عودة السياح الألمان إلى مصرـ ماذا يقول الخبراء وصناع القرار؟
٢٩ أبريل ٢٠٢٠. أقوى مؤشرات الأزمة ـ الأهرامات المغلقة
. السياحة في قلب الشراكة الألمانية المصرية
. مستثمر ألماني بالغردقة: السياح سيعودون قريبا
. دعوات للتخفيف من إجراءات سفر الألمان
. قلق برلين من سباق أوروبي خفي لرفع قيود السفر
. رفع العزل في ألمانيا ـ إجماع على الحذر والتريث
. مصري يستحوذ على حصة الأسد بسوق السياحة الألمانية
أقوى مؤشرات الأزمة ـ الأهرامات المغلقة
في سياق تداعيات ثورة يناير وانهيار السياحة المصرية، كتب ألن بوسنه من القاهرة قبل خمسة أعوام تقريرا لموقع "فيلت" الألماني بدأه بما يلي "من يأتي منكم لمصر الآن، فسيتسنى له زيارة الأهراماتلوحده". السياحة في مصر تمكنت بعدها من الإقلاع وجذبت ما لا يقل عن 13 مليون سائح عام 2019، هذا الزخم توقف بغتة دون سابق إنذار. والمفارقة أن الأهرامات مغلقة اليوم أمام السياح جماعة وفرادى. وليس بوسع أحد زيارتها ليس لأسباب أمنية ولكن بسبب جائحة كورونا.
منابر إعلامية ألمانية عديدة أنجزت تغطية مفصلة عن السياحة المصرية، من زاوية الصناعة السياحية في ألمانيا. شبكة "أ.إر.دي" نشرت تقريرا لمراسلتها أنا آلميلينغ يوم (21 أبريل / نيسان 2020) رسم صورا سريالية للأهرامات المغلقة ورحلات السفن السياحية المعلقة ناهيك عن الشواطئ الفارغة في شرم الشيخ والغردقة. آلميلينغ وصفت مشاهد المقاهي والمتاجر المغلقة في خان الخليلي في القاهرة واستكشفت أوضاع التجار الذين يحاربون الملل، مجمعين على أن هذه الأزمة غير مسبوقة على الإطلاق. اعتبروها أسوأ من حرب الخليج والهجوم على الأقصر في التسعينات. وكشف هؤلاء أن الصناعة السياحية المصرية تتكبد خسائر بحوالي مليار دولار شهريا، لأن الأزمة لا تؤثر على الفنادق ومتعهدي الرحلات السياحية فقط، ولكنها تؤثر أيضا على المطاعم وسائقي الأجرة وقطاع الصناعة التقليدية.
السياحة في قلب الشراكة الألمانية المصرية
تعتبر مصر من أهم شركاء ألمانيا في الشرق الوسط بحجم مبادلات قدره 4.5 مليار يورو (عام 2019). كما تأتي ألمانيا كثاني شريك اقتصادي لمصر بعد جمهورية الصين الشعبية. ومثلت مصر دوما مركز جذب للسياح الألمان الذين بلغ عددهم العام الماضي ما لا يقل عن 1.8 مليون شخص حسب موقع وزارة الخارجية الألمانية.
الحكومة المصرية وضعت صناعة السياحة في قلب "رؤية 2030" التي تسعى لتعزيز نمو اقتصادي مستدام. وتساهم السياحة بحوالي 11 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لمصر وتستقطب نحو تسعة بالمائة من العمالة. وكانت الدوائر الرسمية المصرية تتوقع قدرة السياحة على خلق ما لا يقل عن 800 ألف وظيفة جديدة على مدى السنوات العشر المقبلة. وكتب كريستوف سيدوف في موقع "شبيغل أولاين" (17 مارس / آذار 2020) أن جائحة كورونا ضربت كل هذه الخطط عرض الحائط، واضاف: "ضرب وباء كورونا مصر بشدة، وأبعد السياح عن البلد، فيما تمنع دول الخليج العمال الأجانب من دخول أراضيها. ولم يبق للحكومة المصرية سوى عدم فقدان الأمل".
