"مواقف حزب النور من الدولة المدنية تسبب له العزلة السياسية"
٦ يناير ٢٠١٢يتجه حزب النور ذو التوجه السلفي إلى احتلال المركز الثاني في الانتخابات البرلمانية التي تعلن نتائجها رسميا بعد أسبوع في مصر، حيث من المرجح ان يحصل على نسبة 20 في المائة من الأصوات. بيد ان مركز الحزب المتقدم انتخابيا لا يبدو أنه سيمنحه فرصة الوصول إلى الحكومة، بل "يرجح أن يكون معزولا سياسيا" كما يقول الخبير المصري، الدكتور مصطفى اللباد رئيس مركز الشرق للدراسات الاقليمية والاستراتيجية في حوار لموقع دويتشه فيله. وأوضح اللباد ان مواقف حزب النور من مسألة الدولة المدنية، تثير"حفيظة مختلف التيارات السياسية المصرية، بما فيها حزب الحرية والعدالة المنبثق عن الاخوان المسلمين" مرجحا ان يتشكل تحالف بين حزبي "الحرية والعدالة" و"الوفد" الليبرالي يستبعد حزب النور الذي يتجه للعب دور "المزايدة السياسية" على حزب الحرية والعدالة بهدف احراجه أمام قواعده الانتخابية.
ومن جهته أكد محمد نور المتحدث بإسم حزب النور السلفي، في حوار مع دويتشه فيله، أن حزبه "يشترط أن يكون رئيس الدولة مسلما وأن يكون ذكرا"، أما بشان ملف العلاقات بين مصر واسرائيل، فإن نور لم يبد اعتراضا مبدئيا على معاهدة السلام الموقعة مع اسرائيل، لكنه اكد رفض حزبه الاعتراف بدولة اسرائيل.
"مواقف حزب النور من الدولة المدنية تثير تحفظ الاحزاب السياسية"
موقف حزب النور ذو التوجه السلفي من ديانة رئيس الجمهورية بأن يكون مسلما واشتراطه أن يكون ذكرا، يطرح برأي المحللين اشكالية حول فكرة الحزب عن الدولة المدنية نفسها. ففي مسألة شروط الرئاسة يقول محمد نور المتحدث باسم حزب النور "منصب الرئيس يعادل الولاية العظمى، ونرى أن الولاية العظمى لا تجوز لغير المسلم". وأوضح نور"من الأفضل وضع مادة في الدستور تنص على أن يكون الرئيس مسلم". لكن نور يقلل من مخاوف الاقليات وخصوصا الأقباط ويقول"الأقباط مرحبين بهذا لأنهم عانوا في السنوات السابقة من أن ما يكتب غير ما ينفذ على الأرض، وبالتالى فالأفضل أن تكون حقوقهم واضحة ومحددة". ويبدو ان شرط الديانة الإسلامية يطال حتى مناصب أدنى من رئاسة الجمهورية، مثل المحافظين، اذ أبدى المتحدث باسم حزب النور نوعا من تبرير مواقف المطالبين بإقالة محافظ المنيا بسبب خلفيته الدينية كقبطي، معللا ذلك بقوله حول هذه النقطة:"لا بد من مراعاة هوية المجتمع دائماً، ونعنى بها دينه وثقافته".
واستنادا لمرجعيته السلفية، يذهب حزب النور إلى استبعاد حق المرأة في تولي رئاسة الجمهورية. وردا على سؤال حول ما إذا كان الحزب سيقترح إضافة شرط الذكورة للرئاسة، يقول المتحدث باسم الحزب: "القانون الحالي يفتح باب الترشح لأى شخص، لكن هذا القانون لا يتناسب مع مرجعيتنا الفكرية التى نحاول من خلال العمل والممارسة السياسية إقناع الآخرين به، وهو أن الولاية العظمى لا تجوز للمرأة أو غير المسلم".
