متحديا الحرب..السودان يقترب من التأهل للمونديال وأمم أفريقيا
١١ نوفمبر ٢٠٢٤منذ بداية الحرب الأهلية في السودان في أبريل 2023، يعاني الشعب السوداني الويلات. الصراع بين الجيش السوداني وميليشيا قوات الدعم السريع أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 15 ألف شخص وفقًا للجنة الإنقاذ الدولية، بينما تشير بعض التقديرات إلى أن العدد قد يصل إلى 150 ألفا. وتشير التقارير إلى أن نحو 25 مليون سوداني، أي نصف السكان، بحاجة ماسة إلى مساعدات إنسانية، بينما اضطر حوالي 12 مليون شخص إلى النزوح من منازلهم.
في ظل الموت والدمار والجوع والمرض، قد لا تكون كرة القدم أولوية، ولكن المنتخب الوطني لا يمكنه تجاهل معاناة وطنه يقول عبد الرحمن كوكو، مدافع المنتخب السوداني، في تصريح لـ DW: "الحرب تؤثر على الفريق بشكل كبير، كما تؤثر على كل جانب في حياتنا. اللاعبون يشعرون بالقلق على عائلاتهم، لأن الوضع في البلد يمكن أن يتغير في أي لحظة."
رغم الظروف الصعبة التي يمر بها اللاعبون، وهم يمثلون منتخب السودان الذي يحتل المركز 120 عالميًا وفقًا للفيفا، فإنهم يجدون في هذه الظروف مصدرًا للإلهام. وأضاف كوكو: "عندما نلعب، نعلم أننا لا نلعب من أجل أنفسنا فقط، بل من أجل وطن بأسره ينتظر منا النجاح. نلعب بكل قوتنا ونريد إسعاد الشعب السوداني. رغم الضغط الكبير، إلا أنه يدفعنا لتحقيق المزيد".
كرة القدم تغيب عن السودان
لم يكن غريبًا أن تؤدي الحرب في السودان إلى تعليق الدوري المحلي. في ظل هذه الظروف، قرر أكبر ناديين في البلاد، الهلال والمريخ، المشاركة في دوري موريشيوس هذا الموسم. لكن رغم تصدرهما للترتيب، لن يُمنح أي من الفريقين لقب البطولة، إذ لا تمنح المسابقة اللقب للفريق الذي يحتل المركز الأول.
وعلى الرغم من الظروف الصعبة، واصل لاعبو الهلال والمريخ تدريباتهم ومبارياتهم، مما كان له تأثير إيجابي على المنتخب السوداني. في أكتوبر/تشرين الأول، خاض المنتخب مباراتين في تصفيات كأس الأمم الأفريقية ضد غانا، أحد أقوى الفرق في القارة. بدأ السودان بتعادل سلبي (0-0) في أكرا، ليحقق بعدها فوزًا رائعًا في مباراة الإياب بنتيجة (2-0) في ليبيا، بسبب الأوضاع الأمنية. ورغم أن المباراة لم تُلعب في الخرطوم أو أم درمان، كان هذا الفوز خطوة مهمة في مسيرة الفريق.
عبّر عبد الرحمن كوكو، لاعب المنتخب السوداني الذي يلعب حاليًا في ليبيا بعد مغادرته المريخ في سبتمبر/أيلول، عن مشاعره قائلاً: "بالطبع، كان اللعب على أرضنا سيكون أفضل. من لا يرغب في اللعب أمام أهله وعائلته؟ لا شيء يمكن أن يضاهي هذا الشعور. إنها ميزة كبيرة نفتقدها في الوقت الحالي."
حقق المنتخب السوداني الفوز على غانا، مما وضعه في المركز الثاني في مجموعته في تصفيات كأس الأمم الأفريقية. ويحتاج الفريق إلى نقطتين فقط من آخر مباراتين لضمان التأهل إلى البطولة للمرة الرابعة في تاريخه خلال 49 عامًا. أما في تصفيات كأس العالم، فيتصدر السودان مجموعته برصيد 10 نقاط من 4 مباريات، متفوقًا على السنغال، أحد أقوى المنتخبات في أفريقيا، بفارق نقطتين.
ورغم أن الطريق إلى نهائيات كأس العالم 2026 لا يزال طويلاً، بدأ المشجعون في السودان يعتقدون أن هذا الحلم قد يصبح حقيقة.
قال فهيم أحمد، أحد مشجعي المنتخب: "لم نكن نحلم بالتأهل إلى كأس العالم حتى قبل الحرب. لكن مجرد الاقتراب من هذا الإنجاز سيكون شيئًا رائعًا. الفضل في ذلك يعود كثيرًا للمدرب."
