لبنان: ذكرى 14 آذار بين "تمجيد الحلم وانتظار ربيع آخر"
١٤ مارس ٢٠١٢يتذكر عمر، وهو أحد المنظمين لمظاهرة 14 آذار 2005 ذلك اليوم الذي يصفه بـ"التاريخي" بمشاعر مختلطة. فقد قضى عمر وغيره من الشباب عشية ليلة الحدث الكبير في الخيام التي ملأت ساحة الشهداء في قلب بيروت حينها. "كانت أطول ليلة في حياتي.. وأحلاها" يقول عمر لموقع DWعربية. فهو مثل الكثيرين لم يغفو تلك الليلة. ويضيف: "كنت أعد الدقائق لتشرق شمس اليوم التالي وهاجس واحد يدور في رأسي: هل ستمتلئ الساحة بالجماهير"؟. هذا ما يقوله عمر الذي لم تخونه آماله ويسترسل في الكلام: "لكن الأسطورة التي صنعها الشعب اللبناني فاقت قدرتنا على الخيال وتجاوزت المستحيل"، وذلك في إشارة إلى الحشود الكبيرة التي تجمعت في ساحة الشهداء في بيروت قبل سبع سنوات.
ويرى عمر الذي يتذكر أنه صرخ في اليوم التالي وسط الحشود: "حرية سيادة استقلال" أن "الحلم تحقق. وسقطت الحكومة في تلك المرحلة، وانسحب الجيش السوري من لبنان وتم بعدها إنشاء المحكمة الدولية" الخاصة بلبنان. لكن عمر لم يتوقف عن المشاركة في إحياء الذكرى في كل عام إذ يقول "لم أتعب يوما ولن أسمح لنفسي بهذا الشعور. كيف أتعب من حلم يتحول حقيقة عاما تلو الآخر".
"حضور دائم والتزام بخط 14 آذار"
في منزله، ما زال عمر يحتفظ بالشال الأحمر والأبيض الذي استخدم فيما بعد شعارا "للانتفاضة..الثورة"، كما يسميها، وذلك في إشارة إلى تشكل حركة 14 آذار التي يقودها رئيس الوزراء السابق سعد الحريري وتضم القوى المناهضة لسوريا في لبنان. ويفخر عمر بـ "رائحة المنديل الذي سيترك للأطفال الذين سيأتون بعد حين فيتذكرون الأسطورة التي شارك فيها والدهم"، نسبة إلى المظاهرة الكبيرة يوم 14 آذار عام 2005. وليؤكد أكثر على تمسكه بأفكار تلك الحركة يشير إلى أحد الجدران في منزله الذي يحمل صورة سمير قصير الكاتب والصحافي اللبناني الذي اغتيل في ذلك الوقت، في سلسلة الاغتيالات التي تلت اغتيال الحريري.
يرى عمر أن موقفه صامد لن يحيد نقطة واحدة عن خط "14 آذار"، "فالطريق طويلة"، برأيه ولكن "الثورة تتجدد كل عام حتى تحقيق الحرية والسيادة والاستقلال".
عندما رأى نادر صور الانفجار الذي استهدف الحريري من على شاشة التلفزيون في إحدى دول الخليج حيث يعمل، ترك كل شيء خلفه ووصل على أول طائرة إلى لبنان. "لم أتحمل البقاء بعيدا" يقول نادر. وكغيره من العديد من الشباب شارك نادر بكل تظاهرات "14 آذار". ويضيف نادر قائلا لموقع DWعربية إنه صرخ بأعلى صوته "لا لمسلسل الاغتيالات والسلاح الذي يوجه إلى صدور اللبنانيين". ويعرب نادر عن اعتقاده بأن ما يصفها بـ "ثورة الأرز"، في إشارة إلى الحركة الاحتجاجية التي انبثقت إثر اغتيال الحريري. ويضف قائلا: "هذه الثورة حمت البلد من الدخول في حرب أهلية جديدة، لأن غضب الناس تم التعبير عنه بطريقة ديمقراطية وسلمية في الساحات وليس بالسلاح". ويعتبر نادر أن "الحشودالتياجتاحتالساحاتومناعتصموافيساحةالشهداءساهموافيصناعةالتاريخ"، ليس في لبنان فقط، كما يشير، إنما في كل شوارع العالم العربي.