مستثمر ألماني بالغردقة: السياح سيعودون عاجلا أم آجلا
مارسيل لاوك مستثمر ألماني من مانهايم ويدير حانة في الغردقة، أكد لعدة صحف ألمانية منها "فوكوس" و"زودويتشه تسايتونغ" (17 أبريل / نيسان2020) "أن الفنادق في الغردقة تعمل بالموظفين الضروريين فقط. وأن الشوارع فارغة، فيما الشاطئ محظور". مع ذلك يرى لاوك الكثير من التفاؤل وتوقع أن أتعود الحياة الطبيعية في وقت ما بعد الأزمة. "الألمان لا يسمحون لأحد بأخذ إجازتهم" حسب رأيه، وأوضح أن "الغردقة نجت أيضا من الاضطرابات السياسية التي تلت عام 2011 وكذلك الأزمة بعد الهجمات الإرهابية (..) عاجلاً أم آجلاً سيعود المصطافون الألمان لمصر".
صحيفة فوكوس أكدت أن "العديد من الألمان يسافرون بانتظام للاسترخاء في شواطئ شرم الشيخ أو ممارسة رياضة الغوص". غير أن هذا أصبح اليوم غير ممكن، في وقت تتكبد السياحة المصرية خسائر ضخمة تقول الصحيفة. غير أن متحدثا باسم شركة "توي" السياحية العملاقة يبدو متفائلا وقال: "نتوقع أننا سنكون قادرين على نقل الضيوف إلى الوجهات السياحية المختلفة في العالم مرة أخرى انطلاقا من منتصف الصيف".
دعوات للتخفيف من إجراءات سفر الألمان
موقع فوكوس نشر في (22 أبريل / نيسان 2020) تقريرا مطولا تسائل فيه إن كان لايزال هناك أمل للسياح الألمان في قضاء إجازتهم الصيفية في إيطاليا وإسبانيا ومصر، غير أن التقرير رجح أن تشُل أزمة كورونا ألمانيا ومواطنيها لفترة أطول بكثير مما كان متوقعا. وا.
ستبعد أن يكون السفر متاحا بحلول العطلة الصيفيةغير أن هناك أصواتا بدأت في رسم سيناريوهات أكثر تفاؤلا، منها صوت وزير التنمية الألماني غيرهارد مولر الذي نقلت عنه مجموعة فونكه الإعلامية قوله يوم (21 أبريل / نيسان 2020) إن سفر الألمان إلى دول شمال إفريقيا ممكن. وخص بالذكر تونس ومصر والمغرب. غير أنه اشترط امتلاك تلك البلدان لـ"أنظمة نظافة تستجيب للمعايير الأوروبية".
وبدأ نوع من الاستياء العام من إجراءات العزل يتزايد في ألمانيا تدريجياً، غير ذلك لا يشمل إلا أقلية ضئيلة من المعارضين، في وقت لا تزال فيه المستشارة أنغيلا ميركل تتمتع بشعبية كبيرة. فقد اعتقلت الشرطة في برلين عشرات المتظاهرين المعارضين لإجراءات العزل يوم (السبت 25 أبريل /نيسان 2020) بتُهمة انتهاك إجراءات الإغلاق المتّخذة لمكافحة انتشار فيروس كورونا المستجدّ. وشارك نحو ألف شخص في التظاهرة التي تحوّلت إلى حدث أسبوعيّي في العاصمة الألمانيّة. واجتذبت تظاهرة السبت بشكل بارز ناشطي اليسار المتطرّف، ولكن أيضا أنصارا من اليمين وتنظيمات سياسية وجمعيات أخرى.
قلق برلين من سباق أوروبي خفي لرفع قيود السفر
هايكو ماس هو الوزي الذي يملك صلاحية إعطاء إشارة البداية لقضاء عطلة الصيف في الخارج من عدمها، حذر من التسرع في إعادة فتح المنتجعات السياحية قبل الأوان. وهو الوزير الذي نظمت وزارته أكبر عملية من نوعها في تاريخ البلاد بإعادة 240 ألف سائح ألماني كانوا عالقين في الخارج بعد اندلاع جائحة كورونا. ويأتي موقف ماس، في وقت تستعد فيه دول أوروبية عديدة للتخفيف من قيود العزل. وأكد الوزير في تصريح لصحيفة "بيلد أم زونتاغ" الشعبية الواسعة الانتشار في عددها الصادر يوم الأحد (26 أبريل/ نيسان 2020) إلى ارتفاع عدد حالات العدوى بكورونا في منتجع إيشغل النمساوي للتزلج التي يُعتقد أن الكثير من السياح الألمان التقطوا العدوى فيه. وأكد أن أوروبا بحاجة للاتفاق على معايير مشتركة لعودة حرية التنقل والسفر "في أسرع وقت ممكن لكن بكل المسؤولية التي تقتضيها الضرورة".
