سوريا - بعد جنيف 2 تشكك لدى المواطنين من نتائج الجولة المقبلة
٩ فبراير ٢٠١٤ما كانت سارة وأطفالها الأربعة يعتقدون أن المؤتمر الذي انتظروه بفارغ الصبر سينتهي دون تحقيق أي نتائج تذكر. العائلة كانت من أشد المتفائلين بنجاح الحل السياسي وبالتوصل إلى تسوية لإطلاق سراح المعتقلين. فرب العائلة تم اعتقاله من قبل السلطات الأمنية منذ ما يزيد عن عام ونصف العام، وشأنها في ذلك شأن الكثير من أهالي المعتقلين الذين عقدوا آمالا كثيرة على هذا المؤتمر.
"إنها مجرد مسرحية هزلية لإشغال العالم عما يحدث في الداخل"، هكذا وصفت سارة لـDWعربية جولة المفاوضات في جنيف. وتضيف قائلة: " لقد انشغل كلا الطرفين بتبادل الاتهامات والتهجم على بعضهما البعض وابتعدا عن مناقشة الأمور الجوهرية التي تمس معاناتنا، نحن السوريين". كما نقلت سارة لـDWعربية خيبة أمل زوجها المعتقل الذي تواظب على زيارته أسبوعيا في سجن عدرا المركزي بعد أن تم نقله من إحدى الأفرع الأمنية في دمشق، وتقول: "زوجي ورفاقه في المعتقل كانوا يترقبون بشدة هذا المؤتمر، عسى أن يخرج بأي اتفاق بشأنهم. كانوا حريصين على متابعة جميع الجلسات والمؤتمرات الصحفية التي كانت تعرض على القنوات الرسمية فقط والتي يسمح بمشاهدتها داخل هذا المعتقل، إلا أنهم أصيبوا بخيبة أمل". والسبب في ذلك كما تنقل سارة عن زوجها "لأأن النظام رفض رفع الحصار عن سكان حمص القديمة وريف دمشق خلال الجولة الأولى. فكيف يوافق على تسوية يتخلى فيها في الجولة الثانية عن ورقته الرابحة، أي المعتقلين تحت قبضته في السجون ".
مؤتمر لم ينعكس على أرض الواقع
على الرغم من الضجة الإعلامية الكبيرة التي حظيت بها الجولة الأولى من مؤتمر جنيف 2 إلا أنها لم تستطع التغطية على ضجيج المدافع وصدى الاشتباكات على أطراف مدينة دمشق، "فمنذ اللحظة الأولى لانطلاق هذه المفاوضات لم يلاحظ السوريون أي تغيير على الأرض"، على حد تعبير مازن وهو طالب في كلية الحقوق. ويضيف مازن لـ DWعربية "بل على العكس، فقد ازدادت وتيرة الاشتباكات والمعارك بين الطرفين، علاوة على البراميل المتفجرة التي كانت تلقى على بلدة داريا أثناء انعقاد جلسات التفاوض، وهو تطور خطير على الأرض".
أما عمر، وهو صحفي يعمل في إحدى الإذاعات المعارضة فلم يتوقع أساسا الخروج بأي نتيجة من ذلك المؤتمر. والسبب في رأيه هو "أن ذهاب المعارضة التي تمثلت في الائتلاف كان خطأ بحد ذاته، لأنه هذا الأخير ليس له مقدار من القوة يخول له الجلوس على طاولة مفاوضات يتحكم فيها صاحب القوة الأكبر. فالنظام لم يكن مضطرا لتقديم أية تنازلات طالما لم يتم إخضاعه بالرصاص والحديد، سواء من جهة المعارضة خاصة أو من طرف المجتمع الدولي عامة، وبات من العبث الاستمرار في الجولة الثانية على هذا النحو، حيث إن النظام سيكسب بذلك مزيدا من الوقت لقتل السوريين".
ويؤيد أحمد، الذي يعمل في إحدى الجهات الإغاثية، الصحفي عمر في رأيه ويقول: "مشكلة المعارضة الأزلية هي انفكاكها عن الأرضية، فهي لا تتحكم إلا بشكل بسيط على بعض الكتائب والجهات الإغاثية التي تدعمها". ويضيف ساخرا "لو بعثوا لنا بالتكلفة المالية لهذا المؤتمر لقمنا بإطعام البطون الجائعة في حمص القديمة وريف دمشق بشكل أفضل".
مواقف بين التشاؤم والتفاؤل
تنوعت آراء الشارع الدمشقي وتباينت ردود أفعاله حول نتائج الجولة الأولى من مفاوضات جنيف 2. وعلى الرغم من وجود عدد من المؤيدين للموقف المتشائم من جدوى الاستمرار في الجولة الثانية، فهناك العديد ممن يخالفون هذا الرأي، كما يتضح ذلك من تصريحاتهم ل DW /عربية. السيدة عبير، وهي مهندسة في إحدى مؤسسات القطاع العام، تعتقد أنه "من السابق لأوانه الحكم على نتائج المؤتمر من خلال الجولة الأولى، فهناك الجولة الثانية من المفاوضات التي قد تغير مسار المؤتمر وتخرج بنتائج فعلية لصالح السوريين".
أما السيد علي، وهو زميل عبير في نفس المؤسسة، فقد وصف الجولة الأولى "بالجولة الرابحة لصالح النظام" ويقول: "لقد كانت نتائج الجلسة الأولى إيجابية جدا على الأقل من جهة النظام. فوفد النظام يعي جيدا المؤامرة التي تحاك ضد السوريين، ولن تستطيع المعارضة التي تمثل الإرهابيين أخذ أية تنازلات سياسية، وهو الأمر الذي عجزت عن الحصول عليه بالقوة، وعلى وفد النظام أن يستمر في موقفه الثابت حتى في الجولة الثانية". في حين يهتم عبد الرحمن، وهو أب لخمسة أطفال بالنتائج السياسية للمؤتمر بقدر اهتمامه بهبوط سعر الليرة الذي كان متوقعا مع بداية انعقاد المؤتمر، حيث يصرح ساخرا "الحمد لله، انتهت الجولة الأولى دون خسائر تذكر على جيب المواطن السوري، الله يساعدنا على الجولة الثانية".