خبير عسكري: لا يمكن لدول الخليج الخروج عن الإرادة الأمريكية
١ مارس ٢٠١٨عادت روسيا مصدرة للسلاح لدول في الشرق الاوسط، وعادت الصورايخ الروسية للظهور في معارك سوريا واليمن ومناطق أخرى. الحديث اليوم حول بيع روسيا لدول في المنطقة منظومة الدفاع الجوي إس-400 المعروفة بامكاناتها الدفاعية الكبيرة. DW عربية أجرت الحوار التالي مع العميد هشام الجابر مدير مركز الشرق الأوسط للدراسات والأبحاث حول هذا الموضوع.
DW عربية: هل دخلت روسيا كمنافس للولايات المتحدة الامريكية في علاقاتها بدول الشرق الأوسط من خلال صفقات السلاح؟
العميد هشام الجابر: روسيا تحاول دخول منطقة الشرق الأوسط من سوق السلاح وتحاول منافسة الولايات المتحدة الأمريكية بكل ما لديها من قوة. روسيا استطاعت الحصول على صفقات تقدر بالمليارات في الشرق الأوسط لكنها لا تتعدى نسبة 10إلى 15% بالمائة مقارنة بصفقات السلاح الأمريكية.
وبيع السلاح ليس قضية تجارية ومالية واقتصادية فقط بل هناك تعاون عسكري وتدريبي مشترك بين ضباط من طرفي الاتفاقية وهناك خبراء روس سيدخلون هذه الدول بجانب قطع الغيار التي سيحتاجها هذا السلاح ما يجعل العملية مستمرة لا تتوقف عند البيع فقط. اذن المسألة قضية نفوذ ووجود روسي. أمريكا منزعجة للغاية وحاولت مرارا عرقلة هذه العقود بين حلفائها خاصة دول الخليج وبين روسيا .
ايران وتركيا عقدتا اتفاقيات مع روسيا للحصول على منظومة إس-400 وهي منظومة الدفاع الجوي الأحدث في العالم والاتفاق التركي تحديدا سبب انزعاجا أمريكيا وأوربيا لأنها عضو في الناتو لكنها لم تابه للضغوط الأمريكية. واليوم فإنّ 80% من تسليح دول الخليج هو أمريكي، وتترك 10 الى 15% بالمائة لدول مثل بريطانيا وفرنسا وروسيا تحاول الدخول لدول الخليج ضمن هذا المقدار الذي تركته الولايات المتحدة لغيرها لكن استمرار انزعاج الولايات المتحدة ظهر مؤخرا، (ولابد من الإشارة هنا إلى أنّ ) الملك السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز وقع اتفاقية خلال زيارته لموسكو قبل 10 سنوات بلغ حجمها 10 مليارات دولار لكن تعثر تنفيذ هذا العقد.
هل يمكن أن تغير دول عربية ميزان علاقاتها الخارجية على إثر اتفاقيات التسليح؟
لا يمكن القول بأن دول الخليج مثلا يمكنها الخروج عن الإرادة الأمريكية أبدا، فالسعودية اذا طلبت منها الولايات المتحدة ان توقف صفقاتها مع روسيا ستوقفها، وهناك مباحثات سعودية روسية على استلام صواريخ اس 400 لم تتم إلى الآن .
لكن وسائل إعلام سعودية قالت إن أولى الشحنات بدأت في الوصول، أي أن الاتفاق بدأ في السريان فعلياً؟
لست على علم بذلك وبصراحة فقد عرقلت أمريكا كثير من الصفقات التي تم إبرامها فعلياً، والخليج مرتبط مع أمريكا بصفقات سلاح هائلة ما يُمكن أمريكا من الضغط على هذه الدول ويكفي أن نذكر أنه إذا ما أوقفت أمريكا تزويد هذه الدول بقطع الغيار للسلاح فسيصبح هذا السلاح الذي تكلف شراؤه أموالاً طائلة بلا قيمة، ولذلك تقوم كل دولة بتنويع مصادر سلاحها حتى لا تقع تحت هذا الضغط. وفي الحالة السعودية يجب هنا انتظار أحد أمرين : إما أن تكون أمريكا قد وافقت بالفعل على صفقة تسليم إس-400 إلى السعودية أو أن يتعطل تنفيذ الاتفاق في الربع ساعة الأخير، فمثلاً هناك هبة روسية قدمت إلى لبنان عطلت حتى الآن منذ 5 سنوات بناء على طلب وضغط من الولايات المتحدة الأمريكية.
هل يمكن أن يكون سبب القلق الأمريكي هو أن هذه المنظمة الروسية ستعزز من قدرات دول تناوئ إسرائيل في الشرق الأوسط؟
صحيح، فأمريكا زودت دولاً مثل السعودية ودولاً خليجية اخرى بأسلحة متطورة جدا إلا أنها دون المستوى الذي تملكه إسرائيل، فهذه الدول لا تستطيع أن تتصدى لأي حرب محتملة مع إسرائيل وهذا أمر محسوم تماماً لأن الاتفاق بين واشنطن وتل أبيب أن تمتلك إسرائيل التفوق الجوي المطلق في المنطقة وهذه الأسلحة لديها قدرة على التصدي "للعدو المحتمل" والعدو المحتل الذي اقنعت به أمريكا دول الخليج ليس إسرائيل وإنما إيران لذلك تسمح إلى حد ما باعتبار التصدي لإيران أن تزود هذه الدول باسلحة متطورة.
هل هناك قلق إسرائيلي من منظومة إس-400 ؟
نعم وقد أبدت إسرائيل قلقها وسعت لعرقلة هذه الصفقة لأن هذه المنظومة يمكنها التصدي للطائرات الإسرائيلية مهما بلغ تفوقها لذلك مرة أخرى علينا الحذر فيمكن أن تتم هذه الصفقة مع السعودية ويمكن أن تعرقل بوسيلة أو بأخرى .
روسيا حليف لعدد من دول المنطقة، هل يمكن أن تؤثر اتفاقياتها العسكرية على هذه التحالفات؟
لإيران علاقات قوية مع روسيا وهي لا تخضع للضغوط الأمريكية وكذلك الجزائر التي لا تسير وفق المخطط الأمريكي لكن دول الخليج تخضع شئنا أم أبينا للإرادة الأمريكية وفي زيارة ترامب الأخيرة للسعودية تم توقيع صفقات تسليح بمبالغ هائلة وهذه الصفقات تلزم إلى حد ما المشتري أكثر مما تُلزم البائع، لكن تركيا هنا هي بيت القصيد فكيف أمكن لتركيا وهي عضو في حلف شمال الأطلنطي المقام أصلاً للتصدي لروسيا أن تقوم بالتعاون وعلى مستوى رفيع مع روسيا والتوقيع على صفقة صواريخ هي الأكثر تطوراً؟ السبب أن روسيا محبطة وعلاقاتها متردية مع الولايات المتحدة كما أن تركيا لا تخضع للولايات المتحدة كما تخضع دول الخليج، فتركيا أمة كبيرة لها أكثر من مقومات دولة عادية. إذن فالعلاقة العسكرية الروسية التركية المستجدة هي التي تزعج أمريكا بالدرجة الأولى خاصة وأن تركيا تمثل الجيش الأقوى بعد أمريكا في الحلف الأطلسي.
وماذا عن العراق؟
علمنا مؤخراً أن الولايات المتحدة تحاول بكل قواها عرقلة الاتفاق الروسي العراقي على منظومة إس-400 فهل تنجح. لا أحد يعلم؟.
أجرى الحوار: إسماعيل عزام وعماد الدين حسن