لاجئ سوري يشكو من "الوعود الكاذبة" ويقرر العودة إلى سوريا
٩ فبراير ٢٠١٦جاء السوري وسام فراشي (38 عاماً) إلى ألمانيا كلاجئ وقضى فيها الشهور العشرين الماضية. معظم الوقت كان يمضيه داخل غرفته في بلدة هوفلهوف الصغيرة في شرق ولاية وستفاليا شمال الراين. ولما غادر الغرفة لم يغلق الباب خلفه ولم يطفئ الضوء، كما ترك نصف كوب من القهوة على الطاولة.
بحث بدون جدوى عن عمل
السبب وراء قرار الرحيل هو عدم العثور عن ما كان يبحث عنه في ألمانيا: الأمن، وبدرجة أهم العمل كيفما كان نوعه. في سوريا كان يعمل مهندساً معمارياً مستقلاً وأيضا في العديد من الوظائف الأخرى، وهو أمر منتشر جدا في بلاده كما يقول: "ذهبت إلى مكتب العمل ومصلحة الوظائف الشاغرة لكن دون جدوى. وبحثت أيضا في كل المطاعم والمصانع وورش البناء. وشرحت للناس أنه يمكنني العمل أيضا كمزارع وليس بالضرورة كمهندس معماري". ويضيف وسام: "بقيت لمدة عام وعشرة أشهر بدون عمل، وهذا أدخل الملل والتذمر إلى نفسي، وبسبب ذلك مرضت". فشله في العثور على عمل جعل وسام فراشي يشعر أنه خارج المجتمع في ألمانيا وعلى هامش هذه المدينة الصغيرة.
تتوفر غرفة وسام داخل الشقق الخاصة باللاجئين على سرير، وموقد وطاولة وكرسي. غرف متواضعة داخل شقق غير مريحة، يعيش فيها الكثير من اللاجئين. "كيف يمكن للمرء أن يتواصل مع الألمان وأن يعثر على عمل؟ في هذا البيت كان هناك أشخاص يستهلكون الكوكايين والماريجوانا. وهناك أشخاص آخرون لم يسبق لهم العمل في ظرف عامين. فكيف يمكن للمرء أن يتواصل مع الناس الطيبين ويتعرف عليهم؟"
"وعود كاذبة"؟
يقصد وسام بـ"الناس الطيبين" الأشخاص الذين يساعدون اللاجئين على العثور على وظيفة. في بلدة هوفلهوف يوجد كثير من الناس الذين يكرسون وقتهم للاعتناء باللاجئين، وبدورهم يقولون إن الرجال الذين لا يتقبلون البقاء بدون عمل ويتذمرون من ذلك. وأمام هذا الوضع يلجأ البعض لشرب الكحوليات، بينما البعض الآخر يقضي وقته في اللعب. أما وسام فعندما يتحدث معه أحد الأشخاص حول ثقافة الترحيب باللاجئين في ألمانيا فهو يضحك. "اللاجئون الذين يأتون يعتقدون أن ألمانيا جنة، وهم يظنون أنه بإمكانهم أن يصبحوا ملوكا فيها. عندما جئت إلى هنا سألوني: ماذا تريد؟ وقيل لي يمكنك أن تحصل على هذا وذاك، لكن كل تلك الوعود مجرد كذب وكذب". لكن وسام لا يريد أن يتحدث عن مسؤولية شخصية محتملة كسبب وراء عدم الحصول على عمل، بدل تحميلها للسلطات والسياسيين فقط.
ندم على الوقت الضائع
لم يحمل وسام أي شيء معه سوى الملابس التي يرتديها، وبعض قطع البسكويت ليأكلها في الطريق، إضافة إلى أوراقه وتذكرة العودة إلى لبنان، حيث ستنتظره عائلته هناك لتأخذه إلى البيت في سوريا. ويوضح وسام أن الحرب لا توجد في كل مكان داخل التراب السوري، والأوضاع داخل قريته أصبحت هادئة كما سمع. وقبل أن يركب الحافلة في اتجاه مطار فرانكفورت، قال "شكرا ألمانيا". شكرٌ يصعب معرفة إن كان صادقا أم أن الأمر مجرد سخرية. وفي الأخير أضاف وسام أنه في حاجة إلى ممحاة "يمحي بها سنتين من الوقت الذي قضاه هنا من ذهنه".