1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

وضعية الأزمة- تحديات تنتظر السياسة الخارجية لألمانيا في 2025

٤ يناير ٢٠٢٥

ألمانيا مقبلة على انتخابات جديدة. وبغض النظر عن شكل الحكومة المقبلة، فإنها ستواجه تحديات كبيرة على صعيد السياسة الخارجية.

https://p.dw.com/p/4oWwb
رئيسة الدبلوماسية الألمانية وزيرة الخارجية أنالينا بيربوك خلال توجهها في رحلة إلى الأوسط (10/11/2023)
رئيسة الدبلوماسية الألمانية وزيرة الخارجية أنالينا بيربوك خلال توجهها في رحلة إلى الأوسط (10/11/2023)صورة من: Michael Kappeler/dpa/picture alliance

أكبر تحدٍ تواجهه ألمانيا يحمل اسم دونالد ترامب. ذلك لأن الرئيس الأمريكي القادم من المرجح أن يعيد النظر في الكثير من الأمور، التي كانت ذات أهمية كبيرة للحكومة الائتلافية السابقة في برلين، بقيادة المستشار ، أولاف شولتس من الحزب الاشتراكي الديمقراطي(SPD).

يقول تورستن بنر، مدير معهد السياسات العامة العالمية (GPPi) في برلين، لــ DW: "من الواضح الآن أن المعادلة القديمة التي كانت تقول إننا يمكننا الاعتماد على الولايات المتحدة لضمان أمننا، لم تعد صالحة". ويضيف: "ترامب لم يكن الاستثناء من القاعدة، بل أصبح القاعدة الجديدة، وأن السنوات الأربع التي قضاها بايدن كانت بمثابة الأنفاس الأخيرة للتوجه الأطلسي القديم".

ويتعين على ألمانيا أن تستعد لعالم "يكون علينا فيه أن ندفع أكثر بكثير مقابل أمننا في أوروبا، وذلك في وقت نشهد فيه حربًا في القارة الأوروبية"، حسبما يقول بنر.

إحدى الإمكانيات: أوروبا تدفع، وواشنطن تزود أوكرانيا بالأسلحة

قد تكون التغيرات أكثر وضوحًا في سياق حرب أوكرانيا. فقد صرّح دونالد ترامب مؤخرًا أنه يعتزم "بالتأكيد" تقليص الدعم المقدم لأوكرانيا، كما دعا إلى "وقف فوري لإطلاق النار".

ماذا يعني ذلك بالنسبة لألمانيا؟ وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، من حزب الخضر، أوضحت موقفها خلال منتدى السياسة الخارجية في برلين منتصف نوفمبر، حيث قالت: "ألمانيا تقف إلى جانب أوكرانيا بغض النظر عن نتيجة الانتخابات في الولايات المتحدة". وأضافت: "لا يمكن إجراء مفاوضات سلام تتجاهل إرادة الأوكرانيين".

بهذا التصريح، ردت بيربوك على تلميحات ترامب بأنه قد يتوصل إلى اتفاق مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإنهاء الحرب في أوكرانيا.

ولمنع حدوث ذلك، يقترح تورستن بنر أن يقوم الأوروبيون بتقديم عرض لإدارة ترامب.

ويشرح بنر قائلاً: "يمكن أن يتمثل العرض في أن ندفع تكلفة استمرار الولايات المتحدة في تزويد أوكرانيا بالمعدات العسكرية". لأن الأوروبيين، بحسب بنر، لا يمكنهم من الناحية العسكرية تعويض ما قدمته الولايات المتحدة لأوكرانيا، ولكن تعويض ذلك ماليًا.

ويشير بنر إلى أن ألمانيا بحاجة إلى إنفاق المزيد من الأموال، سواء لدعم أوكرانيا أو لضمان الأمن بشكل عام. ومع ذلك، ونظرا لوضع الميزانية المتوتر، فإن ذلك لن يكون ممكنًا بدون ديون جديدة.

