قرار الكونغرس بتقليص فترة العمل بقانون مكافحة الإرهاب يصيب بوش بخيبة أمل
٢٣ ديسمبر ٢٠٠٥قبل أن يغادر الرئيس الأمريكي جورج بوش البيت الأبيض لقضاء عطلة عيد الميلاد وزعت الإدارة الأمريكية على الصحفيين "قائمة بالإنجازات"، التي حققها البيت الأبيض خلال عام 2005. وتتضمن القائمة المكونة من ست صفحات سلسة من "النجاح" كالانتخابات العراقية وموافقة مجلس الشيوخ الأمريكي على عضوية جون روبرتس في المحكمة الأمريكية العليا والتصديق على أول خطة للطاقة القومية منذ أكثر من عشر سنوات. وطبقاً لكشف حساب البيت الأبيض فإن العام شبه المنصرم كان مليئا "بالإنجازات"، وأن الرئيس الأمريكي "يمضي قدماً في جدول أعماله" ويمرر "تشريعات هامة للشعب الأمريكي". لكن من الجلي أن عدداً من "الإنجازات" الواردة في كشف حساب البيت الأبيض بعيدة تماماً عن التحقق وعلى رأسها القانون الوطني لمكافحة الإرهاب Patriot Act. الجدير بالذكر أن الرئيس الأمريكي قد حشد الجهود خلال الأشهر الماضية بغية تمرير الموافقة على تمديد العمل بهذا القانون.
خيبة أمل
لكن من المؤكد أن ما أقره الكونغرس يوم أمس، 22 كانون الأول/ديسمبر 2005، من شأنه إصابة بوش بخيبة أمل وأن يفسد عليه فرحة الاحتفال بعيد الميلاد. فبعد أن وافق مجلس الشيوخ على تمديد العمل بالقانون الوطني لمكافحة الإرهاب لمدة ستة أشهر، جاء مجلس النواب في الكونغرس يوم أمس ليحرج بوش ويرفض مد العمل بالقانون لأكثر من شهر واحد. وعلى عكس ما سعى إليه الرئيس الأمريكي تماماً بدا الكونغرس غير مستعداً إلا للموافقة على تمديد قصير لمواد القانون. وكان القانون قد سن في أعقاب هجمات الحادي عشر من أيلول/سبتمبر عام 2001 الارهابية، وهو يزيد الصلاحيات الاستخباراتية للحكومة الأمريكية وقدرتها على تقصي المعلومات والتدخل في ممتلكات المشتبهين ومعاملاتهم المالية. وبالرغم من ممارسة بوش لضغوط سياسية من أجل تمديد دائم للقانون، إلا أن بعض أعضاء الكونغرس الديموقراطيين بل والجمهوريين كذلك يرون أن القانون لا يوفر ما يكفي من متطلبات الحرية المدنية. ومن شأن تقليص النواب العمل بالقانون لشهر واحد أن يجبر الشيوخ على إعادة النظر في مشروع قرار التمديد لستة شهور.
حماية أم انتهاك للحريات؟
وفي حين يؤكد جورج بوش على أن "قانون الوطنية يساعد أمريكا في هزيمة أعدائنا بينما يصون الحريات المدنية لكل شعبنا"، يرى منتقدو القانون الأمريكيون أنه لا يحمي الحريات المدنية على نحو كاف، لأنه يسهل للسلطات انتهاك خصوصية الأمريكيين غير الضالعين في الإرهاب. ومن المعروف أن الحفاظ على التوازن بين الأمن الوطني والحريات المدنية قد أصبح في الآونة الأخيرة أحد المواضيع الساخنة في السياسة الأمريكية. وكانت الأيام الماضية قد شهدت سلسلة من المفاوضات والندءات، التي وجهها الرئيس جورج بوش مشدداً على أن "الإرهاب لن ينتهي بنهاية العام" داعياً الكونغرس لإقرار العمل بالقانون بشكل دائم. وقبل تصويت الكونغرس على تمديد القانون صرح بوش بأنه "على مدى الأعوام الأربع الماضية كان قانون الوطنية سلاحا قويا في ملاحقة الإرهابيين." وأضاف انه استخدم لمقاضاة "ناشطين ومؤيدين للإرهاب وتفكيك خلايا إرهابية" في نيويورك واوريجون وفرجينيا وكاليفورنيا وتكساس واوهايو. و واضاف "لا يمكن في اطار الحرب على الإرهاب أن نعمل بدون هذا القانون ولو للحظة واحدة."
قانون مثير للجدل
لكن تصريحات بوش الرنانة لم تثمر عن شيء هذه المرة ولم تلق أي صدى لدى أعضاء الكونغرس. وتتضمن النقاط المثيرة للجدل في القانون الوطني لمكافحة الإرهاب عمليات تنصت دورية على المكالمات الهاتفية وإصدار مذكرات سرية تتعلق بمستندات شركات ومستشفيات فضلاً عن سجلات الكتب، التي يستعيرها المواطنون الأمريكيون خارج المكتبات لأغراض خاصة. وكانت حوادث التنصت، التي كشفت عنها صحيفة نيويورك تايمز الاسبوع الماضي، قد وضعت الإدارة الأمريكية وعلى رأسها الرئيس بوش في وضع قانوني حرج. وقد أدت هذه التجاوزات إلى دعوة أعضاء في لجنة المخابرات التابعة لمجلس الشيوخ الأمريكي إلى فتح تحقيق فوري من أجل فحص حيثياته. ومن بين هؤلاء أعضاء في الحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه بوش نفسه. وبات تعاطي الإدارة الأمريكية مع مسألة حماية الحقوق المدينة أكثر من مرة خلال عام 2005 في موضع تساؤل. وكثيرا ما طرح السؤال إذا ما جرى تجاوز حكومي للحد الفاصل بين محاربة الإرهاب وحماية الحقوق المدنية.
عام عسير
لقد كان عام 2005 بكل المقاييس عاماً صعباً على الرئيس الامريكي جورج بوش خاصة وانه قد شهد تدنياً قياسياً لشعبيته ولتأييد الرأي العام الأمريكي لحرب العراق، بالإضافة إلى تعرضه لعدة نكسات تشريعيه في الكونغرس في مجال الأمان الاجتماعي، ناهيك عن رد فعل الشارع الأمريكي لتبطئ بوش في مواجهة إعصار كاترينا، وهو ما أغضب كثيرين من الأمريكيين. لكن بوش يصرح عبر كشف "إنجازات" البيت الأبيض بأن عام 2005 "كان عاماً تحقق فيه تقدم قوي نحو عالم أكثر تحرراً وسلماً ونحو أمريكا أكثر رخاءً."
علاء الدين سرحان