علامات استفهام تحيط بزيارة أولمرت الأولى إلى واشنطن
٢٢ مايو ٢٠٠٦بدأ رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود أولمرت أمس الأحد أول زيارة له إلى واشنطن بعد فوزه في الانتخابات البرلمانية الأخيرة. ومن المتوقع أن يعرض أولمرت على الرئيس الامريكي جورج بوش خطته الشاملة الخاصة بالانسحاب أحادي الجانب من الضفة الغربية إضافة إلى بحث الأزمة النووية الإيرانية. وفي الوقت الذي مازالت فيه خطة أولمرت في مهدها، وفي ظل تراجع أمال التوصل إلى حل سلمي مع الفلسطينيين مع وصول حركة حماس للحكم في مارس / آذار فانه من المستبعد الوصول لقرارات مهمة خلال الزيارة التي تستمر أربعة أيام. وتأتي الزيارة في ظل تراجع مكانة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على سلم أولويات جدول الأعمال الأمريكي، حيث يواجه الرئيس الأمريكي تدهورا كبيرا في شعبيته داخل الولايات المتحدة بسبب التحديات المستمرة في العراق والموضوع النووي الإيراني.
أجندة الزيارة
وفقاً لآراء المراقبين فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي سيحاول في واشنطن إقامة علاقة مميزة مع الرئيس الاميركي، الذي لا يمكنه الاستغناء عن دعمه لرسم حدود إسرائيل. كما سيسعى اولمرت إلى ترسيخ علاقات الثقة التي نجح رئيس الوزراء السابق ارييل شارون في إقامتها مع الحليف الاميركي. وستكون هذه الزيارة الأولى لاولمرت (61 عاما) إلى الخارج بصفته رئيسا للحكومة بعد فوز حزبه كاديما (وسط) في الانتخابات التشريعية التي جرت في 28 آذار/مارس الماضي. وسبق أن التقى الرجلان مرة واحدة في عام 1998 خلال زيارة قام بها بوش إلى القدس عندما كان حاكما لولاية تكساس. وفي غضون ذلك أكد مصدر قريب من أولمرت ان "البرنامج النووي الإيراني الذي يهدد العالم ودعم طهران للمنظمات الإرهابية سيشكلان الموضوعين الرئيسيين للقاء. وتتهم إسرائيل إيران بالسعي لامتلاك أسلحة نووية تحت غطاء برنامج نووي مدني وهو ما تنفيه طهران رسميا. وقد تعززت مخاوف الدولة العبرية بعد إعلان إيران أنها نجحت في تخصيب اليورانيوم والتصريحات المتكررة لرئيسها محمود احمدي نجاد ضدها.
خوف من معارضة خطة الفصل
فضلا عن ذلك قال مسئولون في مكتب رئيس الوزراء أن اولمرت يأمل في إقناع الاميركيين بان إسرائيل مستعدة لمفاوضات مع الفلسطينيين "خوفا من معارضة واشنطن لإجراءات أحادية الجانب". وعلى المدى البعيد يأمل اولمرت في الحصول على دعم اميركي لخطته التي تقضي بانسحاب جزئي وأحادي الجانب من الضفة الغربية مع الابقاء على كتل استيطانية فيها بعد ان تبين أن هذا الدعم لا غنى عنه لإنجاز الانسحاب من قطاع غزة في أيلول/سبتمبر 2005.
لكن مصادر إسرائيلية واميركية متطابقة ذكرت ان دعما من هذا النوع غير وارد في المرحلة الحالية، لان الولايات المتحدة تصر على اتفاق تفاوضي في إطار "خارطة الطريق"، وهى آخر خطة دولية لإحلال السلام بقيت حبرا على ورق حتى الآن. وتقضي هذه الخطة التي ترعاها اللجنة الرباعية (الولايات المتحدة والأمم المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي) بتسوية على مراحل كان يفترض ان تفضي الى اقامة دولة فلسطينية في 2005 بعد وقف العنف ونزع أسلحة الناشطين الفلسطينيين وتجميد الاستيطان الإسرائيلي. وترى إسرائيل ان "خارطة الطريق" غير قابلة للتطبيق خصوصا بعد تولي حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي لم تتخل عن العمل المسلح ولا تعترف بالدولة العبرية.
من جانبه قال وزير العدل الإسرائيلي حاييم رامون أخيرا: "رئيس الوزراء سيؤكد مجددا أن إسرائيل تفضل تسوية تفاوضية شرط أن يحترم الفلسطينيون التزاماتهم وان كانت فرص تحقيق ذلك ضئيلة". ورأى انه في حال فشل هذه المحاولة خلال ستة اشهر أو سنة "ستدرك الولايات المتحدة ودول أخرى ان إسرائيل لا خيار آخر لديها غير رسم حدودها من جانب واحد". لكن مصدر دبلوماسي اميركي أكد ان واشنطن لن تدعم خطة أحادية الجانب ما لم تستنفد كل فرص المفاوضات. وقال ان "انسحابا إسرائيليا أحادي الجانب سيشكل ضربة قاضية لخارطة الطريق وهو امر لا يقبله الرئيس بوش".
تساؤلات أمريكية
وفيما يتعلق بالجانب الاميركي، قال مسئول كبير في إدارة بوش طلب عدم الكشف عن هويته إن "ما يريد الرئيس معرفته حقا، هو ما يفكر فيه أولمرت" مؤكدا أن "الهدف الرئيسي لهذه الزيارة هو التعارف بين المسئولين والتفاهم بشكل أفضل". إلا انه أكد أن خطة اولمرت تثير تساؤلات كثيرة في واشنطن، منها مسائل امن الحدود مع الاردن وامن المواقع الدينية الواقعة خارج الجدار الذي تبنيه اسرائيل ومسار هذا الجدار ووضعه القانوني. وأضاف "ثمة عشرة أسئلة تقريبا او حتى عشرين سؤالا يفترض بالإسرائيليين ان يطرحوها على أنفسهم ولم يجدوا أجوبة عليها بعد". وستطلب واشنطن دعم اولمرت للآلية المالية الدولية التي كلف الاتحاد الأوروبي وضعها من اجل إيصال المساعدات الى الفلسطينيين من دون المرور بحكومة حركة حماس التي يعتبرها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة منظمة إرهابية.
....و"مفهوم ديناميكي لخطة الإنفصال"
وفي واشنطن قال مسئول في الإدارة الامريكية إن بوش لا يعتزم تبني موقف خلال الاجتماع الذي يضم الزعيمين يوم الثلاثاء. لكنه سيبدأ دراسة ما إذا كانت خطة أولمرت ملائمة للرغبة الامريكية في عدم التأثير على نتائج محادثات الوضع النهائي. وفي مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز يوم الخميس وصف أولمرت اقتراحه بأنه "مفهوم ديناميكي" يستلزم إعدادا وتنسيقا مع الولايات المتحدة ووسطاء السلام الآخرين في الشرق الأوسط. وأضاف قبيل الزيارة "لا أعتقد أننا سنغير الأشياء في في المستقبل دون التحدث مع الفلسطينيين."
دويتشه فيله/ وكالات