 المستشار أولاف شولتس (يمين الصورة) مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال تذكر قتلى الحرب الأوكرانيين في كييف (2/12/2024)
ماذا يعني الدعم الألماني "طالما كان ذلك ضروريا؟" المستشار أولاف شولتس (يمين الصورة) مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال تذكر قتلى الحرب الأوكرانيين في كييف (2/12/2024)صورة من: picture alliance/Kyodo

ألمانيا وأوروبا مجرد "متفرجين" على ما يحدث في الشرق الأوسط

ثاني أكبر منطقة عمل بالنسبة للسياسة الخارجية الألمانية هي منطقة الشرق الأوسط. وقد أدى سقوط الرئيس السوري بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر/ كانون الأول على يد مجموعات متمردين مختلفة، إلى تعقيد الوضع مجددا بشكل واضح. ففي برلين أيضا، امتزجت الفرحة بنهاية الحكم المدعوم من روسيا وإيران بشكوك حول إمكانية سيطرة الإسلاميين على سوريا، مما قد يؤدي إلى موجات لجوء جديدة نحو أوروبا. ومع ذلك، فإن الانقلاب في سوريا ليس سوى أحدث تطور مهم في المنطقة.

بعد هجوم حركة حماس الإرهابي على إسرائيل في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 والرد الإسرائيلي في قطاع غزة وضد هدمات حزب الله في جنوب لبنان، حاولت الحكومة الألمانية الموازنة بين المواقف. فمن جهة، أكدت دعمها لأمن إسرائيل باعتباره "مصلحة وطنية عليا" للدولة الألمانية. ومن جهة أخرى، قامت وزيرة الخارجية أنالينا بيربوك بعدة زيارات إلى المنطقة لدعم مطالب الفلسطينيين والعمل على وقف التصعيد.

يقول هانز ياكوب شيندلر، خبير شؤون الشرق الأوسط في المنظمة الدولية "مشروع مكافحة التطرف " (CEP)، لـ DW: "لم تكن عملية الموازنة مثالية، لكن كان من الصعب القيام بذلك بشكل مختلف عما حدث حتى الآن".

ويضيف شيندلر أن الاتحاد الأوروبي قد تراجع بشكل ملحوظ عن انخراطه (السابق) لسنوات طويلة في الصراع في الشرق الأوسط. وأشار إلى أنه بعد 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، "لم يعد للاتحاد الأوروبي، بما في ذلك ألمانيا أي تأثير يُذكر في المحادثات المتعلقة باتخاذ القرارات". ويضيف شندلر: "لقد كان الأمر في الواقع حواراً أمريكياً إسرائيلياً، وكان الأوروبيون في أفضل الأحوال مجرد متفرجين وأدلوا بتعليقات على الهامش".

مع قرب قدوم الرئيس الأمريكي ترامب، يطرح السؤال نفسه حول "كيف سيوفق ترامب بين موقفه المؤيد بقوة لإسرائيل من ناحية وبين هدف إنهاء الصراعات"، حسبما يقول هانز ياكوب شيندلر.

ومع ذلك، يوضح شيندلر أنه "من المؤكد أنه لن يتطور أي موقف ألماني أو أوروبي أقوى يمكنه التأثير على هذا الصراع بأي شكل من الأشكال".

لكنه أشار إلى أنه في عملية إعادة الإعمار المستقبلية في غزة وجنوب لبنان، "يمكن بالطبع محاولة تعزيز الدور الأوروبي من جديد من خلال الانخراط النشط في تلك الجهود".

جعفر توك - "حلقة خاصة من جعفر توك مع وزيرة الخارجية الألمانية!"

