فوضى إقليمية وواشنطن تسعى لتبديد مخاوف دول الخليج
١٩ أبريل ٢٠١٥مع اتساع نطاق النزاعات في منطقة الشرق الأوسط، تسعى الولايات المتحدة إلى طمأنة حلفائها في دول الخليج بأن إستراتيجيتها في المنطقة ستتعزز ولن يضعفها أي اتفاق نووي مع إيران. ويبدو أن الإدارة الأميركية تواجه سلسلة من التحديات المعقدة في منطقة الشرق الأوسط، كان أحدثها حملة القصف الجوي التي تقودها السعودية في اليمن والتي تضيف تعقيدا جديدا إلى سلسلة المشاكل في المنطقة التي تشهد مواجهة بين السنة والشيعة وربما كذلك بين السنة والسنة.
فمن الحرب في سوريا إلى انهيار الحكومة في ليبيا، والمعركة ضد مسلحي تنظيم "الدولة الإسلامية" المتشددة، والنزاع في اليمن، أطلق ما يسمى بـ"الربيع العربي" التوترات المذهبية والقبلية المكبوتة منذ عقود. وكتب انطوني كوردسمان الخبير في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية أن "الصراعات المختلفة التي تواجهها الولايات المتحدة الآن معقدة للغاية، ومن غير الواضح ما إذا كان أمام الولايات المتحدة أو أي من حلفائها أي خيارات إستراتيجية واضحة توفر حلا ممكنا" لهذه التعقيدات.
تبديد مخاوف دول الخليج
ومع اقتراب المهلة النهائية للتوصل إلى اتفاق بين إيران والدول الكبرى بشأن برنامج طهران النووي بحلول 30 حزيران/ يونيو، سيعقد الرئيس الأميركي باراك اوباما قمة مع قادة الدول الخليجية لتبديد مخاوفهم بشأن أي تقارب بين الولايات المتحدة وإيران، وتبادل الأفكار حول كيفية إطفاء الحرائق المشتعلة في المنطقة. اوباما صرح في وقت سابق من هذا الشهر أن المحادثات التي ستجري في البيت الأبيض وفي منتجع كامب ديفيد في 13 و14 أيار/ مايو "ستتناول كيفية تعزيز تعاوننا الأمني وحل مختلف النزاعات التي تسببت حتى الآن في المعاناة وعدم الاستقرار في أنحاء الشرق الأوسط".
وترى الإدارة الأميركية أن كبح البرنامج النووي الإيراني المثير للشبهات سيجعل المنطقة أكثر أمانا، إذ أنه سيزيل خطرا وشيكا من امتلاك طهران قنبلة نووية، وربما يقرب النظام الإيراني خطوة إلى العودة إلى حظيرة المجتمع الدولي. إلا أنها كذلك تغامر بأنه خلال فترة أي اتفاق شامل يتم التوصل إليه والتي يتوقع أن تكون ما بين 10- 15 عاما، يمكن أن تحدث تغييرات داخلية تتسبب في تغير كبير في طموحات إيران الإقليمية.
كسينجر وشولتز يحذران
ويعتقد بعض المنتقدين لأي اتفاق مع إيران أن مثل هذا الاتفاق قد يمنح مزيدا من الجرأة لإيران المتهمة بالتدخل في الشرق الأوسط من خلال دعم الحوثيين في اليمن ودعم النظام السوري وتسليح حزب الله اللبناني وحركة حماس الفلسطينية.
وكتب هنري كيسينجر وجورج شولتز وزيرا الخارجية الأميركيان السابقان في صحيفة وول ستريت أنه "لكي تكون إيران عضوا جيدا في المجتمع الدولي، فإن الشرط المسبق هو أن تقبل بقيود على قدرتها على زعزعة منطقة الشرق الأوسط وعلى تحديها للنظام العالمي الأوسع". وقالا إنه "في غياب القيود النووية والسياسية، فإن حلفاء أميركا التقليديين سيستنتجون أن الولايات المتحدة قبلت التعاون النووي المؤقت مع إيران مقابل الرضوخ للهيمنة الإيرانية".
ورغم أن اوباما أثبت أنه غير مستعد لتخصيص موارد عسكرية هائلة لمواجهة النزاع سواء في سوريا أو العراق، فإن بلاده تقود حملة القصف الجوي التي يشنها التحالف ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" وتقدم المساعدات الإنسانية الضخمة للبلدين وتسعى إلى تدريب وتقوية القوات الأمنية المحلية في العراق. كما تقدم واشنطن الدعم الاستخباراتي لتحالف "عاصفة الحزم" الذي تقوده السعودية ضد الحوثيين الذين تدعمهم إيران في اليمن.
ويعتقد البعض أن دعم اوباما لهذا التحالف هو نوع من التعويض عن عدم اتخاذه قرارا عسكريا حاسما بشأن سوريا. إلا أن المحللين يحذرون من خطر أن تعهد الولايات المتحدة بالقتال في المنطقة، وخاصة ضد تنظيم "الدولة الإسلامية"، إلى "خليط" من المليشيات والمسلحين غير الحكوميين الذين تدعم وتقود بعضهم علنا القوات العسكرية الإيرانية. وأوضح يزيد صايغ الخبير في معهد كارنيغي للسلام العالمي أنه إذا انتصرت المليشيات في العراق "فإن ذلك يعني أن الجميع بمن فيهم الولايات المتحدة سيشاركون في تقويض الدولة المركزية بشكل أكبر".
المنافسة الإيرانية السعودية
وطالب رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي خلال زيارة مهمة إلى واشنطن هذا الأسبوع بأن تقدم جميع إشكال المساعدات العسكرية لبلاده من خلال الحكومة، وأعرب عن أسفه لما وصفه بـ "المنافسة الإقليمية على السيطرة" في إشارة إلى السعودية وإيران. ورأى فريد ويهري الخبير في معهد كارنيغي أن اوباما يجب أن يضغط على حلفائه من دول الخليج لضمان تطبيق إصلاحات سياسية حقيقية "لوقف الانقسام السني الشيعي". وأضاف أن "التركيز على الهوية يظهر بشكل اكبر عندما يشعر الناس أنهم لا يتمتعون بالحماية من الحكومة (...) وإيران والسعودية تصبان الزيت" على تلك النار.
واعترفت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية ماري هارف الجمعة بوجود مخاوف لدى دول الخليج، وقالت "هذه ساحتهم الخلفية ومنطقتهم (..) ولكن هناك أمور يمكن أن نفعلها لطمأنتهم بشان قدراتنا وما يمكن أن نفعله لكي نشعرهم بالأمان بشكل أكبر". ولكن السؤال هو ما إذا كانت أي إستراتيجية أميركية ستأتي متأخرة، وما إذا كانت قد خلقت بالفعل "فجوة كبيرة في المصداقية (...) في الاستجابة التكتيكية للضغوط المباشرة للأحداث ف ي الشرق الأوسط (...) دون أهداف أو توجه واضح"، بحسب كوردسمان. وأضاف أن الإدارة الأميركية "لا يمكنها أن تبسط أو تتجاهل أو تلتف على" أي تحديات تواجهها.
ع.خ/ أ.ح (أ ف ب)