واشنطن تنتقل من حالة الصمت إلى حالة الدفاع عن سياساتها بخصوص المعتقلين
تعمل الإدارة الأمريكية على توضيح كيفية تعاطيها مع قضايا الإرهاب الدولي، لاسيما وأن هذه التعاطي جر عليها انتقادات من كل حد وصوب في الأيام القليلة الماضية، وخاصة من قبل الاتحاد الأوروبي. وكان من دواعي هذه الانتقادات تسرب أخبار، وإن كانت غير مؤكدة، عن توقف طائرات تابعة لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي ايه) في عدة دول أوربية منها ألمانيا. وقد أشيع أن هذه الطائرات كانت تحمل على متنها سجناء إسلاميين أو متهمين بالانخراط في منظمات إرهابية إلى معتقلات بدول العالم الثالث، أما منظمات حقوق الإنسان فقد أكدت على أن بعض دول أوربا الشرقية تسمح بتواجد سجون سرية أمريكية على أراضيها.
علاقات باردة
كان من شأن هذه الأنباء إضافة مزيد من الضغوط على العلاقات بين ضفتي الأطلسي، وهى العلاقات التي اتسمت بالبرود بعد رفض بعض حلفاء واشنطن التقليدين في الاتحاد الأوربي كألمانيا الحرب الأمريكية - البريطانية المتحدة على العراق. ومنذ بداية العام الحالي تعمل إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش جاهدة على إعادة الدفء إلى هذه العلاقات، إلا ان طلب الاتحاد الأوروبي من وزارة الخارجية الأمريكية تفسيراً لمزاعم استخدام وكالة المخابرات المركزية لمطارات أوروبية لنقل المعتقلين بدوافع أمنية، كان من شأنه إضفاء مزيد من الصعوبة على مهمة واشنطن.
"ألمانيا لن تصمت..."
ويأتي تسرب أنباء هذه الفضائح بعد أن أعربت واشنطن عن أملها بأن تلتقي المستشارة الاتحادية الجديدة أنجيلا ميركل قريباً بالرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش وأن يتعاونا سوياً خلال السنوات القادمة من أجل تقوية علاقات الشراكة الأمريكية ـ الألمانية في مجال "دعم الديمقراطية والرفاهية في العالم". لكن بالرغم من أن ميركل قد شددت يوم أمس، 30 تشرين الثاني/نوفمبر 2005، في أول خطاب حكومي لها أما البرلمان الألماني على أهمية العلاقات على ضفتي المحيط الأطلنطي، إلا أنها أكدت على عدم نينة الحكومة الألمانية الجديدة السكوت على انتهاكات حقوق الإنسان، إذ قالت: "في هذا الصدد لن نقف صامتين أمام أحد في العالم، سواء أكان الأمر يتعلق بشريك تجاري واعد أو دولة هامة لاستتباب الأمن".
...وأمريكا أيضاً
وتجد الولايات المتحدة نفسها في وضع دفاعي منذ أسابيع بسبب هذه المزاعم، التي لم تنفها أو تؤكدها، لاسيما وأنها ظلت تؤكد على أنها لا تعذب السجناء ولا تنتهك القوانين، وانه كان عليها التكيف للتعامل مع نوع جديد من الأعداء الإرهابيين. لكن بعد يوم واحد من الضغوط الألمانية لم يكن للإدارة الأمريكية أن تقف ساكنة فترة أطول أمام المطالب الأوربية بالإيضاح، لا سيما أنها قد تكررت كثيراً في الآونة الأخيرة، حتى من دول حليفة لواشنطن في الحرب على العراق كبريطانيا على سبيل المثال، وذلك على لسان وزير خارجيتها جاك سترو. وقبل أن تزور وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس المنطقة الإسبوع المقبل غيرت واشنطن استراتيجيتها الى الدفاع عن بعض سياساتها في التعامل مع المعتقلين وتكذيب التقارير الصحفية.
تصريحات تمهيدية
وفي محاولة لتهدئة الأجواء في أوربا قبل زيارة رايس صرح شون مكورماك، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، لوسائل الإعلام، اليوم: "يمكن الافتراض أننا كحكومة نحترم سيادة أصدقائنا وحلفائنا في أوربا." وأضاف أن ما تردد من أخبار كان يدور حول نقل معتقلين من أجل تسليمهم إلى دولهم الأصلية، "وأنا أفهم انه من الناحية النظرية القانونية أن عملية التسليم من الممارسات المعترف بها في النظام العالمي." على حد قوله. أما بورتور جوس، مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية فقد استنكر التقارير الصحفية التي تتهم أمريكا، قائلاً في حديث مع شبكة تلفاز ايه.بي.سي: "إن الأمر خرج تماما عن حدوده. قرأت بعض المزاعم في وسائل الإعلام وبدت لي ببساطة خارجة عن كل حدود." ولعله من الممكن أن يتكهن المرء على ضوء تصريحات المسئولين الأمريكيين كيف سترد كونذليزا رايس الإسبوع القادم عندما يدور النقاش حول مدى صحة التقارير الصحفية بخصوص انتهاك حقوق المعتقلين.
علاء الدين سرحان