أفي بريمور: على الألمان والإسرائيليين إقامة مشاريع استثمارية في غزة
كان من بين المشاركين في فعاليات المؤتمر الاقتصادي الإسرائيلي - الألماني السفير أفي بريمور، سفير إسرائيل السابق لدى جمهورية ألمانيا الاتحادية، والذي يرأس حالياً غرفة الصناعة والتجارة الإسرائيلية - الألمانية. على هامش المؤتمر أجرى موقع دويتشه فيلّه الحوار التالي معه:
دويتشه فيلّه: لقد دخلت العلاقات الاقتصادية القائمة بين إسرائيل وألمانيا عامها الأربعين مؤخراً. هل لك أن تصف لنا مراحل تطور هذه العلاقات؟
أفي بريمور: لم تكن العلاقات الاقتصادية على ما يرام دائماً بين إسرائيل وألمانيا، فلقد شهدت الفترة الأولى، (التي تلت تأسيس دولة إسرائيل عام 1948)، مقاطعة من قبل الشعب الإسرائيلي للمنتجات الألمانية، وفي المقابل لم يكن من الممكن أن تصل باكورة المصنوعات الإسرائيلية إلى يد المستهلك الألماني، لأنها لم تحظ بجودة عالية في ذلك الحين. لكن من جدير القول أن العلاقات الاقتصادية الإسرائيلية - الألمانية قد بدأت في الازدهار تزامناً مع توقيع الدولتين على اتفاقية المصالحة والتعويض، إذ أن اتفاقية المصالحة والتعويض (عما عاناه اليهود من ملاحقة واضطهاد إبان فترة الحكم النازي الغاشم لألمانيا) لم تكن ترمي إلى إمداد إسرائيل بمبالغ مالية، بل بالماكينات وقطع الغيار وقطارات شحن البضائع والسفن وما شابه ذلك. وعلى هذا النحو اعتاد الإسرائيليون شيئاً فشيئاً على المنتجات الصناعية القادمة من ألمانيا. أما في عام 1964، وبانتهاء العمل باتفاقية المصالحة والتعويض أقدم الإسرائيليون على استيراد المصنوعات من ألمانيا. في المقابل لم تجر عملية تصدير منتجاتنا إلى ألمانيا على نفس المنوال، لكن من المعروف أن الطلب على المنتجات الإسرائيلية في ألمانيا قد ازداد (في الآونة الأخيرة).
بإمكان المرء أن يقول إجمالياً بأن ألمانيا باتت تحتل المركز الثاني بين شركاء إسرائيل التجاريين مسبوقة من الولايات المتحدة الأمريكية. في السابق كانت هناك عقبة أخرى، تكمن في عدم إقدام الألمان، لدواعي مختلفة، على الاستثمار في إسرائيل. وأعتقد أن مرجع ذلك هو أن الشجاعة كانت تنقص بعض رجال الأعمال الألمان عند التفكير في السفر إلى إسرائيل والاستثمار هناك. ربما كانوا متخوفين من ماضيهم أو من الأوضاع السياسية في منطقة الشرق الأوسط وحالة عدم الاستقرار الأمني في إسرائيل. لكن لاغرو أن الوضع قد تغيير تدريجياً في تسعينيات القرن الماضي بعد توقيع معاهدة أوسلو عام 1993.
دويتشه فيله: يُعد تعثر عملية السلام في الشرق الأوسط أحد المشاكل الدائمة التي تعاني منها العلاقات الاقتصادية بوجه عام. ما هو الدور، الذي يمكن للاقتصاد الألماني والإسرائيلي أن يلعباه لحل النزاع بين الفلسطينيين والإسرائيليين بصورة سلمية؟
أفي بريمور: أعتقد أننا سننعم بالسلام مع الفلسطينيين، إذا توفرت لهم ظروف معيشية أفضل تخلصهم من حالة الفقر المدقع، التي يعيشون في ظلها حالياً. وأرى في الاستثمار وسلية فعالة لتحقيق ذلك، مما يعني أن على إسرائيل تخفيف الاحتلال. هناك جزء من الاحتلال قد تلاشى مؤخراً بعد الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة، لذا يجب على المرء الآن أن يبذل كل ما في وسعه، لكي يستفيد الناس في قطاع غزة من السلام، وأن يدركوا أن السلام أفضل من الحرب والإرهاب، الأمر الذي يوجب إقامة المشاريع الاستثمارية في قطاع غزة، وهو ما يستطيع الألمان والإسرائيليون تحقيقه سوياً من خلال التعاون المشترك. ونظراً لعدم شعور الألمان بالطمأنينة في القطاع غزة وتخوفهم الدخول في مشروعات استثمارية هناك، يستطيع رجال الأعمال إنشاء المصانع على حدود القطاع، على سبيل المثال. ومما لاشك فيه أن هذه المصانع، سستستفيد حتماً من العمالة الفلسطينية ذات التكلفة المنخفضة والكفاءة العالية المكتسبة في المصانع الإسرائيلية، فضلاً عن إمكانية استفادة الصناعة من البنية التحتية الإسرائيلية. هذه الخطوة ممكنة التنفيذ ولن يكون من شأنها توفير فرص عمل للفلسطينيين فحسب، ولكن تحسين البنية التحية الفلسطينية أيضاً. ومن المؤكد أن هذا سيدر بالنفع على الجميع.
دويتشه فيله: هل معني ذلك أنكم توجهون نداءً لرجال الأعمال الألمان والإسرائيليين لإقامة مشاريع استثمارية في قطاع غزة؟
أفي بريمور: نعم، فمن الضروري إقامة مشاريع استثمارية في قطاع غزة أولاً، ثم في الضفة الغربية كخطوة ثانية. وفي الاستطاعة تحقيق ذلك على أرض الواقع، بالرغم أن هذا لا ينطبق على كافة المناطق، إضافة إلى ذلك فإني أتوقع أن يتم الانسحاب من هذه المناطق تدريجيا قريباً. فضلاً عن أن الاستثمار هناك سيؤتي أكله، بسبب تواجد سوق لتصريف المنتجات. العديد من المشاريع والأفكار يمكن تنفيذها عن طريق تعاون مشترك يجمع رجال الأعمال الألمان بأقرانهم الإسرائيليين ذوي الخبرة والإلمام بظروف المنطقة.
أجرى المقابلة: مايكل كنيغه
ترجمة وإعداد: علاء الدين سرحان