وجهة نظر: قصف مواقع "داعش" في سوريا نقطة تحول بالمنطقة
٢٣ سبتمبر ٢٠١٤إنها نقطة تحول في منطقة الشرق الأوسط. الولايات المتحدة الأمريكية انتقلت لمرحلة الجد بتوجيهها، بشكل حازم وصارم، ضربات جوية لمعاقل تنظيم "الدولة الإسلامية" في مدينة الرقة السورية وضواحيها. ولم تنفذ الولايات المتحدة ضرباتها الجوية لوحدها، بل مع حلفائها العرب، بما فيهم المملكة العربية السعودية التي تُتهم بالمشاركة في دعم ومساعدة وتمويل ميليشيا القتلة التي تطلق على نفسها "الدولة الإسلامية".
ويتضح من هذا أن الولايات المتحدة لن تحارب الإسلاميين الأصوليين بمفردها في سوريا والعراق. فهي تبحث عن تحالف أكبر رغم أنها لم تستطع حتى الآن أن تحصل على تفويض من الأمم المتحدة. أما حليفا واشنطن التقليديين بريطانيا وفرنسا، فهما مبدئياً على أهبة الاستعداد أيضاً للمشاركة.
هل يستفيد الأسد من محاربة "داعش"؟
إنها نقطة تحول بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط. فرغم أن الرئيس السوري بشار الأسد لم يٌسأل عما إذا كان بالإمكان شن ضربات جوية في بلاده التي دمرتها وقسمتها الحرب الأهلية، إلا أنه من الممكن أن يكون أكثر المستفيدين من الحرب على تنظيم "الدولة الإسلامية".
كان بشار الأسد حتى الآن منبوذاً في الشرق الأوسط باعتباره حاكماً مستبداً ومسؤولاً عن مقتل قرابة 200 ألف إنسان وهروب ملايين اللاجئين. لكن في الحرب ضد ميليشيات تنظيم "الدولة الإسلامية" يمكن أن يتحول الأسد فجأة إلى شريك إستراتيجي. في الحقيقة، الاختيار بين تنظيم "الدولة الإسلامية" والأسد سياسياً أمر يثير القرف، لكن إن كان لابد من الاختيار، فإنه يُفضل التحالف مع الأسد.
الحرب على تنظيم "الدولة الإسلامية" التي بدأت بشن ضربات جوية هي نقطة تحول أيضاً بالنسبة للرئيس الأمريكي باراك أوباما الفائز بجائزة نوبل للسلام، والذي كان يريد أن تجتنب بلاده دخول حروب أخرى. أوباما سحب القوات الأمريكية من العراق، وفي أفغانستان بدأ أيضاً انسحابها وسينتهي بحلول نهاية العام القادم. البعض يقول إن الولايات المتحدة الأمريكية أصبحت في فترة حكم أوباما قوة عظمى آخذة بالأفول، بل وتحدث البعض الآخر عن عودة الانعزالية.
لكن الولايات المتحدة عادت الآن للتحرك عسكرياً في منطقة الشرق الأوسط. حالياً، وبحسب ما يُقال، فإن هذا التحرك سيكون فقط من خلال توجيه ضربات جوية وليس من خلال مشاركة قوات برية. لكن إلى متى سيصمد هذا الموقف، خاصة وأن جميع التجارب العسكرية السابقة أظهرت أن الحروب تُحسم على الأرض. وبطبيعة الحال: مع تكبد خسائر فادحة.
وجوب محاربة "داعش" حتى في أوروبا
الاتفاق على سحق تنظيم "الدولة الإسلامية" بدل الاكتفاء بمحاربته أو كبح جماحه يعتبر أيضاً نقطة تحول في الإرادة السياسية. لا يتم الاستسلام للدعاية الوحشية لتنظيم "داعش" ورغبته في تدمير الشرق الأوسط ثقافياً وإنهاء تنوعه الذي دام لآلاف السنين.
هذه الحرب ضد المحاربين الدينيين القروسطيين هي فعلاً حرب ضد الإرهاب وحرب ضد الجماعات الإسلامية المتطرفة. مواجهة الانبهار بإسلام يقوم على مفاهيم بدائية بدأت الآن ليس فقط في الشرق الوسط، بل وفي أوروبا وألمانيا أيضاً، حيث يوجد آلاف من الشباب المستعدين لما يعتبرونه موتاً في سبيل الله.