وأضاف رئيس الدبلوماسية الألمانية: "لا يجب علينا أن نترك النجاحات التي حققناها بعد عناء في الأسابيع القليلة الماضية تذهب هباء"، مشيراً إلى أن التسرع قد يؤدي لفرض قيود على السفر لفترات أطول بكثير. وزارة الخارجية الألمانية أكدت أن سبب الحظر العالمي للسفر عالميا الذي فرضته على المواطنين الألمان يعود للقيود الصارمة التي فُرضت على حركة النقل الجوي والأسفار الدولية في جميع أنحاء العالم، وكذلك إلى تدابير الحجر الصحي الجاري المعمول بها في العديد من البلدان. وهناك احتمالات كبيرة لأن يبقى السياح عالقين في الخارج دون قدرة على العودة إلى ألمانيا.
رفع العزل في ألمانيا ـ إجماع على الحذر والتريث
من جهته، توقع توماس بارايس مُفوض شؤون السياحة لدى الحكومة الألمانية في تصريح لمجموعة فونكه الإعلامية أن "يتم قضاء العطلة الصيفية هذا العام في ألمانيا" وليس في الخارج. رئيس وزراء بافاريا ماركوس زودر وزعيم حزب (الاتحاد الاجتماعي المسيحي/ CSU) أكد الخميس (16 أبريل / نيسان 2020) أنه "من منظور المعطيات الحالية، أرى أن احتمال قضاء الإجازة الصيفية في بلدان الأخرى لن يكون سهلا على الأرجح". هايكو ماس أكد بدوره أنه "طالما هناك حظر تجول في العديد من البلدان، فلن تكون هناك عطلة هناك (..) لكننا سوف نقرر من أسبوع لآخر".
في السياق نفسه، أكد مفوض شؤون الصحة في الحزب الديمقراطي الاشتراكي كارل لاوترباخ أنه يعتبر التفكير في السفر لقضاء إجازة خلال الصيف المقبل، خطرا كبيرا "لأننا قد نواجه انتكاسة شديدة وعودة الوباء".
مصري يستحوذ على حصة الأسد بسوق السياحة الألمانية
منذ أن استحوذ رجل الأعمال المصري سميح ساويرس (63 عاما) على غالبية أسهم شركة الرحلات السياحية اف تي آي (FTI) ومقرها ميونيخ، والصحافة الألمانية مهتمة بشخصية هذا الرجل وبحياته الذي وصفته "هاندلسبلات"، أهم صحيفة ألمانية في الاقتصاد والأعمال، بـ"أقوى رجل مؤثر في سوق الرحلات السياحية في ألمانيا". المستثمر المصري رفع حصة أسهمه في الشركة إلى 75.1 في المائة، فيما بقي مؤسس الشركة ديتمار غونز مديرا عاما لها. صحيفة "أوغسبورغه آلغماينه" عادت في مقال يوم (23 أبريل / نيسان 2020) وذكرت أن ساويرس تربطه بغونز صداقة وثيقة وقديمة. كما أن زوجاتهن يُدرن معا مصنعا مشتركًا للنسيج في مصر."غير أن الاستحواذ على أغلبية أسهم FTI لم يكن من باب الصداقة الخالصة، تقول الصحيفة، وإنما "سعي من رجل الأعمال المصري، الذي يملك 33 فندقا وقرى سياحية في سويسرا ومصر والجبل الأسود، إلى مساعدة الشركة على تدفق كاف للسياح إلى مؤسساته الفندقية".
يذكر أن ساويرس سبق له وأن استحوذ على القناة التلفزيونية السياحية الألمانية "زوننكلار" في عام 2016، من صديقه غونز. كما يملك حوالي 75 بالمائة من أسهم "رايفأيزن توريستيك" التي تشرف على أربعة ألاف من مكاتب السياحة، وتعتبر بذلك أكبر تعاونية لوكالات السياحة في أوروبا. وبعد إفلاس توماس كوك عام 2019 تمكن رجل الأعمال المصري من الاستحواذ أيضا على نظام الامتيازات للشركة ليصبح "فرعونا" بلا منازع في القطاع السياحي. ولا يزال ساويرس يأمل في إنقاذ الموسم السياحي في الصيف المقبل. لذلك، اقترح على وزير السياحة المصري عدم إغلاق الفنادق بالكامل، مراهنا على تشغيل نصف قدراتها على الأقل.
حسن زنيند