الصين ترفض دور "المعلم" من الغرب

وبالطبع، كانت أنالينا بيربوك (حزب الخضر)، وزيرة الخارجية، هي المسؤولة الأولي عن السياسة الخارجية في السنوات الأخيرة:. قبل كل شيء، سعت بيربوك إلى اتباع نهج يعتمد على القيم. كما ناقشت بشكل علني انتهاكات حقوق الإنسان مع شركاء تجاريين مهمين مثل الصين. وقد أدى ذلك إلى اتهامها في مؤتمر صحفي عام 2023 مع وزير الخارجية الصيني آنذاك تشين غانغ: "أقل ما تحتاجه الصين هو معلم من الغرب".

يعتقد تورستن بنر، مدير معهد السياسات العامة العالمية، أن السياسة الخارجية الموجهة نحو القيم يصعب تنفيذها ويقول "من الجيد بالطبع أن يكون لديك هدف طموح لتجنب السقوط في تسويات سياسية واقعية قذرة تماما. لكنني أعتقد أن السيدة بيربوك قد لا تسعى في أي اتفاق ائتلافي مستقبلي إلى ترسيخ هذا الهدف الخاص بالسياسة الخارجية المرتكزة على القيم بالطريقة ذاتها".

تعرضت بيربوك للإهانة حرفيًا في بكين عام 2023 من قبل وزير الخارجية الصيني آنذاك آنذاك تشين غانغ (14/4/2023)
تعرضت بيربوك للإهانة حرفيًا في بكين عام 2023 من قبل وزير الخارجية الصيني آنذاك آنذاك تشين غانغ (14/4/2023)صورة من: Kira Hofmann/photothek/IMAGO

الألمان لا يريدون دورا قياديا

يظل أقوى حزب في الاستطلاعات في ألمانيا هو حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي (CDU) وحليفه حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي المحافظ (CSU) بقيادة مرشحهم لمنصب المستشار، فريدريش ميرتس. ومع ذلك، يعتقد هينينغ هوف من الجمعية الألمانية للسياسة الخارجية أنه لن يحدث الكثير من التغيير في السياسة الخارجية تحت قيادة ميرتس. ويقول: "إذا نظرنا إلى ما يخطط له CDU/CSU في السياسة الخارجية، فالفوارق ليست كبيرة للغاية. وهذا يدل على وجود توافق كبير بشأن قضايا السياسة الخارجية في ألمانيا. وهذا أيضًا عامل داعم للاستقرار في وقت الأزمات الحالي".

وهناك الآن إجماع واسع النطاق في السياسة الألمانية على أن ألمانيا لابد أن تلعب دوراً أكثر نشاطاً في السياسة الخارجية والأمنية. ومع ذلك، يبدو أن الرأي العام لا يتبنى هذا الموقف بدون قيود. ففي استطلاع أجرته مؤسسة كوربر بعد الانتخابات الأمريكية وانهيار الائتلاف في برلين، أيد 73% من المشاركين في الاستطلاع زيادة الاستثمارات الألمانية في الأمن الأوروبي، ولكن رغم ذلك عارض 58% من المشاركين أن تتولى ألمانيا دور القيادة الغربية في حال انسحاب الولايات المتحدة من الساحة الدولية.

وفيما يتعلق بحلف شمال الأطلسي (الناتو)، أظهر استطلاع آخر أجرته مؤسسة "يوغوف" (YouGov) في منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني أن 33% فقط من الألمان يرون أنه يجب على ألمانيا أن تشارك بشكل أكبر في قيادة الناتو بعد انتخاب ترامب. بينما أيد 41% دورًا متساويًا في القوة لألمانيا في قيادة الناتو، ورأى 16% من المشاركين في الاستطلاع أن دور ألمانيا يجب أن يكون أضعف.

ويبدو أن إقناع الألمان بتحمل مزيد من المسؤولية في السياسة الخارجية لن يكون أمرًا سهلًا بالنسبة لأي حكومة جديدة، بغض النظر عمن سيرأسها.

أعده للعربية: صلاح شرارة