نشر صور جديدة يزيد من صعوبة احتواء فضيحة الجنود الألمان في أفغانستان
٢٧ أكتوبر ٢٠٠٦في الوقت الذي تجهد فيه برلين للملمة أثار فضيحة العبث بحرمة الأموات أو ما بات يعرف "بفضيحة الصور" التي كشفت عنها صحيفة "بيلد" الألمانية في منتصف هذا الأسبوع، تظهر تباعا صور أخرى لجنود يعبثون ببقايا بشرية قيل انهم من القوات الألمانية العاملة ضمن قوات "إيساف" الدولية العاملة في افغانستان. ونشرت نفس الصحيفة اليوم صورا أخرى على موقعها مشيرة إلى احتمال وجود مئات من هذه الصور. وكانت محطة "ار.تي.ال" التلفزيونية الألمانية قد بثت مساء أمس الخميس صورا قالت انها تصور جنودا ألمانا يتخذون أوضاعا مع جمجمة بشرية في أفغانستان عام 2004.
يذكر ان صحيفة "بيلد" الألمانية الصفراء التي توزع اكثر من ثلاثة مليون نسخة في اليوم، كانت قد نشرت الاربعاء الماضي صورا لجنود يعبثون بجماجم بشرية قالت انهم من الألمان العاملين في أفغانستان مشيرة إلى أن الصور أخذت اثناء القيام بدورية روتينية في ربيع عام 2003 في إحدى ضواحي كابول. من جانبها اتخذت الحكومة الألمانية جملة من الإجراءات القضائية والتأديبية والإجرائية التي تستهدف في مجملها معاقبة الفاعلين والحيلولة دون تكرار هذه الفضيحة التي أحدثت صدمة في الأوساط الألمانية عموما. وفي تطور لاحق قالت وزارة الدفاع الألمانية اليوم الجمعة ان الجيش أوقف جنديين على خلفية هذه الفضيحة. وقال زير الدفاع الالماني فرانتس يوزيف يونج بانهما "لن يظلا في الجيش الألماني".
"الجنود شعروا بتأنيب الضمير"
في مقابلة لموقع صحيفة "بيلد" مع احد الجنود الذي لم يُكشف عن هويته والذي يفترض انه شارك في فضيحة الصور، قال بان الصور لم تؤخذ من مقبرة وإنما من منطقة يستخدمها الأفغان لصناعة الطوب. وفي وصفه لطريقة أخذ الصور قال الجندي المجهول الهوية بأن قائد الدورية أمر بالتوقف في المكان دون أن يكون هناك توجيه عام للمجموعة بالمشاركة في التقاط الصور، لكن كان ينظر إلى الشخص الذي لم يشارك على انه "جبان". وحول سبب اخذ الصور مع الجماجم قال " كنا على درجة عالية من التوتر والعصبية، بعد وقوع الكثير من الحوادث والضربات". وأضاف قائلا بان الأفغان أنفسهم كانوا يحفرون في هذه المكان باستمرار دون أن يعيروا الرفات المحيط أهمية تذكر. وأردف بالقول "حتى المترجم الذي كان مع الدورية لم يعر موضوع التصوير مع الجماجم أي أهمية". ومع أن الصور صارت معروفة لكثير من جنود الخدمة من الدرجة الأدنى والذين اعتبروها إلى حد ما مثيرة للضحك، لكن، والكلام للجندي الألماني، بالتأكيد لم يكن الأمر على ما يرام. "الجميع شعروا بتأنيب الضمير".
شجب أفغاني
من جانبها أدانت الحكومة الافغانية أمس الخميس "بقوة هذا العمل الذي يتناقض مع القيم الإسلامية والتقاليد الافغانية"، حسب تعبير المتحدث باسم وزارة الخارجية الأفغانية سلطان أحمد باهين، الذي أعرب عن شعور حكومة وشعب بلاده بالحزن من جراء ذلك. هذا وفيما عبر مواطنون أفغان عن صدمتهم من هذه التصرفات، أبدى البعض قلقا من ان تستفيد حركة طالبان من ذلك بتجنيد المزيد من الشباب في صفوفها. ودعت كابول ألمانيا الى "اجراء تحقيق في الأمر وتقديم الجناة الى العدالة وضمان ألا تتكرر مثل تلك الأعمال".
ويتوقع المراقبون ذوي الخبرة في الشأن الداخلي الأفغاني ان تحدث هذه الصور نتائج وخيمة على كل من العسكريين والمدنين الألمان العاملين في افغانستان. فعلى سبيل المثال يشير الطبيب الالماني راينهارد هريوس، الذي كان مرافقا للوحدات العسكرية الألمانية في افغانستان ولدية حاليا منظمة لمساعدة الأطفال في هذا البلد، يشير إلى ان الأفغان يقولون بأنهم لم يكونوا يتوقعون مثل هذه التصرفات من الألمان وبالتالي فإن الوضع قد يتطور إلى ما لا تحمد عقباه. وأضاف الطبيب الألماني في مقابلة مع صحيفة "فرانكفورته الغماينة" واسعة الانتشار بان الأفغان كانوا ينظرون الى الألمان بشكل مختلف عن نظرتهم للأمريكان مثلا. فالألمان في نظر الأفغان اتوا للمساعدة في إعادة ألأعمار وبأنهم سيحترمون ثقافة البلد وعاداته ودينة الإسلامي. من ناحية أخرى وفي نفس السياق طلبت برلين أمس الخميس من بعثاتها في افغانستان والشرق الأوسط توخي الحيطة والحذر واتخاذ الإجراءات الأمنية اللازمة، حسب ما كشف متحدث باسم وزارة الخارجية. جاء ذلك وسط حالة من القلق بخصوص احتمال أن تشوه تلك الصور صورة ألمانيا وجيشها في الخارج وتحسبا لأي ردود أفعال انتقامية.
مراجعة برامج التدريب العسكري
هذا وفي الوقت الذي سادت فيه مشاعر الاشمئزاز والصدمة من قبل الألمان بسبب هذه الصور، أخذت الأصوات ترتفع مطالبة بإعادة النظر في عملية تدريب وتأهيل القوات الألمانية، مشيرين بأن هذه الأعمال وإن كانت لا تعكس السلوك العام للمؤسسة العسكرية، الا انها قد تكون مؤشرا على وجود خلل ما في طبيعة التربية العسكرية. في هذا السياق أعلنت وزارة الدفاع مراجعة برامج التدريب والإشراف على الجنود الألمان وبالذات أولئك الذين يتولون مهام في الخارج. وزير الدفاع الألماني عبر عن ذلك بالقول "هدفنا أن ينقل جنود الجيش الوطني لألمانيا الاتحادية خاصة حين يكونون في الخارج صورة جيدة لقيم دستورنا وأن يلتزموا بها" معلنا إجراء تحقيق في برامج التدريب والإشراف.