خروقات لحرية الرأي في المنطقة الكردية بسوريا
١٧ يناير ٢٠١٦في الرابع من الشهر الجاري (كانون الثاني/ يناير 2016) تداول نشطاء ومدونون من اكراد سوريا، صورة لمراسل موقع "يكيتي ميديا" جنكين عليكو وهو مغمى عليه، على فراش بأحد المستشفيات. ويتضح من الصورة أنه تعرض لكسور بالأطراف ولكدمات، كما قطع أحد أصابعه. وأثارت الحادثة موجة من الاستياء وسريعا ما تحولت الى مادة تشغل الصحف الكردية المحلية ومواقع التواصل الاجتماعي.
جنكين الشاب البالغ من العمر (23 سنة) يعمل مع الموقع الرسمي لحزب يكيتي الكردي في سوريا "يكيتي ميديا"، المعارض لسياسات حزب الاتحاد الديمقراطي والإدارة الكردية الديمقراطية، التي اعلنها الحزب بالتحالف مع قوى عربية ومسيحية بداية عام 2014 في المناطق ذات الغالبية الكردية شمال شرق سوريا.
نفي اتهامات
يروي جنكين أنه كان متجهاً يوم الحادثة الى مقر المجلس المحلي ببلدة الدرباسية التي تبعد نحو 40 كلم غربي مدينة القامشلي، عندما اعترضت طريقه حافلة تابعة لقوات الآساييش- وهي الشرطة المحلية التابعة للإدارة الذاتية- حيث خرج منها مجموعة أشخاص ملثمين "كانوا يحملون أسلحة كلاشينكوف ويرتدون زي الآساييش وأدخلوني عنوةً الى السيارة أمام أعين المارة"، كما يقول.
خلال لقاء له مع DWعربية، ذكر جنكين أن "الملثمين قاموا بتغطية وجهي وعصبوا عيني، وبعد دقائق قليلة نقلوني لسيارة ثانية اتجهت بي لخارج البلدة"، وذكر أن أولئك الأشخاص دفعوا به على الأرض كما قام أربعة رجال بزي مدني بالاعتداء عليه وأضاف: "ضربوني بأنابيب حديدية على رجلي ويدي وهم يدخنون، ثم سرقوا كل ما كان لدي"، قبل مغادرتهم للمكان قال أحدهم: "لن تحتاج لهذه الأشياء بعد أن تصبح جثة هامدة".
قوات الآساييش نفت مسؤوليتها في ذلك، وجاء في بيان لها بعد الحادثة: "لا يمكن لقوات الآساييش ارتكاب مثل هذه الأفعال كونها موقعة على اتفاقية نداء جنيف حول حماية المدنيين وضحايا النزاع المسلح"
وقد أصدر اتحاد الصحفيين السوريين الكُرد (وهي منظمة كردية محلية) تقريره السنوي بداية العام الجاري، وثق فيه "شهادة أحد الصحفيين الذي تم الاعتداء عليه بالضرب، فيما كانت حالات الاعتقال تشكل العدد الكبير من بين الحالات السبع المسجلة".
ضغوط واعتقالات
خلال حديثها مع DWعربية، ذكرت سلوى سليمان رئيسة الاتحاد، انه استناداً لما تم توثيقه عام 2015 من انتهاكات، "فقد ارتفع عدد حالات الاعتقال من طرف السلطات الكردية بنسبة 50 بالمائة مقارنة مع عام 2014 ، كما سجّل الاتحاد سبع حالات اعتقال، إضافة إلى حالة واحدة بالضرب".
وتعرّض مراسل إذاعة (ARTA F.M) آلاف حسين، للضرب على يد موالين لحزب الاتحاد الديمقراطي يوم 20/11/2015، أثناء تغطيته مظاهرة للمجلس الوطني الكردي المناهض لـلحزب في مدينة الحسكة.
واشارت سلوى سليمان ان ما يتعرض له الصحفيون والاعتداء عليهم "ناتج عن تصاعد حدة الصراع السياسي بين حزب الاتحاد والمجلس الكردي ورفض الأخير تفرّد الأول بإدارة المنطقة الكردية".
بينما تعرض الصحافي عامر مراد مدير تحرير راديو (هيفي إف إم) وهي إذاعة كردية محلية، للاعتقال لمدة أسبوع حيث وجهت له تهمة الاشتباه بالإرهاب.
وفي مقابلته مع DWعربية، شرح عامر ملابسات اعتقاله والتهم الموجهة إليه وقال: "اعتقلت على خلفية تهمة اختراق صفحة الإذاعة ونشر خبر كاذب". وقد تجلى الخبر في الإعلان عن مقتل القائد العام لقوات الآسايش جوان ابراهيم. وكان ذلك كافيا لتوجيه تهمة الاشتباه بالإرهاب" مضيفا أنه بالنسبة للمحققين فقد تؤدي تصريحاتي إلى تحقيق " أهداف تنظيم داعش وبالتالي فقد تحطم معنويات مقاتلي الوحدات الكرية، وتخلق حالة من الفوضى".
كان عامر قد اعتقل من طرف النظام السوري عام 2003 على خلفية عمله الصحافي، حيث حكمت عليه محكمة امن الدولة العليا بدمشق بخمس سنوات سجن، ثم تم تخفيفها لسنة.
وتعرض عامر للاعتقال مجدداً من طرف الادارة الذاتية نهاية العام الماضي، حيث قضى أسبوعا في التحقيق معه، ويقول عن تجربته الثانية مع الاعتقال: "بالتأكيد كان هناك اختلاف كبير بين الاعتقالين؛ فعندما اعتقلني النظام قام بتعذيبي وبقيت بزنزانة انفرادية طيلة مدة سجني"، بينما كان التعامل لدى سلطات الادارة الذاتية مختلفاً: "تم التحقيق معي بدون تعذيب وقد برأني القاضي وأخلا سبيلي بعد تقديم الأدلة".
قمع الصحفيين
وتأتي المضايقات في ظروف عمل صعبة للعاملين في القطاع الإعلامي هناك، حيث لقي الصحافي الميداني "باهوز حوران" مصرعه، أثناء تغطيته للمعارك الدائرة بين وحدات حماية الشعب الكردية، وتنظيم الدولة الإسلامية في 1/1/2015 بمدينة كوباني (عين العرب) . كما سحبت مديرية الإعلام التابعة للإدارة الذاتية في الخامس من شهر اب (أغسطس) الماضي، رخصة عمل مكاتب قناتي روداو الكردية وفضائية الأورينت، كما منع مراسلوها من ممارسة عملهم داخل المناطق الكردية. وطالبت عائلة الصحافي كولال حسين لياني مراسل قناة الاورينت الذي اعتقل بتاريخ (29/11/2015) وأخذ إلى الخدمة العسكرية، بالافراج عن ابنها وإعادة النظر بقرار تجنيده ومراعاة وضعه الصحي والمهني.
ويحكي الناشط الاعلامي شاهين شيخ علي والذي كان برفقة صديقه المتوفى باهوز خلال قيامه بعمله الصحفي، قائلا: "يومها كنا اربعة اشخاص ذاهبين لتغطية معارك الجبهة الشرقية ببلدة كوباني"، وكانت المعارك محتدمة بعد ان ارسل التنظيم عدة سيارات مفخخة، وأضاف: "اخترق اربعة عناصر من التنظيم مواقع المقاتلين الاكراد وكان باهوز متواجداً بنقطة التماس، وفجر انتحاري نفسه فقتل باهوز وكل من كان متواجداً في تلك النقطة".