غياب حل سحري لمواجهة بطالة الشباب
٢ يوليو ٢٠١٣يعاني الكثير من شباب العالم في الوقت الراهن من البطالة وغياب فرص العمل. وتشير منظمة العمل الدولية إلى أن أزيد من 73 مليون شاب وشابة عاطلون عن العمل، وهو عدد في تزايد مستمر. وتعد اليونان وأسبانيا من أكثر الدول تضرراً من البطالة، حيث بلغت معدلاتها في صفوف الشباب أكثر من خمسين في المائة. بدورهم يعاني الكثير من شباب الشرق الأوسط وإفريقيا وأمريكا الجنوبية من غياب فرص العمل التي تضمن لهم العيش الكريم. وبالنظر إلى تعدد أسباب أزمة البطالة فإن الحلول المقترحة لمواجهتها تختلف بدورها من بلد لآخر.
يحذر الخبراء من ارتفاع معدلات البطالة في أوساط الشباب، وعن ذلك يقول ماسيميليانو ماشيريني من المؤسسة الأوروبية لتحسين المعيشة وظروف العمل في دبلن:" الاضطرابات الاجتماعية الناجمة عن البطالة في صفوف الشباب تمثل عنصرا يتوجب على السياسيين في بلداننا أن يأخذوها بمأخذ الجد". فالبطالة المستمرة، حسب ماشيريني، تجعل الشباب في عزلة عن المجتمع وبالتالي يصبحون لقمة سهلة في يد الشعبويين والمتطرفين. كما ينتقد الباحث الإيطالي على هامش مشاركته في منتدى الدولي للإعلام الذي نظمته مؤسسة DW، وجود 14 مليون شخص تحت 20 سنة في أوروبا، يفتقدون للشغل أو التكوين المهني.
إحصائيات غير دقيقة
تشير الإحصائيات إلى أن معدل بطالة الشباب في أوروبا أسوء بالمقارنة مع مناطق أخرى في العالم. ففي الدول الإفريقية جنوب الصحراء مثلاً وصلت نسبة البطالة في أوساط الشباب عام 2012 إلى 11،8 في المائة، بينما فاقت هذه النسبة 18،1 في المائة في الدول الصناعية بما في ذلك دول الاتحاد الأوروبي. إلا أن مثل هذه الإحصائيات لا تعكس دائما الواقع المعاش. ففي إفريقيا نادرا ما يسجل الشباب العاطل عن العمل نفسه في مكاتب البحث عن العملن وتدفعه ظروف العيش الصعبة إلى القيام بكل عمل، حتى وإن كان مزريا لتغطية حاجياته وحاجيات عائلته. وحسب منظمة العمل الدولية لا توجد منطقة يعاني سكانها فقراً مدقعا رغم العمل مثل إفريقيا جنوب الصحراء.
تختلف العقبات التي تقف في وجه دخول الشباب لعالم الشغل من منطقة لأخرى، ففي شمال إفريقيا والشرق الأوسط يعتبر غياب الاستثمار أحد أكبر المعوقات، كما ترى غادة برسوم الباحثة في الجامعة الأمريكية في القاهرة. علاوة على ذلك يرغب الكثير من شباب المنطقة في الحصول على وظيفة حكومية بدل البحث عن عمل في القطاع الخاص،علماً أن الوظائف الحكومية لا يمكنها استيعاب العدد الكبير من خريجي المعاهد والجامعات. وحسب منظمة العمل الدولية فإن وضعية الفتيات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أكثر تأزماً من الشباب، فينما وصلت نسبة البطالة في أوساط الشباب في عام 2012 24،5 في المائة تجاوزت هذه النسبة 42،6 لدى الشابات.
انتقادات لقوانين العمل الصارمة في أوروبا
وحسب الباحثة برسوم لا توجد وصفة سحرية موحدة للقضاء على البطالة، لذلك فهي ترى أن كل دولة يمكنها اتباع طرق معينة لمواجهة البطالة.
أما المختص في عالم الشغل يوخن كلوفه فيٌحمل قوانين العمل الصارمة التي تتبعها بعض الدول الأوروبية مثل فرنسا وأسبانيا مسؤولية ارتفاع معدلات البطالة. ففي نظره فإن قوانين الحد الأدنى للأجور والحماية من الطرد من العمل تحد من إمكانية إيجاد فرص عمل كثيرة أمام الشباب. لذلك يطالب الباحث في جامعة هومبولت في برلين هذه الدول " بإلغاء مثل هذه الحواجز". علاوة على ذلك يمكن لحكومات هذه الدول مساعدة الشباب من خلال دورات تدريبية أو دمجهم في الوظائف العمومية.
من جانبه يشير ماشيريني إلى وجود تناقض بين التكوين ومتطلبات الشغل. ففي نظره لا يستطيع الكثيرمن خريجي الجامعات والمعاهد من الاندماج بسرعة في الشركات والمؤسسات لغياب التطابق بين التكوين الأكاديمي والعمل، وهو أمر يؤكد ماشيرني على ضرورة معالجته. كذلك يطالب ماشيرني الحكومات بمراجعة سياسيتها التقشفية. ففي نظره يصعب خلق فرص عمل جديدة إذا لم تقدم الحكومة دعما وتسهيلات لأرباب العمل.
الهجرة الداخلية بدل الهجة الخارجية
كما لا تشكل الهجرة نحو الخارج الحل الأمثل لمشكلة البطالة في نظر ماشيريني. وينصح بالبحث عن فرص عمل داخل نفس البلد حتى لا يصطدم الباحث عن العمل بمشكلة اللغة ويقول بهذا الخصوص:"هجرة الشباب الإسباني أو اليوناني إلى ألمانيا للبحث عن وظيفة لاتكون دائما اختيارا صحيحا. فنحن في أوروبا نتحدث 21 لغة مختلفة". وعكس ذلك قد تساهم الهجرة الداخلية في الحصول على وظيفة أفضل، حيث يمكن لشخص إسباني مثلاً يعيش في إقليم الأندلس أن يجرب حظه في بلاد الباسك شمال البلاد، كما يمكن لإيطالي يعاني من البطالة في جنوب البلاد أن يهاجر إلى الشمال الإيطالي حيث فرص العمل متوفرة أكثر.
وبالنسبة لألمانيا فإن وضع الشباب فيها أفضل بشكل عام مقارنة مع الكثير من الدول، حيث لا تواجه الشباب الألماني صعوبات كثيرة في الانخراط في سوق العمل. غير أن الخبير الاقتصادي كلوفه يشير إلى وجود فئة من الشباب الألماني لا ينبغي تجاهلها وهي الفئة التي لم تتمكن من إنهاء دراستها الأساسية وتفتقد للتكوين المهني. كما يطالب كلوفه بإضفاء مرونة أكثر على نظام التدريس ويقول بهذا الخصوص:" عندما توجد حالات لأشخاص يعانون من البطالة مدة 25 سنة فإن العيب يكون في نظامنا التعليمي".