مهرجان برلين يفتح الباب أمام المواهب السينمائية الشابة
٢٢ فبراير ٢٠١٠منذ ثمانية أعوام، بدأ مهرجان برلين السينمائي الدولي في تنظيم فعالية تحمل عنوان "ملتقى المواهب" أو "جامعة المواهب" „Talent Campus"، يجتمع فيها السينمائيون الشباب من كل أنحاء العالم، لمناقشة أعمالهم مشاريعهم المستقبلية، ولاكتساب خبرات جديدة من خلال أوراش العمل مختلفة، وكذلك المحاضرات التي يستمعون فيها لكبار السينمائيين في العالم.
وفي دورة هذا العام، وعلى مدى ستة أيام، التقى 350 شاب وشابة من المواهب السينمائية الصاعدة، والذين قدموا من حوالي مائة دولة، إلى مدينة برلين على هامش مهرجان برلين السينمائي الدولي، في إطار "ملتقى المواهب".
"وضوح الرؤية" شرط أساسي لقبول المتقدمين
ويتقدم سنوياً لحضور هذه الفعالية آلاف الشباب من كل أنحاء العالم، ويقع الاختيار بناء على نماذج الأعمال المقدمة، وأيضاً بناء على ما يتوقع القائمون على المشروع أن يصل إليه الشباب من خطوات عملية خلال الأيام الست التي يقضونها في برلين كما يؤكد مدير "ملتقى المواهب"، ماتييس فاوتر كنول، في حديث لدويتشه فيله "نحن ندعو أشخاص يعرفون بدقة ما يريدون وما يبحثون عنه، ليتمكنوا خلال فترة الملتقى القصيرة، وهي ستة أيام، أن يتقدموا خطوة إلى الأمام".
وبالفعل، ليست الدراسة هي شرط التقدم ولكن الموهبة وأفكار الأفلام التي يتقدم بها الشباب، كما يؤكد فادي حنداش، الكاتب والمخرج الفلسطيني اللبناني المقيم في الإمارات، فرغم كونه درس الهندسة المعمارية، لكن حبه للسينما دفعه لترك هذا المجال والتوجه إلى صناعة الأفلام. وقد تقدم فادي للملتقى بفكرة فيلمه الوثائقي الجديد.
ويوافقه الرأي أحمد مجدي، البالغ من العمر 24 عاماً، والذي تخرج من كلية الحقوق، ودرس الفن السابع في مدرسة مستقلة للسينما في مصر، وبدأ في الكتابة والإخراج والتمثيل في عدد من الأفلام القصيرة في إطار دراسته، تقدم بها لعدد من المهرجانات العالمية، من بينها مهرجان الأفلام العربية في روتردام، وفاز فيلمه "كيكة بالكريمة" خلاله بجائزة الفضي، وهذا الفيلم هو أيضاً الذي جاء بأحمد إلى برلين.
أحمد الذي سمع بفكرة المنتدى منذ نحو ثلاث سنوات، لم يكن يتوقع أن يُقبل ويقول في هذا الإطار "كنت أعتقد أن تجربتي صغيرة وأنني لست مستعداً لمثل هذا الملتقى الدولي، لكن أستاذي في مدرسة السينما شجعني للتقديم، وقد تقدمنا جميعاً في المدرسة، وعددنا عشرة طلبة، لكني الوحيد الذي قبلت هذا العام، رغم أن فيلمي ذا الإمكانيات الضعيفة لم يكن ذي جودة عالية من الناحية التقنية، فتكلفة الفيلم كانت ألف جنيهاً فقط، والصورة لم تكن بالجودة الكافية وكذلك الصوت، لكني أعتقد أن الفكرة هي التي جذبت القائمين على المنتدى لدعوتي للمنتدى".
