هل حققت الثورة في اليمن أهدافها برحيل صالح؟
١٩ يونيو ٢٠١٢تواجه رغبة حكومة الوفاق الوطني برفع مخيمات الشباب من ساحات الاعتصام بمقاومة شديدة، ففيما تعتقد الحكومة بأن ثورة الشباب السلمية التي انطلقت في شباط / فبراير من العام الماضي قد حققت أهدافها بخروج الرئيس السابق علي عبد الله صالح من السلطة وانتخاب عبد ربه منصور هادي رئيسا انتقاليا لمدة عامين قادمين، ومشاركة المعارضة السياسية التقليدية، ممثلة بأحزاب اللقاء المشترك بنصف الحقائب الوزارية، بحكومة الوفاق الوطني، بالإضافة إلى رئيس الحكومة محمد سالم باسندوة، رئيس المجلس الوطني لقوى الثورة السلمية. لكن شباب الثورة، وإن تباينت آراء البعض منهم، يجمعون على أن ما تم تحقيقه حتى الآن لا يعبر عن أهداف ثورتهم المتمثلة بإسقاط النظام القديم كله وإحلال نظام جديد محله، يحقق الطموحات ويلبي احتياجات التغيير المنشود نحو مجتمع يمني جديد، تسوده الحرية والعدالة وتحكمه المؤسسات المدنية الديمقراطية. و ليس من أهداف ثورتهم استهداف شخص علي عبد الله صالح، أو إيصال المعارضة التقليدية للمشاركة في حكومة بالمناصفة مع النظام الذي هدفت الثورة إلى تغييره بالكامل لعدم صلاحيته للحكم بعد 33 سنة من الفشل. وصباح الأحد الماضي فشل أول لقاء بين اللجنة الحكومية للحوار مع الشباب حيث تحول مكان اللقاء الذي كان رئيس الحكومة محمد سالم باسندوة حاضرا فيه ، و وزيرة حقوق الإنسان ورئيسة اللجنة الحكومية للحوار مع الشباب، حورية مشهور، وسفير الاتحاد الأوروبي في اليمن، إلى ساحة للمشادات الكلامية والاشتباك بالأيدي، بين مجاميع شبابية من المؤيدين والمعارضين للحوار. و اتهمت مشهور أطرافا، لم تسميها، بالسعي لإفشال اللقاء، وقالت "بأن ما حدث خطط له من قبل من أراد تعطيل الحوار".
المعارضة جزء من النظام السابق
الشاب وديع الشيباني، مصور فوتوغرافي وأحد جرحى الثورة الشبابية بمدينة تعز، يرى في حديث مع الــ DW عربية، أنه لم يتحقق من أهداف الثورة " سوى لحمة وتوحد الشعب اليمني في مواجهة نظام صالح". ويؤكد الشيباني أن عدم جلوس صالح على كرسي الرئاسة بشكل رسمي لا يعني خروجه النهائي من السلطة، معتقدا أنه ما يزال "يملك الترسانة العسكرية والمال والنفوذ وما يزال نظامه يسيطر على مقاليد الدولة". ويرى وديع أن "المعارضة التقليدية كانت الوجه الأخر لنظام صالح وشريكه الأساسي في الحكم طوال 33 سنة". ويفرًق بين أهداف الثورة الشبابية وأهداف المعارضة قائلا "إن أهداف ثورتنا الشعبية غير أهداف اللقاء المشترك"، مؤكدا أن موافقة أحزاب اللقاء المشترك على المبادرة الخليجية قد حول الثورة إلى أزمة سياسية بين نظام صالح والمعارضة التقليدية، و يتوقع ثورة قادمة ستطيح بالنظام والمعارضة والمبادرة الخليجية.
أما هاشم الصوفي، الناشط في صفوف الثورة الشبابية، فينفي أن كان من أهداف الثورة " إسقاط شخص صالح"، ولكنه يؤكد أن أهداف الثورة الشبابية هي" إسقاط النظام بكامله ". و يعتقد هاشم أن أحزاب المعارضة "وظفت إمكانياتها لاستخدام الثورة الشبابية كورقة ضغط للوصول للسلطة". و يرى باسم الحكيمي، رئيس حركة 3شباط/ فبراير الشبابية، أن " أهداف الثورة لم تتحقق بعد "، مشيرا إلى أن "دماء الشهداء لم تجف بعد". و يعتقد الحكيمي أن دماء الشهداء هي المحرك لشباب الثورة، وأن " بقاء الشباب بالساحات سوف يلغي أي صفقة سياسية قد تتم بين النظام وأحزاب اللقاء المشترك". ويرى الناشط الإعلامي، فارس أبو بارعة، أن الثورة الشبابية لم تحقق سوى إعادة أنتاج النظام نفسه.
تحقيق جزئي لأهداف الثورة
وفيما يقول توفيق عبد الواحد الشرجبي، عضو اللجنة الفنية للحوار مع الشباب لـ DW، "إن الثورة الشبابية أنجزت المرحلة الأساسية من مراحل التغيير المتمثلة في عملية التخلص من الإذعان والخوف"، لكنه يعتقد أن " تحقيق أهداف الثورة وإنجاز عملية التغيير لا زال بحاجة إلى الكثير من الجهد والعمل، لكن الكاتب والأديب اليمني الناشط في صفوف الثورة الشبابية، جازم سيف، يرى أن الثورة الشبابية استطاعت "إيصال المعارضة إلى السلطة ولكنها لم تستطع إنجاز التغيير". و يعتقد جازم أن ما تم حتى الآن لم يقدم "رؤى وأفكارا وبرامج تضمن وتدعم فكرة التغيير الحقيقي باتجاه دولة المؤسسات والنظام والحق والقانون". و يبدي جمال الأصبحي، تفاؤله بسقوط بقايا النظام السابق، كما "تم إسقاط رأس النظام بقوة الفعل الثوري للشباب"، مؤكدا أن إسقاط صالح من السلطة "لم يكن سوى جزء من أهداف الثورة". ولكن حسين الحذيفي، أحد المتظاهرين ضد الحوار الحكومي مع الشاب قال لــ DW. "نرفض الحوار مع الحكومة قبل إقالة أقارب صالح والمتسببين في قتل الثوار وتقديمهم للمحاكمة وإطلاق سراح المعتقلين والكشف عن مصير المفقودين من شباب الثورة"
الثورة فعل مستمر
من جانبه يرفض عارف الشيباني، رئيس التنظيم الشبابي الشعبي الحر بساحة التغيير بصنعاء، اختزال أهداف الثورة بمجرد إسقاط رأس النظام وصعود المعارضة للمشاركة في الحكومة، مؤكد أن " الثورة فعل مستمر يسعى إلى تفكيك البنى الاقتصادية والسياسية والاجتماعية البالية التي وصلت إلى حالة من الفشل ولم تعد تلبي مصالح أوسع الفئات الاجتماعية". ويقول عارف لـ DW إن "الثورة لن تتوقف حتى تُستعاد الدولة وتصبح أداة لخدمة المجتمع ".
سعيد الصوفي – صنعاء
مراجعة: حسن ع. حسين