وفي رده على سؤال حول ما اذا كانت مواقف حزب النور السلفي بشأن اشتراطه للديانة الإسلامية والذكورة للمرشح لرئاسة الجمهورية، يبرهن على معارضته لفكرة الدولة المدنية وسعيه لإقامة دولة دينية في مصر، يرى المحلل السياسي الدكتور مصطفى اللباد رئيس مركز الشرق للدراسات الإقليمية والإستراتيجية في القاهرة، أن "مفاهيم الحداثة والدولة المدنية غائبة عن اطروحات حزب النورالنظرية ومن مواقف قياداته". موضحا ان تصريحات الحزب بشأن مسألتي الديانة الاسلامية والذكورة كشرط لتولي رئاسة الجمهورية " تثير تحفظ مختلف التيارات السياسية في مصر، دون استثناء، بما فيها حزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين". لكن الخبير المصري يرى أن حصول حزب النور على حوالي 20 في المائة من الأصوات في الانتخابات البرلمانية التي تعلن نتائجها بعد أسبوع، "لا تؤهله لفرض اطروحاته على الآخرين". ورغم احتلاله للمركز الثاني في الانتخابات فإن المرجح أن يكون"معزولا" في البرلمان بسبب مواقفه من الدولة المدنية والقضايا الاقليمية، التي تؤشر إلى "افتقاد الحزب إلى الخبرة والحنكة السياسية"، كما يقول اللباد.
تضارب في المواقف بشأن اسرائيل
في قلب حملة الانتخابات البرلمانية المصرية، أدلى القيادي في حزب النور يسري حماد، بحوار صحافي لإذاعة صوت إسرائيل، ما أثار ردود فعل واسعة ي الشارع المصري، ورأى فيها منتقدو الحزب خطوة منه نحو التطبيع مع إسرائيل، بينما رأى آخرون انها محاولة منه لطمأنة الغرب وتهدئة المخاوف الاسرائيلية. ويوضح محمد نور المتحدث باسم الحزب أن المقابلة تمت على أساس ان الصحافي قدم نفسه كصحافي عراقي وليس كإذاعة اسرائيلية، وأضاف بأن"حزب النور ملتزم بالموقف الشعبي الرافض للتطبيع مع إسرائيل كما يرفض اللقاء مع أي مسؤول اسرائيلي".
لكن التساؤلات بشأن موقف الحزب من مستقبل العلاقة بين مصرواسرائيل، عادت من جديد بعد تصريحات بدت للمحللين متضاربة. ففي رده على على سؤال حول موقف حزب النور من معاهدة السلام الموقعة بين البلدين، قال محمد نور"هناك اتفاقية سلام بيننا وبين هذا الكيان. هذه الاتفاقية لها العديد من الأبعاد. فأولاً هناك الكثير من البنود الغامضة التى لم يطلع عليها الشعب المصري. ثانياً الاتفاقية ليست اتفاقية سلام فقط بل لها شق اقتصادي وهو أمر ليس مفهوم بالنسبة لنا" واضاف ان ما يطالب به حزبه "هو الإفصاح عن كل بنود الاتفاقية وعرضها على الشعب المصري لنكشف هل هى اتفاقية عادلة بالنسبة لنا في مصر أم لا. لأنه من الظلم الشديد أن تقول لا أن جزء من الاتفاقية تصدير الغاز لإسرائيل بأسعار زهيدة. وتربط مثل هذا الشأن الاقتصادي بمسألة كالسلام أو الحرب".
بيد أن موقف الحزب غير الرافض مبدئيا لمعاهدة السلام الاسرائيلية المصرية، يقابله موقف رافض للاعتراف باسرائيل كدولة، حيث قال محمد نورإذا كانت الدولة المصرية معترفة بإسرائيل"فأنا كحزب ليس مطلوب منى الاعتراف بها".
وفي تحليله لموقف حزب النور الذي لا يرفض مبدئيا معاهدة السلام بينما يرفض الاعتراف باسرائيل، والحال ان المعاهدة تتضمن في بنودها اعترافا بالدولة الاسرائيلية وبحدودها مع مصر، يرى الخبير المصري الدكتور مصطفى اللباد ان موقف الحزب السلفي ينطوي على "تناقض واضح". وقال اللباد ان هنالك "خطوط حمر اقليمية" تراعيها كل الأحزاب المصرية، ويعلمها حزب النور ايضا، لكنه (الحزب) يقع في تناقض يظهر"افتقاد حزب النور لرؤية لسياسة مصر الاقليمية والخارجية في المرحلة المقبلة".
ويفسر اللباد التضارب في موقف الحزب بمحاولته"طمأنة الغرب من ناحية. ومن ناحية ثانية، الحرص على عدم خسارته قادته الانتخابية". وبأنه يفتقد"للخبرة والخلفية السياسية لإدارة قضايا هامة وحساسة لأمن مصر القومي مثل العلاقة مع اسرائيل ودول المنطقة وادارة السياسة الخارجية لمصر".
منصف السليمي / ا.ن
مراجعة: حسن زنيند