وعلى الرغم من أن نادر يرى أن 14 آذار 2005 تختلف عن 14 آذار 2012، إلا أنه يشير إلى أن "الانتفاضة تجدد نفسها سنويا عبر خطاب مختلف كل عام يتمثل برفض سلاح حزب الله". ويضيف قائلا: "أناشخصياًأخافجداًمنهذاالسلاحوأخشىعلىحياة اللبنانيين منه،وبالرغممنذلكفأناأقولإنالأسوأهوأننخافونصمت،لذاعليناأننرفعصوتناكيلاتبقىالحريةرهينةالسلاح".
ثورة لم تكتمل بانتظار ربيع آخر
يستهزيء كمال الذي يعتبر مواليا لحزب الله، من ذكرى إحياء مناسبة "14 آذار" سنويا، ويقول "هم يملؤون الساحات ونحن نملؤها أيضا. هم لهم جمهورهم ونحن لنا جمهورنا، هم لهم شهداؤهم ونحن لنا شهداؤنا في الحروب الإسرائيلية". ويتساءل قائلا لموقع DWعربية: "هل يريدون محكمة دولية يصنعها الغرب لتحقق للعدو الإسرائيلي ما لم يتمكن في حروبه من تحقيقه في لبنان؟". ويضيف كمال بالقول: "إذا كانوا يريدون إسقاط السلاح فليذهبوا ويقاتلوا إسرائيل أولا". ويختم قائلا: "النجوم أقرب إليهم من تنفيذ مخططاتهم".
في المقابل، يعتبر الكثير من الموالين لحركة "14 آذار" أن "ثورة الأرز" لم تكتمل، ويردون السبب إلى القيادات السياسية التي لم تكن علىمستوىتضحياتوتطلعاتجمهورها.
لينا هي إحدى الشابات اللواتي شاركن في كل مناسبات إحياء ذكرى "14 آذار" على مدى السنوات الست الماضية، لكنها ترى أن مشاركتها ذهبت سدى "بعدما ذهب البلد نحو الأسوأ" تقول لينا، فما زال اللبنانيون برأيها يبحثون عن الديمقراطية التي لم تتحقق. وتضيف لموقع DWعربية:"الاغتيالات السياسية قد تعود في أي لحظة، والرصاص الذي وجه إلينا من حزب الله في أحداث 7 أيار من العام 2008 قد يوجه إلينا من جديد"، وذلك في إشارة إلى اقتحام عناصر من حزب الله لبعض الأحياء في بيروت.
الجرأة هي ما يجب أن يتحلى به قادة 14 آذار وشبابها، هذا ما يطالب به سعيد وهو بدوره من المؤيدين للخط السياسي لهذه الحركة، على الرغم من أن "أملي خاب" يشير إلى أن التغييرات والإنجازات التي آمن بها الشباب لم يتحقق إلا جزءا صغيراً منها. ويعوَل سعيد حالياً، على "نجاح الثورة السورية التي قد تكون أقوى من انتفاضة الاستقلال إذا ما سقط النظام في سوريا بالطبع"، هذا ما يقوله الشباب اللبناني.
ويضيف سعيد لموقع DWعربية بالقول: "معظم الشباب اللبناني الذي شارك في انتفاضة الاستقلال بات في سبات عميق". ويختم الشاب قائلا بحسرة: "ربيعنا لم يكتمل بعد بعكس الربيع العربي ..علنا نتمكن من تكرار تلك المحاولة في فصل مقبل".
دارين العمري ـ بيروت
مراجعة: أحمد حسو