ثلاثة متاحف ألمانية تُحيي ذكرى هزيمة الإمبراطورية الرومانية على يد الجرمان
٢٨ أبريل ٢٠٠٩تجرعت الإمبراطورية الرومانية قبل ألفي إحدى أكبر الهزائم التي تعرضت لها في تاريخها، وذلك على يد الجرمان في ما عُرف بمعركة فاروس التاريخية الشهيرة التي اعتبرت نقطة فاصلة في التاريخ الأوروبي. وقد نقل عن القيصر الروماني أوغسطس قوله بيأس وحسرة: "فاروس أرجع لي كتائبي العسكرية!"، وذلك عندما وصله خبر هزيمة أكثر من 15 ألف جندي روماني على يد الجرمان. وكانت غابة تويتوبورغ (Teutoburger Wald تشكل مسرح العمليات العسكرية بين القوة العالمية العظمى آنذاك وبين الجرمان، وهي غابة تغطّي سلسلة جبلية تمتد على ولايتي سكسونيا السفلى وشمال الراين وستفاليا، أي في شمال غرب ألمانيا.
مسرح معركة فاروس التاريخية
وكان فاروس قائد القوات العسكرية التي خاضت حربا ضد الجرمانيين في بلادهم قد خُدع من قبل قائد القوات الجرمانية أرمينيوس وتكبّد في السنة التاسعة بعد الميلاد هزيمة ثقيلة. وعليه، اضطر الرومان إلى العدول عن خططهم التوسعية في جرمانيا البعيدة والتراجع إلى خطوطهم العسكرية وراء نهر الراين.
وكانت المعركة قد نشبت بين الجرمان، الذين رفضوا الخضوع لسيطرة الرومان ودفع الضرائب، وبين الرومان الذين أرادوا التوسّع وإخضاع العالم تحت هيمنتهم. ويعتقد المؤرخون أن منطقة كالكريزه (Kalkriese) الواقعة بالقرب من مدينة أوسنابروك (Osnabrück)، في شمال غرب ألمانيا، كانت تشكّل مسرحا لمعركة فاروس، ذلك أنّه تمّ العثور قبل بضع السنوات على آثار لميدان روماني للقتال.
معرض ـ الإمبراطورية والأسطورة
في هذا الإطار ولتسليط مزيد من الضوء على هذا الحدث التاريخي، الذي يعدّ حدثا مصيريا، لجرمانيا التي لم تسقط تحت سيطرة الإمبراطورية الرومانية، تم تنظيم معرض تاريخي تحت عنوان "إمبراطورية – صراع – أسطورة"، يشارك فيه ثلاثة متاحف ألمانية للآثار الرومانية في كلّ من مدينة هالترن (Haltern) وديتمولد (Detmold) وليبه (Lippe). وبإمكان الزوار التعرّف على التفاصيل التاريخية لمعركة فاروس على مدى ستّة أشهر وذلك بداية من 16 من شهر مايو/ أيّار المقبل إلى 25 من شهر أكتوبر/ تشرين الأوّل من العام الجاري. وسيركّز المتحف الروماني في مدينة هالترن على عرض تاريخي للإمبراطورية الرومانية، في حين يستعرض متحف مدينة ليبه بعض الأساطير التي أحيكت حول معركة فاروس الشهيرة. أمّا متحف كالكريزه فسيلقي الضوء على الصّراعات والمعارك التي دارت بين الرومان والجرمان. كما تم استقطاب قطع أثرية من كافة أنحاء أوروبا خصيصا لهذا المعرض.
تماثيل لخمسة عشر ألف جندي على رأسهم ماركوس
أمّا في متحف مدينة هالترن فتم خصّيصا نحت تماثيل يبلغ طولها سبعة سنتمترات لخمسة عشر ألف جندي، الذين كانوا يمثلون واحدة من ثلاثة كتائب بقيادة فاروس والتي مُنيت بهزيمة ذريعة على يد الجرمان. وتم توزيع الجنود على طول 220 مترا داخل المتحف.
ويمثّل التمثال التذكاري للجندي الروماني ماركوس كاليوس، الذي ينحدر من مدينة بولونيا الإيطالية والذي كان لقي حتفه إلى جانب نحو عشرين ألف جندي روماني آخر في معركة فاروس، من أهّم القطع الأثرية التي تعرض في إطار معرض أكسانتيا، الذي يستمر إلى نهاية شهر أغسطس / آب، والذي يستضيفه المتحف الروماني في مدينة هالترن.
وكان هذا التمثال قد صُنع ونُصب بأمر من القائد العسكري الروماني سينتوريو كاليوس، وهو أخ ماركوس كاليوس لتبقى هذه الذكرى شاهدا على معركة فاروس على مدى التاريخ. ويهدف معرض أكسانتيا، الذي تعرض فيه قطع أثرية من ألمانيا وبالتحديد من المناطق المحيطة بالراين، والتي كان فرض الرومان سيطرتهم عليها، وكذلك قطع برونزية وغيرها من الأسلحة، إعادة إحياء التاريخ. ويعتبر تمثال الجندي الروماني ماركوس كاليوس من أهمّ القطع الأثرية لفن النحت الروماني من منطقة شمال جبال الآلب.
(ش.ع / د.ب.أ)
تحرير: عبده جميل المخلافي