وجوه عربية في كأس أمم أوروبا: خالد بولحروز
٣ يونيو ٢٠١٢نُعت ب"بولا الجرافة" أو "النار المفترسة"، بل قال عنه البعض أنه "آكل لحوم البشر"، وذلك في إشارة لطريقته الحادة في اعتراض الكرة، وصد هجمات الخصم، معتمدا في ذلك على قامته الطويلة (183 سنتم) وبنيانه الصلب. إنه الدولي خالد بولحروز البالغ من العمر 31 عاما، من أصل مغربي وتحديدا من منطقة الريف الأمازيغية في الشمال. وقد ورد اسمه ضمن القائمة الرسمية للمنتخب الهولندي المشاركة في بطولة كأس الأمم الأوروبية لكرة القدم UEFA 2012 في كل من أوكرانيا وبولندا. من ميزاته، أنه يلعب في مركز قلب الدفاع ومركز الظهير الأيمن على حد سواء. لسوء حظ اللاعب أنه سقط ضحية لمسلسل من الإصابات، تعرض لآخرها في شهر آذار/ مارس الماضي (كسر في أصبع قدمه اليسرى) أجبرته على الابتعاد من الملاعب، وذلك في الوقت الذي كان المدافع في أفضل فتراته مع فريقه شتوتغارت الذي رحل عنه رسميا منذ حزيران/ يونيو الحالي. ومن المحتمل أن ترغمه الإصابة ذاتها على خوض غمار بطولة الأمم الأوروبية من مقاعد الاحتياط. فقد افتقده جمهوره في آخر مباراة ودية أمام سلوفاكيا. ويرجح المراقبون أن حظوظ بولحروز للعب أساسيا في يورو 2012 ضعيفة، وأن كفة المدير الفني للمنتخب الهولندي بيرت فان مارفيك سترجح بيوريس ماتيسن (مالقا الاسباني) وجون هاتينغا (أيفرتون الانكليزي).
ومنذ أول ظهور له بقميص المنتخب الهولندي في عام 2004، خاض بولحروز 35 مباراة دولية؛ في حين تكتسي البطولة الحالية أهمية بالغة بالنسبة له. فهو يبحث عن فريق جديد بعدما قرر نادي شتوتغارت عدم تجديد العقد بينهما كنتيجة حتمية لسياسة التقشف التي يتبعها النادي الألماني. وأعرب بولحروز في أكثر من مناسبة عن رغبته في الانتقال إلى الدوري الايطالي، مغازلا بذلك فريق ميلان الذي أبدا اهتمامه بالمدافع، لكنه وإلى غاية اللحظة لم تُعلن أي خطوات فعلية في هذا الاتجاه.
بين ألمانيا وانكلترا
محطات كثيرة مر منها بولحروز، شكل نادي أياكس امستردام نقطة انطلاقها الرسمية (1995-1995)، بعد ذلك انتقل إلى ألكمار (1998-2001)، ثم هامبورغ الألماني (2004) قادما إليه من فالفيك الهولندي بقيمة مليون ونصف يورو.
وبعد موسمين فقط قضاها في ألمانيا، شد اللاعب الرحال إلى تشيلسي الانكليزي بموجب عقد بقيمة 13 مليون يورو، وهو ما أثار موجة غضب شديدة بين جماهير هامبورغ، خاصة وأن مركز قلب الدفاع بقي شاغرا داخل الفريق لفترة طويلة أعقبت رحيل بولحروز. لكن محطة تشيلسي تحولت إلى نقطة سوداء في مسيرة اللاعب؛ فقد زجت المنافسة الشديدة باللاعب إلى مقاعد الاحتياط، ما دفعه إلى الانتقال إلى إشبيلية الإسباني في موسم 2007 على سبيل الإعارة. وهناك أيضا لم يحظ بالمكانة ذاتها التي كان يتوفر عليها في هامبورغ، وشارك في ست مباريات فقط طيلة موسمين.
وعند انطلاق موسم 2009/2008 انتقل بولحروز رسميا من تشيلسي إلى شتوتغارت لمدة أربع سنوات. ومرة أخرى تمنعه الإصابة في الموسمين الأولين من استعادة لياقته وإثبات جدارته، حتى بعد إصابة زميله الإيطالي سيلوتشي، في موسم 2010/2011، حيث منحه مدرب شتوتغارت السابق كريستيان غروس فرصة للعب أساسيا في أربع مباريات متتالية، لكنه أهدرها وعاد إلى مقاعد الاحتياط.
وانطلاقا من تلك المعطيات، كانت جل التوقعات ترجح استبعاد مدرب المنتخب الجديد بيرت فان مارفيك لبولحروز من تشكيلة جنوب إفريقيا 2010، لكن العكس هو ما حدث، فقد شارك في المونديال ليعود حاملا للقب الوصيف. وكان على بولحروز الانتظار إلى غاية الموسم قبل الأخير لينجح في استعادة توازنه، والسبب المباشر في ذلك يعود حسب بلحروز إلى طفلته التي رزق بها عام 2010، والتي ساعدته على "طي صفحة مؤلمة من الإحباط النفسي سواء على المستوى الشخصي أو الرياضي". وأنهى بولحروز الموسم الحالي بعدما شارك في 21 مباراة من مجموع 64، وأحرز في المرحلة الثامنة من الدوري الألماني على أرض كايزارسلاوترن الهدف الثاني لشتوتغارت.
ضربات القدر
وطيلة مسيرته الكروية، لم يعان بلحروز من مطاردة نحس الإصابة فحسب، بل من ضربات القدر أيضا. فبعد تألقه في دور المجموعات ضمن منافسات يورو 2008 في جميع المباريات الثلاثة والتي انتهت بفوز مستحق لهولندا (إيطاليا 3-0، فرنسا 4-1، رومانيا 2-0)، صُعق اللاعب في حصة تدريبية استعدادا لمباراة دور ربع النهائي بخبر وفاة طفلته أسيا التي ولدت قبل موعد ولادتها الطبيعية بثلاثة أشهر. حينها رافقه موكب أمني خاص إلى مستشفى الولادة في مدينة لوزان السويسرية، ونُكس علم هولندا في المعسكر التدريبي في التفاتة للإتحاد الهولندي لكرة القدم لمواساة اللاعب وزوجته.
وبقلب منكسر طلب بولحروز من المدير الفني للمنتخب البرتقالي آنذاك ماركو فان باستان السماح له باللعب في مباراة المنتخب أمام روسيا وهي المباراة التي أطاحت بالحلم الهولندي، إثر هزيمة المنتخب البرتقالي أمام نظيره الروسي بثلاثة أهداف مقابل هدف يتيم.
وأثرت تلك الحادثة وبشهادة بولحروز نفسه على المستوى الفني والبدني للاعب، الذي أوضح أنه وأثناء تلك المحنة "لم يعد يفكر في كرة القدم، وإنما كان همه منصبا على مواساة زوجته". وسبق لبولحروز أن فقد والده أيضا وهو في السادسة عشر من العمر، واحتاج حسب تصريحات أدلى بها إلى الصحافة الهولندية إلى سنتين على الأقل لاستيعاب ما حدث. كما أجبرت والدته على إعالة الأسرة المكونة من تسعة أطفال، وكل هذا في بلاد المهجر.
وفاق بنكيران
مراجعة: عبده جميل المخلافي