سنة أولى ثورة ـ آمال المصريين وتوقعاتهم
٢٤ يناير ٢٠١٢بفضل الثورة عقد مجلس الشعب المصري المنتخب أولى جلساته فيما احتشد ألوف المصريين أمام بناية المجلس مطالبين أعضاءه بضرورة الحفاظ على مدنية الدولة وتحقيق أهداف الثورة. جلسة المجلس الأولى كانت إدارية تنظيمية حيث ردد أعضاؤه اليمين الدستورية، لكن التباين في الرؤى السياسية انعكس بوضوح على طريقة ترديد الأعضاء لليمين.
تفاؤل في الداخل وترقب في الخارج
التعبير المصري الشائع اليوم في وصف الثورة هو "سنة أولى ثورة" يدل في إيحاءاته المستقاة من الحس الشعبي لهذه العبارة على أنها ثورة فتية (مثل تلميذ في سنته الأولى في المدرسة)، وهذا وصف ينبئ باحتمال وقوع أخطاء لكنه يشير أيضا لضرورة الصفح لأن الخطأ سبيل التعلم.
يبدو أن الكثير من المصريين ينظرون بتفاؤل إلى ثورتهم، أما غير المصريين فقد تكون لهم تصورات أخرى عن الثورة ومصر بعد الثورة. وفي هذا الاتجاه تحدث الصحفي فولكهارد فيندفور مدير مكتب مجلة دير شبيغل في القاهرة إلى دويتشه فيله مشيرا إلى أن "الجلسة الأولى لمجلس الشعب المنتخب حسب القواعد الديمقراطية هي ثمرة الثورة، ومن المنتظر أن تسير مصر قدما في طريق تطبيق الآليات الديمقراطية المتعارف عليها في العالم". الصحفي الألماني فيندفور استدرك ضاحكا بالقول "الثورة ونتائجها لم يكن يتوقعها المصريون أنفسهم ولم تتوقعها أوروبا ولا العالم العربي".
الشرعية بين الثورة وصناديق الاقتراع
ربما مثلت الحشود التي أحاطت بمجلس الشعب المصري اليوم إلى حد ما تنوع المشهد السياسي في هذا البلد. فقد ضمت خمس مسيرات بينها مسيرة لأسر الشهداء والمصابين، ومسيرة للفنانين والمثقفين والإعلاميين نظمتها جبهة المبدعين المصريين، بينما ظهرت في محيط المبنى حيث تنعقد الجلسة الأولى حشود أمنية من قوات الجيش والشرطة ساندها متطوعون ينتمون في اغلبهم للتيار الإسلامي.
ويرجح كثير من المراقبين سيطرة القوى الإسلامية على مقاليد الحكم في مصر. ويخالف فيندفور هذا الرأي ويرى أن "ليس من المؤكد على الإطلاق إذا كان السلفيون على استعداد للمشاركة مع الأخوان المسلمين في حكومة إسلامية موحدة، وهناك كثيرون يشككون في هذا الموضوع لاختلاف مواقف القوتين حيال القضايا الجوهرية".
فيندفور أكد حقيقة أن الانتخابات هي التي أوصلت الإخوان المسلمين إلى هذه النتائج، لكنه عاد ليقول "شباب الثورة الذين ضحوا بحياتهم وقتل منهم 850 شخصا، مصرون على أن يصلوا إلى تمثيل برلماني وسياسي بحجم تضحياتهم، أي أكثر من مجرد ثمانية نواب يمثلونهم الآن في المجلس المكون من 498 عضوا، من هنا أعتقد أن المستقبل سيشهد جدلا قد يصل إلى حد الصدامات بين من يتحدثون عن الشرعية الثورية وبين الأحزاب التي حصدت أغلبية الأصوات في الانتخابات".
ولا يريد الصحفي الألماني الذي عاش وعمل في القاهرة أكثر من أربعين عاما أن يحدد في هذا الوقت المبكر ملامح المشهد النهائية ويفضّل أن يقول "أعتقد أن الصورة لم تتضح بعد، والسنوات الأربع القادمة- حتى موعد الانتخابات المقبلة- ستشهد كثير من التطورات والتغييرات والصراع السياسي، كم أن هناك انتخابات مجلس الشورى، وهناك انتخابات رئاسة الجمهورية وتحديد صلاحياته، وأسئلة في فضاء الخيار بين نظام رئاسي أم برلماني أم نظام وسطي كما هو الحال في فرنسا، وكل هذه الاحتمالات والأسئلة لا يمكن حلها في وقت وجيز في بلد يبني نفسه".
مصر وإسرائيل: سلام دائم أم غير ذلك؟
مستقبل علاقة مصر بإسرائيل موضوع يشغل كثيرين، في طليعتهم بالطبع إسرائيل التي تبدو مهتمة بهذا الموضوع أكثر من مصر المشغولة بتغيرات ما بعد الثورة. ويتوقع مراقبون إسرائيليون ومراقبون آخرون أن تهتز هذه العلاقة في المرحلة المقبلة، لكن مدير مكتب دير شبيغل لا يتفق مع هذه المخاوف ويرى أن "العلاقة في جوهرها لن تتغير رغم الأصوات والشعارات المرفوعة التي تطالب بإلغاء أو تعديل اتفاقية السلام بين مصر وبين إسرائيل، ولكني أعتقد أن أصحاب القرار المنتخبين في مصر- بغض النظر عن المجلس العسكري-لا يصدر عنهم أي مؤشر على أن العلاقات مع إسرائيل سوف تتغير في المستقبل المنظور".
ملهم الملائكة
مراجعة: حسن زنيند