غزة – من يدفع ثمن الصراع بين حماس والقيادة الجديدة في مصر؟
١٦ سبتمبر ٢٠١٣" نعاني من حصارين، إسرائيلي قديم و مصري جديد بسبب صراع حماس مع مصر". هذا التصريح يجمع عليه عدد ممن حاورتهم DW/عربية في قطاع غزة. وقد تختلف الرؤى وتتباين الآراء عن السبب والمُسبب. غير أنه ليس هناك من اختلاف عن واقع غزة وما يعيشه الأهالي من أزمات متفاقمة. ويتساءل المواطنون البسطاء خارج الصراعات السياسية والأيدلوجية: " ما ذنبنا في غزة؟ ألا يجب على مصر أن تتعامل في موقفها مع حماس بعيدا عن العقاب الجماعي؟، ألا يجب على حماس الخروج بمواقف سياسية تصالحيه تُنقذنا من كوارث إنسانية أحدقت بنا على كافة الأصعدة". ويتهم آخرون من سلطة رام الله وفتح حماس "باستخدامها سياسة النفاق والتضليل". وفي المقابل ينفي القيادي في حماس صلاح البردويل في حواره مع DW/عربية هذه الاتهامات، في حين تصف منظمات مجتمعية و حقوقية الوضع الإنساني في غزة "بالأصعب". ويقول مركز الميزان لحقوق الإنسان: "مع انعدام البدائل وصلت الأوضاع والمعاناة الإنسانية إلي ذروتها في قطاع غزة في ظل حصار إسرائيلي وتطورات وظروف استثنائية في مصر".
هدمٌ للأنفاق وإغلاقٌ لمعبر رفح
تجلى الخلافِ بعد تأييد واضح من حركة حماس للرئيس المصري المعزول محمد مرسي، وبعد اتهامات مصرية غير موثوق بها بشأن ضلوع حركة حماس أو مشاركتها في عمليات ضد الأمن القومي المصري. وتبع ذلك إجراءات عقابية لحماس تجلت في تدمير الأنفاق الحدودية مع مصر، والتي اعتبرت بمثابة الشريان الرئيس في تمويل حماس. وقد شكل ذلك ضربة قوية إلى سكان غزة الذين يرسخون تحت حصار اسرائيلي. فقيام الجيش المصري بتدمير 95% من الأنفاق ألقت بظلالها على غزة. وقد تسبب ذلك في اختفاء مواد البناء التي يعتمد عليها أهالي غزة بسبب منعها من الجانب الإسرائيلي، ما أوقف عملية البناء بشكل كامل. وبذلك انضم آلاف العاملين في قطاع البناء والأنفاق إلى طابور العاطلين، مع استمرار إغلاقٍ معبر رفح الحدودي بشكل تام إلى اجل غير مسمى، ليصبح آلاف الفلسطينيين من طلبة وعاملين في الخارج والداخل والمرضي عالقين على جانبي الحدود. يشير أحمد الذي يدرُس في جامعة القاهرة إلى DW/عربية انه عالق في غزة مع مجموعة من زملائه ولا يمكنهم الالتحاق بجامعاتهم المصرية. ويضيف" ما ذنبا في صراع حماس مع مصر؟ يجب البحث عن آلية لالتحاقنا بالجامعة".
أزمة وقود أوقفت قطاعات عن العمل
حملة تدمير الأنفاق تسببت أيضا في اختفاء الوقود المصري الذي يُعتمد عليه بالدرجة الأولى في قطاع غزة بسبب سعره المنخفض مقارنة بالوقود المستورد بشكل مُقنن من إسرائيل. وبات واضحا أثر ذلك على حركة المركبات. كما ارتفعت أسعار المواصلات. ويشير احد السائقين في حديثه مع DW/عربية أنه باع سيارته لعدم توفر وقود مصري، واستمرار عمله كسائق "يسبب لي خسارة"، فدخله اليومي لا يوازي سعر الوقود الإسرائيلي.
