لاجئون أطفال - يعبرون البلقان أملاً في الوصول إلى ألمانيا
٤ أكتوبر ٢٠١٥المشهد في حديقة بلغراد العامة يتكرر يوميا: مئات اللاجئين يتجمعون في الحديقة القريبة من المحطة الرئيسية. وأصبح المكان إحدى المناطق الرئيسية لتجمع وسفر اللاجئين عبر "طريق البلقان". شباب وفتية من أفغانستان يلعبون كرة القدم على ساحة الحديقة. وأحدهم هو فتى رشيق يرتدي سترة حمراء، ويبدو أنه يستمتع بلعب كرة القدم، حيث يقفز ويضحك وكأنه لا يحمل أي هم يشغله في حياته، في حين مر الفتى وأسمه عتيق بظروف صعبة خلال رحلته الطويلة قبل الوصول إلى محطته الحالية في صربيا. وكان عتيق سعيد الحظ عندما صادف بعض اللاجئين الأفغان خلال الرحلة، حيث ساعدوه كثيرا، وفي مقدونيا التقى بناصر الذي رافقه وأصبح بمثابة أخ كبير له.
ويحكي عتيق "عائلتي في أفغانستان، الحرب هناك مستمرة ولا يمكننا الذهاب للمدرسة، لذلك أرسلتني عائلتي لأوروبا كي أطلب اللجوء". وعندما سئل عن عمره أجاب عتيق: "12 أو 13 عاما"، حيث إنه لا يعرف عمره الحقيقي.
رحلة طويلة وصعبة
في حديثه عن رحلة عتيق يقول مرافقه ناصر: "توجه عتيق من أفغانستان إلى باكستان ومن تم عبر الحدود إلى إيران، ومن هناك توجه إلى تركيا. ثم أكمل عبر الجبال رحلته إلى بلغاريا مشيا على الأقدام". وفي بلغاريا ضايقت الشرطة البلغارية مجموعة اللاجئين التي كان يرافقها ، فهربوا جميعا إلى صربيا. كانت المسافة التي قطعها عتيق بحافلات النقل ومشيا على الأقدام حوالي 6000 كيلومترا.
جاء ناصر من العاصمة الأفغانية كابول وهو في مطلع العشرين من العمر. أما عائلة عتيق التي تعيش خارج العاصمة "فأفرادها فلاحون فقراء يعيشون على قطعة ارض زراعية صغيرة ولهم أطفال كثيرون. وأرادت الأسرة أن يحصل أحد أبنائها على الأقل فرصة لحياة أفضل"، كما يقول ناصر. ويخاف الكثيرون من الأفغان أن تقوم حركة طالبان بأخذ أبنائهم وضمهم للحركة.
وسئل عتيق عن صعاب الرحلة ومخاوفها فقال: "على المرء أن يكون شجاعا وأن يكافح. وعندئذ سيتمكن المرء من مواجهة جميع الصعاب". ويتذكر عتيق دائما كلمات والده قبل سفره، حيث قال له بإنه أصبح رجلا وعليه الآن تحمل الصعاب.
واعتبر ناصر أن عتيق سيستمر في رحلته حتى يحقق هدفه، حتى وإن كانت الرحلة صعبة وقاسية. ويضيف ناصر: "اتصلنا مرة بعائلته حيث كان عتيق يود وقف مسار الرحلة والعودة إلى أفغانستان، غير أن عائلته رفضت ذلك وطلبت منا إكمال الرحلة معه".
في بلغراد تجمعت المجموعة الأفغانية في خيمة تمت إقامتها للاجئين من قبل منظمات الرعاية الإنسانية. وهناك يرتب اللاجئون أوضاعهم قبل بدء المرحلة المقبلة، حيث يغادرون الخيمة في الليل ويركبون الحافلة باتجاه الحدود الكرواتية. ولا يعرف اللاجئون، وحتى ناصرأيضا، أنه يجب قطع حدود ثلاثة بلدان أخرى قبل الوصول إلى ألمانيا،وجهتهم الأخيرة. فهم لا يفكرون في مخاطر الرحلة ويعتبرون أن ظروف الرحلة المقبلة لن تكون أسوء مما عايشوه في السابق.
جمع اللاجئون أغراضهم ووضعوها في الحقائب التي يتم حملها على الظهر، فهم مستعدون لإكمال الرحلة هذا المساء. ويملك عتيق في رحلته هذه قميص نظيف وبعض الجوارب وعلبة من الكعك. ومعه أيضا حذاء رياضي متآكل. ثم ذهب عتيق وناصر إلى حافلة تابعة لمنظمة إنسانية توزع الملابس مجانا على اللاجئين للبحث عن كنزة مناسبة للطفل.
وعبر عتيق عن اعتقاده أنه لن يتمكن من رؤية عائلته في الأعوام القادمة، إذ أن العائلة فقيرة ولن تستطيع القيام برحلة لجوء مثله. وليست له تصورات عن مستقبله في أوروبا غير أنه يقول ل DW: "أريد الذهاب إلى المدرسة وأريد أن أتعلم شيئا ما". وهو يأمل في الوصول إلى ألمانيا التي تعرف عليها من خلال التلفزيون فقط، وقد قررت عائلته إرساله إليها لأنها تعتقد "أنها البلد المناسب له"، كما يقول.
لا يملك عتيق هاتفا ولذلك يعيره أفراد المجموعة هواتفهم من حين لآخر للاتصال بعائلته. ولن يتصل اليوم بعائلته حيث ستركب المجموعة الحافلة باتجاه كرواتيا. والرحلة تكلف 10 يورو لكل شخص. ولذلك ساهمت المجموعة في تحمل تكاليف سفره. أما بالنسبة للرحلة القادمة فلا أحد يعلم عنها شيئا بما في ذلك ناصر: "لا أعرف ماذا ينتظرننا، لكن إنشاء الله سأوصل عتيق إلى ألمانيا". وهناك سيقرر آخرون مصيره.