لأولياء الأمور حق تربية أطفالهم، بالإضافة إلى تعريف المتطلبات التي يجب توفرها لضمان رفاه الطفل وصحته، مما يعني أن القانون سيضمن الحل الأفضل للجميع – للمتدينين والآباء والأطفال. لكن هل هذا صحيح؟
قانون فاشل
الآن مرّ على دخول هذا القانون حيز التنفيذ عام كامل، بالنسبة الذين يقولون بأن الختان يعتبر انتهاكاً للسلامة الجسدية للطفل فإن ذلك القانون فاشلا، ويشيرون إلى أن عملية الختان ما زالت تتم دون أن تكون رفيقة قدر الإمكان بالجسم ودون أن تصاحبها أي وسيلة لتثبيط الألم. ويقول كريستيان بالز، رئيس جمعية "موغيس"، التي تدافع عن السلامة الجسدية وحق التقرير الجنسي للأطفال، إنه "من خلال هذا القانون، تمت إجازة أنواع مثيرة للشك بخصوص طرق إزالة القلفة لدى الأطفال".
ويشير بالز إلى مثال في برلين تم من خلاله ختان طفل باستخدام طريقة تعرف باللغة العبرية باسم "متسيسه بابيه"، ويقوم من خلالها الخاتن بمصّ الجرح الناجم عن قطع القلفة بفمه بدلاً من استخدام مصاصة خاصة لذلك، كما هو معتاد. وقد عارض اتحاد أطباء الأطفال في إسرائيل هذه الطريقة بسبب خطورة انتقال العدوى عن طريقها. لذلك، قامت جمعية "موغيس" بتقديم شكوى ضد والد الطفل المختون، وهو حاخام، ووالدته والخاتن أيضاً. لكن الأمر لم يصل إلى دعوى قضائية، لأنه لم يتم إثبات تهمة التصرف الخاطئ من طرف الأب والأم، ولأن الخاتن يقيم خارج ألمانيا.
ومن وجهة نظر كريستيان بالز، فإن ذلك دليل على أن القانون لا يأخذ رفاه الطفل بعين الاعتبار بشكل كاف. وكان مكتب المدعي العام في برلين قد أغلق ملف الشكوى بدعوى أن من الكافي استخدام شريط لاصق مخفف للألم بعد إزالة القلفة. وينتقد بالز أنه "في ألمانيا، يبدو أنه بالإمكان إزالة قلفة الطفل دون أي تخدير، وهذا مسموح به قانونياً".
حالات فردية
كما أخبر رئيس الأكاديمية الألمانية لطب الأطفال والشباب، فولفغانغ غار،بوجود تقارير لحالات ختان أجريت في ظل ظروف صحية ليست جيدة ودون استخدام مخدر. لكنه يوضح أنها "حالات فردية ولا توجد لدينا إحصاءات بخصوص ذلك". وترفض الأكاديمية ختان الذكور دون تقديم سبب صحي مقنع. وعلى الرغم من أنها ليست قادرة على منعها، إلا أنها تطالب "بإجرائها تحت رقابة طبية وعدم التسبب في آلام عند الختان". لكن موضوع الخلو من الآلام إشكالي أيضاً، ذلك أن القانون يسمح بختان الأطفال دون سن النصف عام من قبل شخص توافق عليه الطائفة الدينية، أي الخاتن، وهو في العادة ليس طبيباً. وهذا يعني، حسب غار، أنه ليس مخولاً باستخدام أي تخدير.
من جهتها، تقتبس وزارة العدل أدلة على قدرة القانون على حماية رفاه الأطفال، مثل قانون المحكمة العليا في مدينة هام، الصادر في سبتمبر/ أيلول 2013، والذي حظر على أم كينية ختان ابنها البالغ من العمر ست سنوات، لأن أولياء الأمور والطبيب لم يناقشا الأمر مع الطفل مسبقاً ولأن الأب والأم لم يكونا على علم تام بالمخاطر التي تحيط بعملية الختان.
المحكمة الدستورية الألمانية كان عليها أيضاً النظر في قانون ختان الذكور، وذلك بناءاً على شكوى تقدم بها رجل تعرض للختان عندما كان في السادسة من عمره سنة 1991 على يد خاتن ليس طبيباً. لكن القضاة رفضوا الشكوى بحجة أن الرجل ليس مشمولاً في الوقت الراهن وبشكل مباشر بالقانون الجديد، وهذا يعني أن المحكمة لم تتطرق إلى نص القانون.