موسيقى هيب هوب الألمانية: من السياسة إلى تمجيد العنف
١٩ فبراير ٢٠٠٦عندما شاعت موسيقى "هيب هوب Hip- Hop" أو موسيقى الراب في الولايات المتحدة خلال ثمانينات القرن الماضي، كانت ألمانيا ما تزال تحت تأثير موجة الأغاني الشعبية. ومع تسويق هذه الموسيقى عالميا انطلاقا من الولايات المتحدة أصبحت احدى أهم الصادرات الأمريكية التي اجتاحت ألمانيا كذلك. السيد مرات كونغور وهو أحد المواكبين لتطورها يتذكر البداية: " أول ما وصل إلينا كان الـ "بريكدانس Breakdanc" الذي استهوى مختلف الفئات إذ شكلت حركاته ثورة رقص حقيقية في صفوف الشبيبة".
الانشغال بشؤون المجتمع في البداية
لم يقتصر انتشار هيب هوب على الأشرطة والتلفزيون فقط. فقد وجدت أيضا في السينما مكانا واسعا للعرض والمعجبين. ومن بين الأفلام التي جذبت الشباب فيلمي دوكو Doku- Film و "ويلد ستايل Wild Style. كما قام موسيقيو الراب الذين أطلق عليهم Hip-Hopper بتنظيم حفلات خاصة في النوادي وأماكن العمل. وقامت فرق أخرى مثل فرقة ادفانسد- كيمستري Advanced Chemistry من مدينة هايدلبيرغ بتنظيم دورات تعليمية. وكانت كيمنستري من أشهر الفرق الألمانية التي استطاعت من خلال نصوصها النقدية إضاءة جوانب مهمة من حياة الفئات الاجتماعية المهمشة في ألمانيا ، لاسيما حياة المهاجرين فيها.
وقد شاعت هيب هوب باللغة الإنجليزية في البداية كونها موضة أمريكية. ولم يكن مرغوبا سماعها بلغة أخرى. غير أن أعضاء فرقة ادفانسد خرقوا هذه القاعدة وقاموا بتحويل النصوص الإنجليزية إلى الألمانية مع إدخال تعديلات عليها. وفي وقت لاحق أصدرت الفرقة أسطوانة بالألمانية لاقت نجاحا كبيرا وحملت عنوان: "غريب في وطنه" وفقا لما يذكره مرات.
هيب هوب تشهد انقسامات
شاعت موسيقى هيب هوب بشكل تدريجي في ألمانيا، ووصلت إلى ذروتها في تسعينات القرن الماضي. غير أن اتساع انتشارها ترافق مع انقسامات شهدتها فرقها. وقد تمحورت هذه الانقسامات حول تيارين: الأول يمكن تسميته تيار المتعصبين لبقاء نصوص الأغاني ذات طابع سياسي. أما التيار الآخر فتشكل من موسيقيي الراب الجدد الذين اتجهوا إلى الأغاني السطحية المبتذلة والعاطفية. وبرز في صفوفهم فرقة " الأربعة الرائعين Die Fantastischen Vier من مدينة شتوتغارت. وبفضل هذه الفرقة حققت هيب هوب نجاحا لم تعرفه من قبل. وكانت أغنيتها "دي دا Die da" بين أفضل عشر أغنيات شاعت أوائل تسعينات القرن الماضي. ويعزي مرات كونغور النجاح الذي شهدته أغاني هيب هوب الألمانية إلى التطور الذي بدأ مع سقوط جدار برلين عام 1989. فمع هذا السقوط ازدادت الحاجة إلى إنتاج ثقافي ألماني وطني في مجالات الأدب والسينما والموسيقى وغيرها.
اتجاه جديد يمجد العنف
وعلى عكس أغاني هيب هوب التي شاعت في التسعينات، هناك اتجاه جديد استطاع تثبيت أقدامه في أوساط عالم هيب هوب الألماني. ويتمثل هذا الاتجاه في ازدياد الفرق التي تعتمد النصوص التي تشكل خطرا على الشباب كونها تمجد العنف. ويبرز من بينها فرقة "اغرو Aggro" التي تتخذ من برلين مقرا لها. وإذا كانت هذه النصوص إقبالا لدى المعجبين، فإن مصلحة المراقبة الاتحادية الألمانية تراها خطرا عليهم. وعلى هذا الأساس قامت بضمها إلى قائمة الأغاني الممنوعة .
غريت هوفمان