مأساة لامبيدوزا – هل آن أوان تغيير قوانين اللجوء الأوروبية؟
٩ أكتوبر ٢٠١٣يجلس شريف في ظل جدار مركز إيواء المهاجرين في مارينا غراندا، في أقصى غرب جزيرة صقلية الإيطالية. عاش في هذا المركز لفترة تزيد عن السنة. في نهاية مطاف رحلته كلاجئ نحو أوروبا، على متن قارب، رسا بهم في لامبيدوزا، ثم أودِع في هذا المركز. يقول شريف، الصومالي الجنسية: "لدينا في بلدنا مشاكل، إنها الحرب، من يدري متى ستنتهي. في إيطاليا أيضاً الأمور صعبة جداً بالنسبة لنا، لكنها أفضل من بلدنا".
عاش شريف مع حوالي 100 رجل آخر في مأوى كبير، وكان يمكنهم مغادرة مركز الإيواء، لكنه يبعد أميالاً عن أقرب مدينة وهي تراباني. يدرك شريف أن بداية حياة جديدة في أوروبا هي بمثابة حلم. وهو الآن مهموم أكثر، لأنه بعد موجة قوارب اللاجئين الجديدة، أصبح البت في طلبات اللجوء يتطلب وقتاً مضاعفاً. فقد علم أخيراً أن فترة انتظاره قد تطول إلى عام آخر، والواضح أن الأمر يفوق طاقة البيروقراطية الإيطالية.
سجن بدون حقوق
يحتاج شريف فقط إلى الصبر. أما الذين تعتبر حالتهم أصعب، فهم أولئك اللاجئون الذين تحيلهم إدارة الهجرة إلى قسم خاص يطلق عليه "سي آيه إي"، مركز تحديد الهوية والترحيل. ويمكن أن يظل المهاجر غير الشرعي محتجزاً حتى 18 شهراً دون محاكمة، ويصنف في هذه الحالة على أنه في طور تحديد الهوية.
ومن يستطيعون الهرب، عبر القفز من الأسوار، التي يبلغ علوها أربعة أمتار، كما حدث لأحد المقيمين في مركز الإيواء بتراباني- ميلو، يتم تصويرهم وتسجيلهم في صقلية. ويصف شريف الأجواء في المركز بأنهم يعيشون يومياً على قصص من هذا القبيل "وفي الليل لا يستطيع المرء النوم تقريباً بسبب الضوضاء في المخيم، حيث تسمع الناس يصرخون ويتمردون".
يعمل نظام تسجيل المهاجرين الايطالي فوق طاقته كثيراً. وبينما تحاول السلطات الإيطالية، وعبر القواعد المثلى للاحتجاز، رعاية المهاجرين غير الشرعيين، يهرع كثير من اللاجئين فور وصولهم عبر القوارب، إلى مركز التسجيل أو حتى إلى المخيمات المغلقة. ومن جهتهم يتفادى الحراس بالرغم عنهم اعتراض سبيل موجات اللاجئين وهم بالمئات يزحفون نحو مراكز الاستقبال، وغالباً ما يحدث ذلك سواء بسبب قلة عدد الحراس أو لأنهم يرفضون استخدام القوة.
وقد أعلن وزير الداخلية الإيطالي انجيلينو ألفانو، المنتمي إلى حزب"شعب الحرية" (وسط يمين)، عن اعتزام الحكومة بناء مزيد من المخيمات للاجئين. وسيتم تعزيز اللجنة المكلفة بفحص طلبات اللجوء ولتطوير طاقة استيعاب مراكز استقبال اللاجئين لعدد أكبر من المسجلين، حتى تتسع إلى "16 ألف مكان في كافة أنحاء البلد"، حسب تأكيد الوزير ألفانو.
انتقادات إيطالية لقوانين اللجوء الأوروبية
والأمر المثير للشك حول مدى حدوث تغيير في أوضاع هؤلاء المهاجرين، هو أن القسم الأكبر منهم، وبدون وثائق إقامة، يفرون من إيطاليا نحو بلدان أوروبية أخرى. ولذلك أعلن الوزير ألفانو أيضاً عن مبادرة إيطالية ضخمة وفق القانون الأوروبي المعمول به، وتفرض على كل مهاجر البقاء في البلد الأوروبي الذي وصل إليه في البداية.
وقد أكد وزير الداخلية الإيطالي أن"صقلية ليست فقط حدود إيطاليا، بل أيضاً الحدود الخارجية لأوروبا. والأشخاص الذين يصلون عبر القوارب لا يأتون ليستلقوا على شواطئنا. بل بالعكس هم يريدون التوجه إلى دول أوروبية يوجد فيها ذويهم". وأكد على أن الحكومة الايطالية "تسعى بكل جهودنا من أجل تغيير قانون اللجوء الأوروبي فيما يتعلق بهذه المسألة"، مضيفاً: "لا يمكن لأوروبا أن تطالبنا بالاستمرار في الاهتمام بأوضاع المهاجرين، دون أن تحرك ساكناً".
وبدورها، انتقدت رئيسة البرلمان الإيطالي لاورا بولدريني، التي كانت تتولى منصب الناطقة السابقة باسم المفوضية العليا اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في روما انتقدت سياسات اللجوء الأوروبية المتبعة بعد كارثة لامبيدوزا. ففي 28 دولة عضو في الاتحاد الأوروبي، هنالك 28 سلسلة من القواعد المختلفة، تُتبع إزاء طالبي اللجوء والمهاجرين. وإذا لم تتنازل الدول الأعضاء بشأن هذه النقاط في قوانينها عن جزء من سيادتها، فإنه لا معنى للحديث عن الاتحاد الأوروبي.
ووجهت في هذا السياق أيضاً انتقاداً حاداً لبلدها، كون القوانين الايطالية تحظر على سفن الصيد أن تحمل على متنها أشخاصا (من خارج طاقمها)، طالما هي موجودة في عرض البحر. فالصيادون يتعين عليهم أولاً استخدام اللاسلكي لإبلاغ مركز العمليات في روما، الذي يتولى بدوره إشعار خفر السواحل. الوقت الطويل الذي تستغرقه مثل هذه الاتصالات كلف حياة أناس كثيرين خلال الكارثة الأخيرة في لامبيدوزا.
قبل أيام قليلة كان وزير الداخلية ألفانو يدافع قبل أيام قليلة فقط قبل وقوع كارثة لامبيدوزا عن هذه القواعد القانونية، حيث قال: "لن نسمح لقوارب اللاجئين بأن ترسو على شواطئنا، مع وجود مخاطر لأمننا، إن إيطاليا بلد مضياف، لكن مواطنيها لهم الحق في العيش بأمن وحرية".
وبعد كارثة لامبيدوزا، حان الوقت أيضاً لمناقشة أمن وحرية المهاجرين، وهو ما يريد أن يفعله وزراء الداخلية الأوروبيين.