تولى جيمس كواسي أبياه، المدرب السابق لمنتخب غانا، تدريب المنتخب السوداني في عام 2023، وأحدث تغييرًا كبيرًا في الفريق. تحت قيادته، خسر السودان مباراتين فقط من أصل 14 مباراة.
وقال عبد الرحمن كوكو، لاعب المنتخب السوداني: "أعتقد أن عقلية الفريق تغيرت بفضل المدرب، فهو يعطي كل لاعب الثقة والإيمان. كل ما يقوله يعنيه. عندما يقول إنه سيقودنا إلى كأس الأمم الأفريقية أو كأس العالم، فنحن نصدق ذلك."
أول مشاركة في بطولة كأس عالم للسودان في الأفق
رغم أن السودان لم يتمكن من التأهل إلى نهائيات كأس العالم من قبل، فإن كرة القدم تحظى بشعبية واسعة لدى السودانيين. ووفقًا لستيفن قسطنطين، المدرب السابق للمنتخب السوداني بين 2009 و2010، في تصريح لـ DW: "كنا نتدرب في ملعب المريخ أو الهلال، وكان من المعتاد أن يحضر 10 إلى 15 ألف شخص لمتابعة التدريبات."
ويضيف قسطنطين، المدير الفني الحالي للمنتخب الباكستاني، أن كرة القدم كانت وما زالت الرياضة الأولى في البلاد. ومع اقتراب المباريات، كان الوضع يصبح تحديًا، إذ اضطر إلى إغلاق الأبواب بسبب ازدحام الجماهير، حتى أنه لم يكن يستطيع سماع نفسه أثناء حديثه.
قسطنطين يعتبر أن السودان يقع في مرتبة متوسطة بين دول أفريقيا في مجال كرة القدم، ولكنه يرى أن التأهل إلى كأس العالم سيكون إنجازًا ضخمًا. ويضيف: "سيكون لهذا الإنجاز تأثير معنوي هائل على البلاد، ورغم أهمية ذلك، ما زال أمام السودان طريق طويل للوصول إليه."
يرى أحمد، أحد المشجعين السودانيين، أن التأهل لكأس العالم سيكون أكثر من مجرد تحقيق حلم، بل سيكون بمثابة فرصة للعالم للاهتمام بما يحدث في السودان. ويقول أحمد: "الوصول إلى كأس العالم حلم كبير، ولكنه يعني أيضًا أن العالم لن ينسى السودان وكل ما يحدث فيه. سيكون هناك اهتمام عالمي، وهذا ما يحتاجه شعبنا."
ورغم أن الهدف الأكبر هو التأهل إلى كأس العالم، إلا أن الرحلة نحو هذا الهدف تحمل مغزى أعمق. يقول عبد الرحمن كوكو، لاعب المنتخب السوداني: "أداؤنا الحالي يمنح البسمة لأناس يعانون كثيرًا، والذين فقدوا الكثير من أحبائهم ومنازلهم. عندما نلعب، نمنحهم لحظة فرح نادرة، وفرصة ليشعروا بالفخر، ولو لفترة قصيرة، بما يحدث في وطنهم."
تواصل التحضيرات لتصفيات كأس الأمم الأفريقية
يواصل منتخب السودان لكرة القدم، "صقور الجديان"، استعداداته لملاقاة منتخب النيجر في الجولة قبل الأخيرة من المجموعة السادسة ضمن تصفيات كأس أمم أفريقيا 2025 التي ستُقام في المغرب. ومن المقرر أن تُلعب المباراة بين الفريقين في الرابع عشر من نوفمبر الجاري في مواجهة حاسمة.
وفي تصفيات كأس العالم 2026، يتصدر منتخب السودان مجموعته متفوقًا على منتخبات السنغال وجمهورية الكونغو وتوغو وجنوب السودان وموريتانيا. أما في تصفيات كأس أمم أفريقيا 2025، فيحتل " صقور الجديان" المركز الثاني في مجموعته خلف منتخب أنغولا، متفوقًا على غانا والنيجر، مما يقترب بالفريق من تحقيق حلم التأهل للبطولة القارية.
ومنذ اندلاع الحرب في السودان، خاض "صقور الجديان" 8 مباريات رسمية، حقق خلالها 5 انتصارات، وتعادل في مباراتين، وتعرض لخسارة واحدة. وبسبب الوضع الأمني في السودان، يتم خوض المباريات على أراضٍ محايدة في جنوب السودان وليبيا.
أعدته للعربية: ن.ف.د