عندما يتحول الجري إلى وسيلة لتغيير المجتمع
٣٠ مايو ٢٠١٤"كايرو رنرز"، هي أول فرقة من نوعها لمسابقات رياضة الجري في مصر، لكن الجديد في الموضوع أنها تقيم هذه المسابقات في شوارع القاهرة، على غير العادة، وتنظم هذه المسابقات أسبوعيا لتجوب مناطق مختلفة من المدينة، رغبة في تحفيز المشاركين واجتذاب المزيد منهم، الذين كانوا ومازالوا يحلمون بالمشاركة في ماراثون للجري، وربما إكماله والفوز به. ولا تقتصر المشاركة فقط على الشباب، بل أيضا جميع أفراد الأسرة من أطفال وكبار، فالهدف ليس فقط ممارسة الرياضة، ولكن تحفيز المشاركة الأسرية فى نشاط رياضي مشترك، وتكوين صداقات جديدة.
تجربة عاطفية قادت لولادة التجمع
بدأت الفكرة، كما يرويها إبراهيم صفوت مؤسس كايرو رنرز لـDW عربية، كتجربة شخصية له عندما قرر البدء في ممارسة رياضة الجري، ليس لأنه يحبها، ولكن لأنه أراد تخفيض وزنه حتى ينال إعجاب الفتاة التى كان يحبها، لكن ذلك الشعور الغريب الذى شعر به بعد أول تمرين جري، ورغم الإرهاق الشديد، كان على حد قوله لا يوصف، فهو لا يعرف تحديدا ما إذا كان شعورا بالإنتعاش، أو بالحماس، أو حتى بالنشاط، لكنه على كل الأحوال كان سعيدا جدا بعدها.
ورغم فشل تجربته العاطفية، لم يتوقف إبراهيم عن ممارسة الجري، بل على العكس، فكر فى تعميم تجربته وإنشاء فرقة لهواة ومحبى الجري، هدفها الأساسي إعداد وتأهيل المشتركين بدنيا للجري لمسافة 21 كم، والتى تعادل نصف ماراثون، وذلك من خلال البدء تدريجيا بالجري لمسافات 4 كم في أول مرة، ثم 6 كم في الثانية، ثم 8 كم في الثالثة، وهكذا حتى الوصول لـ21 كم، وهو الحدث الرئيسي، حيث يتم تقسيم سباق النصف ماراثون إلى ثلاث مراحل، 1 كم للأسر والأطفال، 7 كم للذين مازالوا غير مؤهلين بدنيا، ثم 21 كم، سباق النصف ماراثون، وهو ما ينتظره الجميع.
إضافة بعد جديد
يقول إبراهيم في تصريحات لـDW عربية: "كايرو رنرز ليس الهدف منها فقط التحفيز على ممارسة الجري، لكن أيضا إضافة بعد اجتماعي للتأكيد على أهمية مبادئ التضامن والمشاركة المجتمعية، لذلك قررنا أن تكون المشاركة فى مسابقة الـ21 كم (أي النصف ماراثون)، عن طريق دفع رسوم للاشتراك، يذهب نصف عائداتها لإحدى الجمعيات الخيرية، والنصف الآخر يستخدم لتغطية مصاريف التنظيم ودفع مبالغ رمزية للمتطوعين. لذلك فكل خطوة يخطوها أي من المتسابقين أثناء الماراثون قد تساهم في مساعدة فقير، أو بناء مدرسة أو مستشفى، أو غيرها من الأعمال التى تؤدي بشكل مباشر لتحسين الظروف المعيشية لأفراد المجتمع".
وبالإضافة إلى ذلك، كما يذكر إبراهيم: "قمنا مؤخرا بتنظيم سباق اشترك فيه أبطال أولمبيون من ذوي الاحتياجات الخاصة وبعض من مرضى التوحد، وسباق آخر للأطفال لمسافة 1 كم بإحدى المناطق الشعبية بحي منشأة ناصر، تم خلالها إقامة بعض الأنشطة الترفيهية وتوزيع العصائر والوجبات، وكان التفاعل من جانب الأطفال رائعا، وتلك الابتسامة التى ارتسمت على وجوههم جعلتنا نخطط لتكرار التجربة في المناطق الأخرى".
قصص ومشاركات طريفة
يحكي إبراهيم قصة فتاة اسمها نبيلة، تعرضت لحادث أثّر على قدرتها على الحركة، حتى أنها أصبحت تواجه صعوبة في المشي، ولم تستطع أن تنضم للفرقة نظرا لحالتها الصحية، ورغم ذلك فإنها لم تيأس، وذهبت للطبيب الذي أخبرها بصعوبة شفائها، وأنها تحتاج إلى إجراء عملية جراحية قد تحسن من حالتها، وأجرت نبيلة العملية وبالفعل بدأت حالتها فى التحسن، فرغبتها الشديدة للإنضمام للفرقة كان دافع قويا لها، والآن أصبحت نبيلة عضوا في كايرو رنرز وتشارك بانتظام في المسابقات.
كما شهدت الفرقة مشاركة الإعلامى باسم يوسف بإحدى سباقات نصف الماراثون، والذى أعجب كثيرا بالفكرة، وكذلك محمد الصاوي مؤسس ساقية الصاوي الشهيرة، والذى قال عن "كايرو رنرز" إنها تمثل البداية الحقيقية للرياضة في مصر.
تحديات وطموحات
إيجاد مصادر للتمويل هى واحدة من أهم التحديات التى تواجه "كايرو رنرز"، فالقائمين على الفرقة يواجهون الكثير من الصعوبات من أجل العثور على المزيد من الرعاة وإقناعهم بتمويل أنشطتها، سعيا منهم للتوسع فى تنظيم وإقامة السباقات في المحافظات والمدن الأخرى. كما أن هناك صعوبات أخرى تتعلق باشتراطات خاصة لبعض الرعاة، منها اشتراط أحد الرعاة بتوزيع مشروبات غازية بجانب العصائرعلى المتسابقين، الأمر الذي ترفضه إدارة الفرقة تماما، لحرصها على تزويد المتسابقين بمنتجات صحية.
وعن الطموحات والخطط المستقبلية يقول إبراهيم صفوت: "نحلم أن تكون كايرو رنرز فرقة لمحبي رياضة الجري في جميع مدن مصر، وليس القاهرة فقط، يشارك فيها ويتفاعل معها مختلف شرائح المجتمع، بالإضافة إلى تنظيم سباق دولي سنوى كـ"ماراثون القاهرة الدولي" تخصص عائداته للمشروعات الخيرية والتنموية فى مصر. لدينا الكثير من الأفكار والطموحات التي من شأنها أن تجعل مصر تخطو نحو الأفضل".