أزمةُ الوقود الحادة والإجراءات المصرية على الحدود البرية والبحرية أجبرت مئات الصيادين للانضمام إلى طابور البطالة، فضلا علي منعهم من دخول مياه مصر الإقليمية، ووقف تهريب الأسماك عبر الأنفاق. كذلك تضرر قطاع المواشي والأغنام وارتفعت أسعارها وأسعار السلع الغذائية والسجائر ومواد البناء. كما أطلقت سلطة الطاقة نداءات استغاثة بسبب النقص الحاد في الوقود لتشغيل محطات توليد الكهرباء. فأصبح المواطنون يعانون من أزمة انقطاع التيار الكهربائي لفترات تزيد عن 14ساعة يوميا. كما ينعكس نقص الوقود بشكل مباشر علي كافة مرافق المياه والصرف الصحي وعمل الآبار ومحطات تجميع وضخ مياه الصرف الصحي ومحطات المعالجة المركزية, ما يترك أثارا سلبية على الوضع الصحي والإنساني والبيئي، وفق سلطة المياه والبيئة.
كارثةٌ صحية
لم ينأ القطاع الصحي عن الأزمة. الحاج أبو جمال يعاني من تلفيات في الكبد وتستدعي حالته الحرجة إجراء متابعات في الخارج. ويشير أحد أبنائه لـDW/عربية "حالة الوالد الصحية في تدهور مستمر وإغلاق المعبر حال دون سفره للعلاج ونخشى وفاته في أي لحظه ". إلى ذلك مئات المرضي. ووفق وزيرالصحة" خلال الشهرين الماضيين لم يدخل إلى غزة تقريباً أي نوع من الأدوية والمستلزمات الطبية من مصر والتي تشكل 30% من احتياجات قطاع غزة، كما لم يتم تحويل 1000مريض شهرياً، حيث انقطع بالكثير منهم سبل الوصول إلى المستشفيات المصرية ."
غياب رؤية واضحة للخروج من الأزمة
أزمات ومعاناة باتت واقعا مريرا على اهالى قطاع غزة. ويري الصحفي معين شلولة أن "العلاقة بين مصر وحماس لو كانت على مايرام ومرتبطة برؤية وتوافق وتنسيق لما تركت مصر غزة تعاني". مضيفا لـ/DWعربية: " القصة عويصة فلا حماس في عمق موقفها تعترف بشرعية القيادة المصرية الجديدة ، ولا الأخيرة تعترف بحماس وشرعيتها أصلا،
المحلل السياسي د.عمير الفرا يعتقد أن"غزة مقبلة على تجديد للحصار بشكل أكثر ضراوة". ويؤكد عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية طلال أبو ظريفة بعد طرح مقترحات خلال اجتماعات مع حماس لتجاوز أزمات غزة :" إن حماس لا تمتلك حتي اللحظة أي رؤية واضحة لكيفية الخروج من الأزمة الحالية ولهذا فمن المفترض أن تقرأ كل المتغيرات قراءة واضحة لكي تتمكن من تجاوز الواقع الصعب في قطاع غزة". حسب قوله. وحول سؤال ل DW/عربية عن القيادي في حماس صلاح البردويل حول المصالحة التي اجمع عليها الساسة والمواطن البسيط للخروج من الأزمات رد قائلا:" نحن مستعدون للمصالحة عبر رزمة واحدة دون تردد، المسئول عن التعطيل هو الرئيس عباس واستجابته للطلب الأمريكي بذلك". بينما يتهم قياديون السلطة وحركة فتح وحماس باستخدامها فقه المصالح، فضلا عن إتباعها سياسة النفاق والمتاجرة بالدين واستخدام القضية الفلسطينية وشعار المقاومة لمصلحة جماعة الإخوان وأهدافها" حسب قول البردويل:"عوضا عن اللف والدوران لابد من الجلوس والتحاور وفهم بعضنا وألا نتصيد أخطاء بعضنا".