نظام استقبال طالبي اللجوء في بلجيكا.
٣ سبتمبر ٢٠٢٢تمر الأشهر وتتكرر المشاهد نفسها في العاصمة البلجيكية بروكسل، حيث يستمر وضع المهاجرين في التدهور من سيء إلى أسوأ. فمنذ نحو عام، يجد معظم المهاجرين الذين يأتون إلى "بوتي شاتو" (Petit-Château) بابه مغلق، وهو يعتبر مركز التسجيل الوحيد لطالبي اللجوء في البلاد.
وتعاني شبكة استقبال طالبي اللجوء في المملكة البلجيكية من التشبع الكلي، على الرغم من مئات أماكن الإقامة التي تم إنشاؤها، والتي تقدر بـ2500 مكان في عام واحد. لكن ذلك غير كاف، وآلية العمل لا تزال عالقة وتعاني.
وللتعامل مع الأمور الأكثر إلحاحا، تعطي الدولة الأولوية لمن يسموّن بالضعفاء، وهم العائلات والقصر غير المصحوبين بذويهم. لذا يتعين على الرجال غير المتزوجين الانتظار أياما قبل أن يأملوا في الاستفادة من المساكن المتاحة.
نتيجة لذلك، يضطر المئات من طالبي اللجوء للنوم كل ليلة أمام المبنى الذي يسجلون فيه ملفاتهم. وللأمر عواقب إذ تنتشر الفئران في المكان ويشتبك المهاجرون مع بعضهم ويكونون عرضة أمراض مثل الجرب كما أنهم يتلقون شكاوى من السكان المحليين.
يبدو أن السلطات غارقة تماما في هذه الأزمة منذ أشهر. وقد حاولت وزيرة الدولة الجديدة للجوء والهجرة، نيكول دي مور، إخماد الجدل بتطبيق إجراء جديد، يتمثل في إرسال طالبي اللجوء إلى مكانين مختلفين في العاصمة، عوضاً عن تجمعهم في مكان واحد.
"هذا القرار لا يصلح أي إشي"
ابتداء من يوم الإثنين الماضي، يتوجب على طالبي اللجوء أن يقدموا طلباتهم للحصول على الحماية مباشرة إلى المقر الرئيسي لمكتب الأجانب، الواقع في شارع باتشيكو (Pacheco). وبمجرد التسجيل، يعود المهاجرون إلى "بوتي شاتو" لتخصيص مكان إقامة لهم، ويقع المسكن عادة على بعد بضع كيلومترات من مكتب الأجانب.
هذا هو الحال نظريا، لكن الواقع مختلف. فوفقاً للجمعيات العاملة في المنطقة، يرُفض السماح لعشرات المهاجرين بتقديم طلبات الحماية في باتشيكو يوميا، تماماً كما كان الحال في "بوتي شاتو". تقول سوتيتو نغو مسؤولة جمعية كيري (Ciré) التي تساعد المهاجرين، "غيرت السلطات طريقة العمل ولكن هذا لا يحل أي شيء. لقد رأينا حالات رفض فيها استلام ملفات طلبات اللجوء. يوم الإثنين 29 آب/أغسطس، لم يتمكن مائة شخص من تقديم طلباتهم إلى مكتب الهجرة، ناهيك عن الأشهر الأخيرة".
مرة أخرى، وعلى الرغم من أن هذه الآلية الجديدة من المفترض أن تبسط الإجراءات، يتم التعامل مع حالات العائلات والقصر كأولوية، مع ترك الملفات الشخصية الأخرى دون متابعة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن هذا التغيير في الموقع يزعج المهاجرين، ولا يعرف الجميع الإجراء الجديد. يقول مهدي كاسو، مؤسس منصة "سيتوايين" لمساعدة اللاجئين، والناطق باسم المنصة أيضاً، "ضاع الناس، لا يعرفون باتشيكو ولا يعرفون إلى أين يذهبون. كل هذا يخلق الكثير من الارتباك لكنه لا يحل شيء، إنه أسوأ تقريبا من النظام السابق".
قلة أماكن الاستقبال
وبدلاً من تجمع كل المهاجرين أمام مبنى "بوتي شاتو"، كما كان في السابق، انقسموا الآن إلى مجموعتين، الأولى تتجمع أمام "باتشيكو" لتقديم طلبات الحماية، والثانية أمام "بوتي شاتو" لمحاولة إيجاد مكان إقامة.
ومن جانبه، يقول بنوا مانزي المتحدث باسم فيدازيل (Fedasil)، "هذا الإجراء الذي اتخذته الحكومة لا يوفر أماكن استقبال إضافية، ولكنه يسمح بفصل المهاجرين في هذه الأماكن".
وسرعان ما تحولت مخاوف الجمعيات إلى حقيقة، ففي ليلة الثلاثاء إلى الأربعاء، قضى 100 من المنفيين ليلتهم أمام "بوتي شاتو" و50 آخرين أمام "باتشيكو".
وبحسب الجمعيات، فإن جوهر المشكلة يكمن في عدم وجود أماكن متاحة داخل شبكة الاستقبال، على الرغم من الدعوات المستمرة من قبل الجمعيات لفتح هياكل جديدة.
"عدد الوافدين أكثر من المغادرين في هذه المراكز"
يمكن تفسير هذا التشبع في الهياكل الخاصة بالاستقبال، بأن نسبة كبيرة من طالبي اللجوء في بلجيكا لا يزالون يقيمون في هذه الهياكل على الرغم من مرور أكثر من عام على تقديم طلبات لجوئهم، خاصة وأن فترات معالجة الطلبات باتت أطول. في المتوسط، يتم استضافة المهاجر مدة عام ونصف في المراكز، قبل تلقي رد على طلب اللجوء الخاص به.
يتسبب هذا الوضع في حدوث اختناق في الهياكل، ويمنع الوافدين الجدد من الحصول على مأوى. ويشير بينوا مانزي إلى أن "عدد الوافدين يفوق عدد المغادرين، فليس من المستغرب ألا تنجح آلية العمل". ولا يطالب مانسي بإنشاء مراكز جديدة، بل بتعيين المزيد من الموظفين من أجل الإسراع في معالجة ملفات طلبات الحماية.
ويضيف "ما نلاحظه منذ شهور لا يليق ببلد مثل بلدنا. يحق لطالبي اللجوء أن يتم استقبالهم أثناء دراسة ملفاتهم. بالنسبة لأولئك الذين يتم إيواؤهم في المراكز، فإن هذا الوضع يمثل مشكلة لهم أيضاً. هذا الانتظار الطويل يغرقهم في عدم اليقين بشأن المستقبل ويخلق توترا في أماكن الاستقبال".