مسيحيو الأردن يحتفلون بالميلاد على طريقتهم الخاصة
٢٢ ديسمبر ٢٠١١يميز المتجول في شوارع المدن الأردنية هذه الأيام منازل المسيحيين عن غيرها، فهي مزينة بأضواء جميلة ومجسمات تحاكي "بابا نويل" وبشجرة الميلاد التي يصل طولها في مدينة الفحيص غرب عمان إلى أكثر من عشرين مترا. كما يجوب بابا نويل الشوارع ومراكز التسوق الكبيرة.
"مظاهر أعياد الميلاد انتقلت إلى الشوارع والأسواق"
ويقول الإعلامي والمؤرخ الأردني، الدكتور جورج طريف إن من مظاهر أعياد الميلاد في الأردن وضع شجرة في المنزل ترمز إلى "شجرة الحياة" وعليها كرات حمراء تعبر عن التفاح الأحمر الذي يرمز إلى الفداء، و ذرات الثلج الاصطناعي، التي تعبر عن نثرات القطن الأبيض التي ترمز إلى العفة والطهارة، والأنوار وأشرطة الإضاءة "التي تمثل نور السيد المسيح في العقيدة المسيحية".
ويشير طريف إلى أن مظاهر أعياد الميلاد في الأردن انتقلت من البيوت إلى الشوارع والمحلات التجارية والأسواق والمركبات، وأخذ التجار المسيحيون والمسلمون يزينون محلاتهم لأهداف تجارية، في مقدمتها جذب الزبائن، "مثلما انتقلت هذه المظاهر إلى الأعياد الإسلامية، وخصوصا عيد الفطر، حيث تزين البيوت بالأهلة المضيئة".
ومن مظاهر أعياد الميلاد في الأردن (سانتا كلوز) أو بابا نويل، وهي شخصية قديس كان غنيا ومتدينا ويوزع الكثير من الهدايا على الأطفال، وخصوصا الفقراء والمساكين منهم. وتطورت هذه الشخصية مع الزمن لتصبح شخصية معطي الهدايا للأطفال جميعا، وتنوعت الهدايا حسب غنى وفقر العائلة.
"الأردن ليس لفئة معينة من المجتمع"
وردا على سؤال بشان وجود مخاوف لدى المسيحيين في الأردن من تنامي قوة الحركات الإسلامية يقول الإعلامي والمؤرخ الأردني جورج طريف إنه في ظل الأوضاع التي يمر فيها الوطن العربي، والتطورات التي رافقت ما سمي بالربيع العربي، ووصول الإسلاميين إلى الحكم في تونس والمغرب وتقدمهم في الانتخابات المصرية، فان "المخاوف موجودة لدى المسيحيين، لكنها لا تصل إلى الدرجة التي يتصورها البعض".
ويضيف طريف أن الإخوان المسلمين في الأردن شريحة من شرائح المجتمع الأردني، مثلما يشكل المسيحيون شريحة من شرائح المجتمع الأردني. ويؤكد أن الجميع تحت مظلة الدستور والقوانين والأنظمة التي تصدر بموجبه.
"الابتعاد عن نهج الدولة الدينية التي تلغي الآخر"
من جهته يقول الأب نبيل حداد مدير مركز التعايش الديني في الأردن في حوار مع دويتشه فيله إن الشعوب العربية استبشرت مع بداية الربيع العربي بتحول يحقق الأفضل وينشر العدالة والمساواة والحريات الدينية واحترام حقوق الإنسان، لكنه يرى أن "هذا الربيع وما فيه من تحولات وتداعيات وتأثيرات تبرر وجود مخاوف لدى المسيحيين".
وحول مظاهر أعياد الميلاد في الأردن يقول حداد إن للأردن خصوصية تاريخية وجغرافية وروحية تتمثل في علاقته بالمسيحية التي أعلنت أولى عقائدها عند ضفاف نهر الأردن "وكان أهله من الأولين الذين تلقوا البشارة" ويضيف إن مسيحيي الأردن يدركون إرثهم لأنهم الجماعة المسيحية الأقدم "فالمسيحية واحدة من ديانات العرب، وتمتزج ألوان تقاليد مسيحيتهم مع التقاليد العربية، مما يعطي للميلاد لوناً عربياً أردنياً، تبرزه هذه العادات التي نراها في كل موسم ميلادي".
"المجتمع الأردني طوّر شكلا للاندماج في تركيبة علمانية الطابع"
إلى ذلك يؤكد الكاتب والمحلل الأردني ناهض حتر في حوار مع دويتشه فيله أن الوجود الاجتماعي للمسيحيين الأردنيين ليس مبنيا على أساس ديني، إنما على أساس عشائري. "فالتحالفات العشائرية الكبرى في البلقاء والكرك تضم في الوقت نفسه عشائر مسلمة وأخرى مسيحية". ولذلك لا ينظر مسيحيو الأردن إلى أنفسهم ككتلة طائفية وإنما كجزء عضوي من كتل عشائرية، تنظمها علاقات تقليدية معروفة ضاربة في القدم.
ويوجد في الأردن ثماني طوائف مسيحية، تتمركز في عمان والسلط والفحيص وإربد والكرك والمفرق وعجلون وجرش ومادبا والحصن ودبين والرميمين وصافوط والزرقاء والعقبة والمغطس. وينتشر العديد من كنائسهم ومدارسهم في هذه المدن والقرى المجاورة لها. ويقدر عدد الأردنيين المسيحيين بنحو أربعمائة وخمسين ألف نسمة، يعيش منهم أكثر من مائة ألف في المهجر في أمريكا وكندا واستراليا وأوروبا والخليج العربي.
محمد خير العناسوة - عمان
مراجعة: منى صالح