مارتن أوديغارد – الولد على سر أبيه!
٢ فبراير ٢٠١٥غدا الشاب النرويجي مارتن أوديغارد الذي بلغ السادسة عشرة من العمر في 17 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، واحدا من أهم المواهب الرياضية، التي تراكضت خلفها أندية كرة القدم العالمية الكبيرة مثل برشلونة وبايرن ميونيخ وبوروسيا دورتموند وأرسنال وليفربول ومانشستر سيتي ومانشستر يونايتد. لكن ريال مدريد الاسباني تمكن من الحصول على توقيع من بات يعرف بـ"ميسي الجديد".
ولفت أوديغارد الأنظار إليه بشكل كبير قبل أشهر عدة وتحديدا في نيسان/ ابريل 2014، عندما انضم إلى الفريق الأول في نادي سترومغوديست في مسقط رأسه بمدينة درامين النرويجية، ليصبح بالتالي أصغر لاعب يشارك في الدرجة الأولى. ثم أصبح أصغر لاعب يسجل هدفا في هذه الدرجة أيضا. كما استدعي للعب ضمن منتخب بلاده ثلاث مرات حتى الآن.
وبعد خوضه 25 مباراة، سجل 5 أهداف وساهم في 7 تمريرات حاسمة. وبات اسم أوديغارد على كل شفة ولسان في النرويج ومادة دسمة للصحافة المحلية، بعدما بثت أشرطة فيديو له على شبكة الإنترنت تظهر مهاراته في مراوغة اللاعبين المنافسين.
دخول مارتن عالم كرة القدم من أوسع أبوابه، سيكون إذن مع نادي ريال مدريد في إسبانيا، مع فريق الشباب في ريال مدريد تحت قيادة المدرب الفرنسي زين الدين زيدان، وذلك قبل الالتحاق بالفريق الأول خلال الصيف المقبل، حيث سيلعب بجانب البرتغالي كريستيانو رونالدو والويلزي غاريث بايل والكولومبي خاميس رودريغيز والألماني توني كروس والفرنسي كريم بنزيمة وغيرهم.
فما هو سر هذا اللاعب الذي لم يبلغ السابعة عشرة من العمر، وهو العمر الذي يسمح له في اللعب كمحترف في الأندية العالمية الكبيرة؟
تدريب الوالد
الصغير مارتن، هو ابن اللاعب النرويجي السابق والمدرب الحالي هانز ايريك أوديغارد، الذي لعب لأندية مختلفة في النرويج، لكنه لم يوفق في اللعب لمنتخب بلاده. اعتزل كرة القدم في عام 2007 وتفرغ للتدريب، وحصل فعلا على إجازة المدربين الدولية، فأي دور لعبه الوالد المدرب في صقل موهبة ولده مارتن؟
يقول الأب، إنه كان يؤكد على ابنه ثلاث نقاط رئيسة خلال لعبه كرة القدم: "هناك ثلاثة مفاتيح كانت سببا في صقل موهبة مارتن. الأول: عليك التدريب كثيرا. الثاني: تدرب جيدا. الثالث: تدرب بشكل صحيح. ومارتن فعل كل ذلك".
ولكن هذا ما يفعله كثيرون في كرة القدم. يشرح الأب فلسفته خلال لقاء مع إحدى القنوات الرياضية النرويجية: "أولا وبشكل مهم، كان يتدرب (مارتن) لعدد كبير جدا من الساعات يوميا. ثانيا، تدرب بطريقة أدعوها الطريقة الصحيحة، وأعني بها أنه لم يتدرب قط من دون كرة. فالكرة ملازمة له طيلة الوقت خلال التدريب. ونحاول طيلة التدريب أن يتدرب بخطوات سريعة للابتعاد عن الضغط. وبين الثامنة والتاسعة من العمر بدأ مارتن التدرب على المرواغة بسرعة".
مارتن منذ الصغر لا يتدرب وحيدا، بل كان يأخذ حصصه التدريبية مع والده بصحبة شقيقه الأكبر والآخر الأصغر سنا منه. والمتتبع للمباريات التي يخوضها يرى أن أسلوبه في اللعب يشبه إلى حد كبير أسلوب اللاعب الفرنسي الجزائري الأصل زين الدين زيدان. فدورانه حول اللاعبين وتمريراته السريعة القصيرة والطويلة تشبه أسلوب زيدان في اللعب. لكن أبرز ما يجمع العملاق زيدان ولاعب خط الوسط مارتن، هو لغة الجسد على الملعب وأسلوب دحرجة الكرة.
وسيلعب مارتن مع الفريق الاحتياطي لريال مدريد (كاستيا) الذي يتولى تدريبه زيدان نفسه. وكشف ابن السادسة عشرة بأن "زيدان مدرب فريق الشباب في النادي الملكي لعب الدور الأكبر في اتخاذه القرار بتفضيل ريال مدريد على غيره".
تعاقد مع الأب أيضا
ورغم أن اوديغارد لم يكشف عن راتبه، لكن تقارير إعلامية أشارت إلى أنه سيحصل على حوالي 45 ألف يورو (51 ألف دولار) أسبوعيا. بيد أنه قال خلال حديثه إلى الصحفيين في مسقط رأسه درامين، حيث أقام له ناديه السابق سترومغوديست حفلا وداعيا: "المال لم يكن الأساس الذي استندت إليه في اتخاذ القرار ولم يكن الشرط الأول خلال المفاوضات مع الأندية الأخرى".
مارتن يؤكد أنه لن يقف عند مستواه الحالي، بل يسعى إلى تطويره ويقول "لست ممن يكتفون بمستواه الحالي، فأنا أرغب أن أتطور ولن أتراجع عن هذا". ولم يرحل مارتن نحو مدريد وحيدا، بل برفقة والده، الذي تمكن هو الآخر من الحصول على عقد تدريب فريق الناشئة في النادي الملكي. فصفقة مارتن شملت كما يبدو حصول والده على عقد تدريب. وظاهرة مارتن أوديغارد تؤكد أن الصعود في عالم كرة القدم لا يعتمد على الموهبة فقط، بل على التخطيط والتدريب والعلاقات والشهرة، التي حصل عليها مارتن من عدد كبير من أشرطة الفيديو على صفحة اليوتيوب، والتي شكلت له دعاية كبيرة، لم يحظ بها جيل والده من قبل. فكم من موهبة كان يمكن لها أن تحظى بما حظي به مارتن، لو أنها حصلت على نفس العناية والإصرار!