وجهة نظر: الديمقراطية التونسية في خطر
٢٧ يوليو ٢٠٢١في ليلة وضحاها أقال الرئيس التونسي قيس سعيد رئيس الوزراء هشام المشيشي، معلنا قيادته شخصيا الحكومة - على الأقل في الوقت الحالي. تزامن هذا مع تعليق عمل البرلمان وانتشار قوات الجيش حول مقره.هل هذا "انقلاب"؟
هذا الاتهام ساقه نواب حزب النهضة في البرلمان الذين تم رفع الحصانة عنهم، النواب بقيادة رئيس البرلمان وزعيم الحزب راشد الغنوشي. الحزب الذي ينظر له على أنه حزب إسلامي معتدل نسبيا وفقا للمعايير الإقليمية، فيما يمتلك نوابه الأغلبية في البرلمان الذي تم تجميد عمله بموجب قرارات الرئيس قيس سعيد.
ويرى قيس سعيد - وهو محامي وذو توجه علماني قوي- أن تدخله وقراراته تتماشى مع الدستور التونسي. ويرى قيس سعيد أن قراراته بتعطيل البرلمان وإقالة رئيس الحكومة وإعفاء وزيري الدفاع والعدل من منصبيهما، أجراءات ضرورية لإنقاذ استقرار تونس التي تئن تحت وضع متعثر، مؤكدا أن قراراته مؤقتة وأقرب لأن تكون "مكابح طوارئ" ذات طابع سياسي.
مخاوف من تصاعد التوتر
من صاحب الحق في وجهة نظره، هذا ما ستثبته الأسابيع، الأيام، أو حتى الساعات القادمة.
والوضع متوتر بشكل كبير في تونس، إلى درجة أن أي أعمال عنف بسيطة أو مصادمات قرب مقر البرلمان - على سبيل المثال - يمكن أن تخرج عن السيطرة ليندلع على إثرها تصعيد خطير قد يعم أنحاء البلاد. والأمر الجلي، أن استقرار تونس ونظامها الديمقراطي قد أصبحا في خطر جسيم.
ليس على المستوى السياسي يقف طرفا الصراع على طرفي نقيض، بل في الشارع أيضا. إذ بينما يدين البعض "الانقلاب" ويقسم على الدفاع عن "الثورة"، خرج آخرون إلى الشوارع للتعبير عن فرحتهم بإسقاط حكومة النهضة مستخدمين في ذلك أبواق السيارات والألعاب النارية، متهمين إياها بالفشل التام في التعامل سواء مع الأزمة الاقتصادية أو وباء كورونا. وبالفعل فقد أعرب العديد من التونسيين عن غضبهم إزاء التقارير المروعة حول الوضع الكارثي الذي وصلت إليه مستشفيات البلاد وسط ارتفاع كبير في معدل الوفيات جراء الوباء، وهو ما أثار احتجاجات عنيفة.
صوب ديمقراطية زائفة
إذا ما خرج الوضع السياسي في تونس عن السيطرة ، فإن أولى التداعيات ستكون تدخل أكثر قسوة وصرامة من قبل القوات الأمنية ما ينذر بنهاية فعلية للتجربة الديمقراطية بأسرها في تونس. وهناك دولة عربية ذات نفوذ تحبذ أن تكون الديمقراطية في تونس "مزيفة و استبدادية" بما يتماشى مع التجربة المصرية.
وفي هذه الحالة، فإن التجربة الوحيدة الناجحة بين انتفاضات "الربيع العربي" سوف تفشل في البلد الذي كان مهد "الربيع العربي" واشعل شرارته في عام 2011، في تونس حيث قاد الربيع العربي إلى نجاح ديمقراطي، أفضل من أي بلد آخر في المنطقة. كل هذا مهدد بالزوال.
راينر زوليش