فضيحة فساد تعصف بشركة صناعة السيارات الألمانية فولكس فاغن
لم تقتصر تبعات فضيحة الفساد التي عصفت بعملاقة صناعة السيارات الألمانية "فولكس فاغن" على الحملة الانتخابية للائتلاف الألماني الحاكم، بل أنها قدمت على طبق من فضة رأس واحد من أكثر الشخصيات الألمانية بغضا في المجتمع الألماني وهو بيتر هارتس رئيس ما يسمى هنا ب "لجنة هارتس" المسؤولة عن تقديم اقتراحات للحكومة الألمانية ترمي إلى خفض نسبة البطالة.
وكانت قضية الفساد بدأت بتحقيق داخلي شمل مدير شؤون الموظفين السابق في شركة سكودا التابعة لفولكسفاغن هلموت شوستر. ووفقا لتقارير إعلامية، فأن شوستر أنشأ شركات واجهة لتمرير عقود مع فولكسفاغن وحصل على مبلغ 3 ملايين يورو على شكل رشاوى مقابل موافقته على مشروع إنشاء شركة في الهند. ووفقا لصحيفة "زودويتشه" الواسعة الاطلاع، فإن التحقيق كشف عن موازنة خاصة بتمثيل الشركة تم وضعها على ذمة المسؤولين في لجان المؤسسة وهي إحدى أبرز أركان نقابة "أي جي ميتال".
زوجات وعاهرات
كشفت مجلة "فوكوس" في عددها الصادر الاثنين عن أن بيتر هارتس لبى "على مدى سنوات" دعوة رؤساء اللجان من مختلف وحدات شركة فولكسفاغن المنتشرة في ألمانيا للمشاركة في "رحلات عالية التكاليف" فيما شملت زوجاتهم، وحتى عشيقاتهم أو عاهرات في فنادق "من فئة خمسة نجوم في مختلف أنحاء أوروبا." وأضافت المجلة أنه تم أحيانا توزيع مبالغ مالية تتراوح بين 1000 و2000 يورو على زوجات هؤلاء المسؤولين من أجل التسوق. ونقلت صحيفة "بيلد" الصفراء (المثيرة) عن رئيس الشركة بيرند بيشيتسريدر قوله إن كلفة ذلك قد تتجاوز 100 ألف يورو.
وعرض بيتر هارتس استقالته التي من المنتظر أن ينظر فيها مجلس مراقبة الشركة الثلاثاء. واعتبرت الشركة أنه بذلك، يعترف بمسؤوليته عن الأخطاء التي قام بها عدد من مساعديه. وبقطع النظر عن قرار المجلس، فإن الشركة بدأت في التعامل مع الوضع على أساس رحيل هارتس الذي كان في الآونة الأخيرة عرضة لهجمات من الصحافة الألمانية، تمت فيها تحميله مسؤولية ما حدث، لاسيما وأنه يعد "أب التدابير القاسية ومنظر سياسة ترشيد النفقات التي تعرفها البلاد."
ورغم أن هارتس ليس عرضة لأي ملاحقات قضائية، كما أنه لا يظهر كمتورط في الملف الرئيسي المتعلق بمدير مصنع سكودا، إلا أنه يبدو أكبر الخاسرين على المستوى الشخصي، هذا إذا لم تلحق شرارة ذلك حملة صديقه المستشار الحالي غيرهارد شرودر الصعبة أصلا.
"إصلاح خلاق وشاق"
وكان المستشار شرودر حيى من قمة مجموعة الثماني التي نظمت مؤخرا في اسكتلندا "السياسة الاجتماعية المجددة في فولكس فاغن ومساهمتها في السياسة الاجتماعية للحكومة، وذلك في إشارة لكون هارتس هو المنظر الرئيسي لبرنامج إصلاح سوق العمل، ولاسيما الجزء المتعلق بمنح البطالة، والمعروفة بـ"هارتس 4" والتي لم تحظ بقبول واسع لدى شرائح المجتمع الألماني.
وبدأ هارتس، منذ تسلّمه منصب مدير الموظفين في فولكس فاغن عام 1993، تطبيق شعاره الشهير "الذين يُقيلون يفتقدون التصوّر" بصفة استعراضية. ونجح وقتذاك في إلغاء 30000 وظيفة في الشركة بفضل النجاح في إحالة 10000 على التقاعد المبكر واتفاق على أربعة أيام عمل في الأسبوع مقابل خفض الرواتب بنسبة 12 إلى 15 بالمائة. وفي 2001 أطلق برنامج "5000 مرة 5000" حيث يقضي بتوظيف 5000 شخص مقابل 5000 مارك ألماني، ضمن تنظيم جديد للعمل، غير أن نظامه ذلك لم ينجح في أن يمتد إلى شركات أخرى.
وفي أكتوبر 2004، وخلال إضراب حاد، حصل هارتس على تنازلات مهمة من ضمنها تجميد الرواتب حتى عام 2007 وخفض عدد منح الساعات الإضافية وخفض الرواتب عند التوظيف مقابل ضمان الوظيفة حتى عام 2011 لما يقرب من 103 ألف شخص. ولعلّ هذه الإجراءات "المتشددة" هي الدافع وراء موجة الغضب التي استهدفت هارتس الذي تربطه علاقة صداقة بالمستشار الألماني بحكم عضوية الأخير في مجلس رقابة شركة فولكس فاغن بصفته وزيرا- رئيسا لمنطقة ولاية سكسونيا السفلى.