جنيف2..الخطوة الأولى في مشوار الألف ميل؟
١ فبراير ٢٠١٤افترق وفدا المعارضة السورية والنظام السوري من مؤتمر جنيف 2 دون التوصل إلى أية نتائج حاسمة، بعد ثمانية أيام من المباحثات بدأت في الثاني والعشرين من يناير/ كانون الثاني في مدينة مونترو السويسرية، الرامية إلى حل الصراع السوري، وحضرها وزراء خارجية العديد من دول العالم. ولكن على الأقل بقي المتفاوضون على طاولة المفاوضات حتى اليوم الأخير. وبعد أسبوع من ذلك من المحتمل أن يعودوا لاستكمال المباحثات في قاعة المفاوضات في جنيف.
مزاج متوتر و"تعبيرات قوية"
ومع ذلك لا يشعر الأخضر الإبراهيمي، المبعوث الأممي الخاص للشأن السوري، بعدم الرضى. وقال في نهاية المفاوضات إنها بداية يمكن البناء عليها رغم أجواء التوتر. وأضاف: "لقد كانت البداية صعبة، ولكن كل جانب من الجانبين اعتاد فيها على الجلوس مع الآخر والاستماع إلى الآخر، بل وكانت هناك لحظات تفهم فيها كل طرف مخاوف ومواقف الطرف الآخر". ورغم أن أعضاء الوفدين دخل في البداية إلى قاعة التفاوض من مداخل مختلفة وامتنعوا عن التقاط الصور معا ورغم استخدامهم ألفاظا تعبيرية قوية للغاية، قال الإبراهيمي في هذا السياق إنه "كان من المهم في البداية أن يعبر كل طرف عن مشاعرة وآماله ومخاوفه حتى وإن كان ذلك عبر تعبيرات قوية للغاية".
إذا كان الكلام من فضة، فالسكوت من ذهب
صحيح أن أعضاء الجانبين لم يتحدثوا بعضهم إلى بعض بشكل مباشر، لكنهم صمتوا معا دقيقة حداد على أرواح ضحايا الحرب السورية، التي قتل فيها أكثر من 100 ألف شخص (علما بأن الإحصاءات الدقيقة لم تتوفر بعد)، واضطر بسببها حوالي مليونين ونصف شخص إلى اللجوء إلى خارج سوريا، فيما نزح حوالي ستة ملايين ونصف المليون شخص داخل سوريا.
القاسم المشترك الأدنى
ثمة تقارير مستقلة عديدة، مثل تقرير لجنة التحقيق السورية في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، تحمل المسؤولية الأولى عن ضحايا جرائم الحرب ومعاناة السكان المدنيين تحميلا واضحا وصريحا لحكومة الأسد. ومع ذلك فهناك شبهات في أن تكون جماعات معينة مناوئة للنظام السوري قد ارتكبت جرائم حرب أيضا.
الوسيط الإبراهيمي يرى القاسم المشترك الأدنى بين النظام والمعارضة في البيان الختامي للاجتماع الأول الذي عقد في جنيف حول سوريا في يونيو/ حزيران 2012، والذي عبر فيه الطرفان عن الرغبة في وضع حد لأعمال العنف والتوصل إلى حل دائم للصراع، كما يقول الإبراهيمي.
فجوة بين الطرفين
في بيانهما الختاميين سارع الطرفان، كما هو متوقع، إلى تسليط الضوء على الفوارق بينهما وإظهار مدى الفجوة الكبيرة بينهما كخصمين. إذ لم يقل وزير الخارجية السوري وليد المعلم أية كلمة إيجابية، أمام الصحفيين، حول المحادثات أو حول الجانب الآخر. وأعرب عن "أسفه" لعدم التوصل إلى أية نتائج، محملا "الطرف الآخر" ، أي المعارضة، مسؤولية ذلك. وقال إن الطرف الآخر لم يرغب في الحديث إلا عن حكومة انتقالية. ورفض المعلم الاعتراف بأية شرعية لممثلي المعارضة قائلاً: "لا توجد معارضة معتدلة"، مضيفا: "توجد فقط جماعات إرهابية".
من جانبه أظهر وفد المعارضة السورية أيضا ميولا غير تصالحية، لكنه رأى في انعقاد المؤتمر "تقدما صغيرا" لصالح المعارضة عبر جلوس ممثلي المعارضة ولأول مرة على طاولة المحادثات مع الحكومة واضطرار الأخيرة لسماع مطالب المعارضين. فموقف الائتلاف السوري، أكبر كتلة سورية معارضة، تعزز بشكل واضح عبر دعوته إلى جنيف، كما يقول لؤي صافي المتحدث باسم الائتلاف. مضيفا أن ذلك ثمرة الكفاح ضد الأسد على الأراضي السورية، ومشددا على أنه "قد أصبح حقيقة واقعة أن النظام اضطر إلى الذهاب إلى جنيف للاستماع إلى المعارضة التي تمثل آمال وطموحات الشعب السوري".
ومن المقرر أن يستأنف وفدا الحكومة والمعارضة السوريان الاجتماع في جنيف ابتداء من 10 فبراير/ شباط 2014 في جولة ثانية من المباحثات التي تتضمن جدول أعمالها نقاطا ملموسة. ويبقى التساؤل حول إن كانت الجولة الثانية من مؤتمر جنيف 2 ستؤدي إلى نتائج ملموسة، طالما لم تقم حكومة الأسد بإجراءات إعادة الثقة أمام جميع الأطراف المشاركة في المؤتمر. ومن هذه الإجراءات: تسهيل دخول المساعدات الإنسانية في سوريا وتبادل المعتقلين ووقف إطلاق النار.
خلال الأيام الثمانية الأولى من مباحثات مؤتمر جنيف 2 قتل حوالي 1900 شخص على الأقل في سوريا، بحسب مصادر الأمم المتحدة. ويرى المبعوث الأممي الأخضر الإبراهيمي أن العمل على إحلال السلام في سوريا "سيتطلب للأسف الكثير من الوقت". ويبرز هنا التساؤل: كم سيسقط بعدُ من الضحايا في سوريا إلى حين التوصل إلى حل للصراع السوري؟