موقع ألماني يسعى لمواجهة الشعبوية والأخبار الزائفة
١٠ يناير ٢٠١٧
قبل أيام فقط نشر الموقع الإلكتروني الأمريكي برايتباخ نيوز/ Breitbart News خبرا في مقدمة عناوين الأحداث العالمية، يفيد أن عددا من الرجال الأجانب هاجموا الشرطة في ليلة رأس السنة الجديدة بمدينة دورتموند بالألعاب النارية وأضرموا النار في إحدى الكنائس.
ويتضح الان أن Breitbart News عملت على تزيفت الحقائق بشأن الحادثة، وهذا أسلوب معتاد لهذا الموقع الذي يُعتبر متحدثا باسم اليمين الأمريكي ومصدرا للأخبار الزائفة بشكل منتظم.
كريستوف كابيس، رجل أعمال تكنولوجيا الاتصالات يغضبه هذا الأسلوب الذي يحترفه موقع Breitbart News الذي يلفق حقائق الأحداث. هذا الأخصائي البالغ من العمر 54 عاما يطور في وكالته بمدينة هامبورغ استراتيجيات في الشبكة العنكبوتية من أجل تقديم خدمات للشركات. وجاء انتخاب دونالد ترامب ، والحديث عن أن Breitbart News يخطط لإنشاء فرع له في ألمانيا، مما دفع بكابيس للتحرك، حيث كتب في مقال تدويني له في نهاية نوفمبر المنصرم أنه يخشى وقوع "انجراف سياسي" في حال دخول الموقع الأمريكي للفضاء الألماني ومستخدميه. وبالنظر إلى الامتداد الأمريكي القوي "فقد يبلغ عدد مستخدميه في ألمانيا في غضون خمس سنوات ستة ملايين مستخدما"، كما يقول كابيس الذي يخطط لإنشاء موقع مضاد ل Breitbart News يحمل اسم Schmalbart.
حقائق في مواجهة أخبار زائفة
تحولت الفكرة بسرعة إلى مشروع كبير، وعوض الاكتفاء فقط بمجموعة صغيرة من المهتمين بهذا الموضوع، عبًر حوالي 200 شخص من منتجي الفيديوهات والمبرمجين والمستشارين في العلاقات العامة وأيضا حقوقيون عن اهتمامهم بهذه المبادرة، مما دعا برجل الأعمال كابيس ليصرح قائلا: "نحن كثيرون، وبالتالي فنحن نريد القيام بفعل الكثير". ومن بين الأمور المبرمجة مثلا هو العمل على إنشاء صيغة جديدة لليوتوب ولخدمة Shitstorm لدى تويتر وإنشاء بنك معلومات لتنشيط النقاش عبر منتديات التواصل الاجتماعي.
وفي سبيل الوصول إلى المحاورين سيكون لموقع Schmalbart إمكانيات المشاركة مباشرة في النقاش عبر فيسبوك والحفاظ على الموضوعية والتوازن. ومن المتوقع إدارة مدونة إلكترونية مضادة لوسائل الإعلام اليمينية الشعبوية ولمروجي الأخبار الزائفة، بل إن هذه الرؤية تتجاوز فكرة مراقبة Breitbart News فقط، خصوصا وأن الأمر يتعلق بمواجهة المخاطر المحدقة بالديمقراطية وبضرورة العمل على تكوين سليم للرأي.
قوى لمواجهة اليمينيين الجدد
يوليانه كراوزه آكلباين هي الأخرى مهتمة بتثبيت ثقافة نقاش أفضل في الشبكة العنكبوتية. وقد تابعت هذه المصممة الإلكترونية الانتخابات الأمريكية والنقاشات العنيفة في الشبكة عن كثب ، وهي تعتقد أن الأمر في ألمانيا لا يختلف كثيرا عما يحدث في مختلف دول العالم، وأكدت "أنه لم يعد هناك فارق، بل يوجد سوى أناس يصرخون في وجه بعضهم البعض". ولذلك هي تنوي المشاركة في مشروع Schmalbart، حيث إنها ترى أن هناك نقص في القوى "المضادة لمن يطلق عليهم صفة اليمينيين الجدد".
الشبكة الآن هي في طور التكوين، فالمشاركون ينظمون أنفسهم في مجموعات، وهم يريدون، كما أشارت إلى ذلك يوليانه من برلين، العمل على التواصل مع المجوعات الأخرى التي تنشط من أجل الحفاظ على مجتمع منفتح.
صوت أعلى من أصوات الشعبويين
كارستن روسي كانت له في الأصل مبادرة شخصية. فهو رجل أعمال بوكالة للتسويق في كولونيا، وقد خاطب زملاءه في قطاع الاتصالات عبر فيسبوك ودعاهم قائلا: "إن لم ننجح في إعلاء صوتنا أكثر من الشعبويين، فإن ذلك يعني أننا نزاول مهنة خاطئة". وبعد فترة قصيرة تلقى كارستن روسي دعوة من كريستوف كابيس للإنضمام للمبادرة Schmalbart.
ما يهم رجل الأعمال هذا والذي يبلغ من العمر 48 عاما هو وجود تنوع في الأفكار والآراء، إذ لا يحق أن يحصل شخص يبحث عن معلومات الحصول فقط عن معلومات من جهات نظر شعبوية. ويريد روسي تطوير موقع للمدونين يؤثر على كيفية البحث عبر موقع غوغل مثلا.
معركة من أجل سيادة الرأي
وتمكن المشكلة أيضا في أن وسائل الإعلام اليمينية الشعبوية التي تعلن في غالب الأحيان أنها تساهم في تنوع الرأي. فوسائل الاعلام الشعبية هذه تقدم نفسها كبديل للتيار السياسي والإعلامي السائدين، وتدعوا إلى الكشف عن حقائق تزيفها من طرف وسائل الإعلام القائمة.
ويرى روسي أن هناك حاجة إلى الحوار وأن الأمر يتعلق بسيادة الرأي. كما يؤكد على أنه لا يجوز استخدام أساليب الشعبويين، لكن من حق أتباعه العمل على إدارة حملات مهنية لمواجهة التصريحات الزائفة.
جزئيا يرتبط نجاح مبادرة Schmalbart أيضا بكيفية تمويلها، خاصة وأن الكشف عن حقيقة الأخبار الزائفة يحتاج إلى موظفين. ولم يستبعد كريستوف كابيس احتمال تلاشى المشروع، كما حصل لحزب القراصنة الألماني. وفي الـ 14 من شهر يناير الجاري سيلتقي المنضمون لأول مرة في برلين تحت لواء هذا الموقع الألماني الجديد.
هيلينا كاشيل/ م.أ.م