التلاقي الفني يتعدى الحدود الجغرافية والسياسية
تتنوع فعاليات المنتدى بين أوراش العمل التخصصية في مجالات الإخراج والتصوير والإضاءة والفعاليات التسويقية أو المحاضرات، ففادي حنداش مثلاً تقدم للمنتدى ليشارك في برنامج خاص بدعم الأفلام الوثائقية وتطوير أفكارها على مدى أيام المنتدى الستة، بالتعاون مع بعض الاستشاريين المتخصصين في هذا المجال من كل أنحاء العالم. وقد استفاد حنداش كثيراً من خبرة هؤلاء المستشارين الذين يعملون في مجال الأفلام الوثائقية في قنوات أوروبية مشهورة مثل القناة الألمانية الثانية تسد.دي.اف ZDF وقناة ARTE الفرنسية الألمانية. هؤلاء الخبراء ساعدوا الشباب المشاركين في تطوير أفكارهم لتحويلها إلى أفلام وثائقية يمكن تسويقها، كما تحمسوا أيضاً لفكرة فيلم حنداش، مما يجعله من الممكن أن يشاركوا في إنتاج هذا الفيلم.
كذلك شاءت الصدفة أن يتقابل فادي، الذي يطور فكرة فيلم عن باكستان أثناء تناوله وجبة العشاء ببعض السينمائيين الباكستانيين، ما قد يفتح الفرصة له للتعاون معهم لإنتاج فيلمه. ويعتبر حنداش أن فرصة التقابل مع كل هذا الكم من الفنانين المنفتحين على الثقافات الأخرى والراغبين في التعاون في مشاريع مستقبلية أهم ما حدث لهم خلال المنتدى. ويوافقه الرأي الألماني فولفرام هوكه، الطالب في معهد السينما والتلفزيون في ميونخ، الذي تمكن من التعرف على منتجة إفريقية من كينيا، واتفق الاثنان خلال المنتدى على تنفيذ فيلم وثائقي مشترك في كينيا. كذلك يعتبر السينمائي اللبناني الشاب مارك خليفة، الذي عمل في مجال الإنتاج والإضاءة أن فرصة التعرف على كل هؤلاء السينمائيين الموهوبين هو أهم ما استفاد منه خلال أيام المنتدى الست.
فرصة فريدة للتعرف على كبار الفنانين السينمائيين
أحمد مجدي يعتبر أيضاً أن كم العلاقات الفنية والإنسانية التي حققها هي أهم ما حدث له خلال هذه الفترة، ويضيف في هذا السياق: "لقد عرفت أن العالم صغير وأن الفنانين في كل مكان في العالم قادرين على التفاهم فما بينهم. كما أنني فوجئت من روح الدعابة المشتركة بيننا، فلم أظن أبداً أنني سأتمكن من إلقاء النكات والضحك مع غير المصريين، لكنني اكتسبت الكثير من الصداقات هنا".
لكن السينمائي المصري الشاب يؤكد أيضاً أنه تعلم الكثير على المستوى العملي، وبالإضافة إلى مراجعة مشروع السيناريو الذي جاء به لمناقشته هنا مع الخبراء والمنتجين، فقد شارك أحمد أيضاً في ورشة عمل خاصة بمرحلة ما بعد التصوير، وتعلم فيها الكثير من كبار المصورين الذين عملوا في أفلام عالمية مثل فيلم "متشرد مليونير" أو slumdog millionaire ومصور فيلم أنيكريست، الذي يصفه مجدي قائلاً "لقد جلست مع مصور عظيم، وأبهرني تواضعه وبساطته ورده على كل أسئلتنا، الساذجة والبدائية أحياناً كثيرة، وتعلمنا منه الكثير عن إمكانيات الكاميرات الرقمية الجديدة، التي نعرفها وعملنا عليها، لكننا لا ندرك إمكانياتها". تعلم أحمد الكثير عن التصوير والمونتاج وتصحيح الألوان، وهو سعيد بهذه الخبرة التي سينقلها لزملائه في مصر.
الكاتبة: سمر كرم
مراجعة: حسن زنيند