انتخابات اسرائيل: هل ينهي المنافسون حكم نتنياهو؟
٤ مارس ٢٠١٩منذ أكثر من أربعين عاماً، يمتلك أبراهام ليفي كشك الفاكهة في سوق ماهاني يهودا الصاخب في الجزء الغربي من القدس. بين الموز والليمون يعلق صورة سوداء وبيضاء، كبيرة الحجم لأول رئيس وزراء من حزب الليكود عام 1977، إنه مناحيم بيغن. الليكود كان دائما حزبه. "هناك قول مأثور يقول بأن المرء لا يستبدل حصاناً بحمار. بنيامين نتنياهو جيد جداً، اقتصادنا بخير، وكذلك سلامتنا وكل الدول العربية المعتدلة تريد الآن التعامل معنا ، فلماذا نستبدله؟ "إنه رئيس وزراء بارز".
"نتنياهو لم يعد يقدم شيئاً جديداً"
في حالة ما كان الأمر متروكاً لليفي، فبإمكان نتنياهو "البقاء في منصبه لمدة 20 عاماً"، طالما يفعل ما هو في صالح للبلاد. لكن البعض الآخر غير متأكد من هذا. تقول ريوت شنايدر، 23 عاماً، وهي تجول داخل السوق: "لقد صوتت في وقت ما لنتنياهو، لكنني أعتقد أن وقته كرئيس للوزراء قد انتهى، وهو لا يأتي بأي شيء جديد. وهو دائما يردد إننا نُهاجم من هناك أو من هناك". وتضيف:" بالإضافة إلى التحقيقات الجنائية ضده بتهمة الرشوة والفساد، و التي تثير التساؤلات".
في ديسمبر/ كانون الأول، دعا نتنياهو إلى إجراء انتخابات مبكرة. مناورة محسوبة من جهته، إذ وفقاً للاستطلاعات، كان نتنياهو يحظى بشعبية كبيرة لدى الإسرائيليين كرئيس للوزراء. لكن التحقيق الذي أجرته الشرطة ضده، ألقى بظلاله على الحملة الانتخابية. كما يواجه منافسة حقيقية من تحالف حزبي جديد قدّم نفسه لخوض الانتخابات في التاسع من أبريل/ نيسان.
تحالف "أزرق – أبيض".. بداية جديدة؟
ساعات قليلة فقط من تقديم القوائم الانتخابية الأسبوع الماضي، اتحد اثنان من المرشحين الواعدين لخوض غمار الانتخابات. رئيس الأركان السابق بنيامين 'بيني' غانتس (مناعة لإسرائيل) والمذيع السابق يائير لبيد (هناك مستقبل) ، وخلق هذا الخبر ضجة كبيرة في الصحافة الإسرائيلية. المرشحان يريدان من خلال التحالف الجديد "أزرق – أبيض"، إعادة "توحيد" البلاد.
وفق مبدأ التناوب، سيصبح بيني غانتس أول رئيسين للوزراء ويائير لابيد، وزيراً للخارجية، وبعده، سيُصبح لابيد رئيساً للوزراء. على الرغم من أن بيني غانتس يعتبر من الوافدين الجدد على الساحة السياسية، إلا أنه معروف لدى الإسرائيليين مذ فترة توليه منصب رئيس أركان الجيش. وقد تم تسليط الضوء في حملته الانتخابية حتى الآن، على إنجازاته العسكرية، ومنها على سبيل المثال، عملية قصف غزة في حرب عام 2014. وكان غانتس قد شكك علانية في إنجازات نتنياهو العسكرية.
لقد تحول يائير لابيد، الرجل الثاني في تحالف "أزرق – أبيض"، من الصحافة إلى السياسة في عام 2012. وفي انتخابات عام 2013، فاز من المرة الأولى مع حزبه "هناك مستقبل" بـ 19 مقعداً، و كان لفترة وجيزة وزيراً للمالية في حكومة نتنياهو.
منع إعادة انتخاب نتنياهو
في حديثه مع DW قال تامير شيفر، أستاذ العلوم السياسية والاتصالات في الجامعة العبرية: "السؤال الكبير هو ما إذا كان الناخبون اليمينيون سيصوتون للتحالف الحزبي الجديد. حتى الآن على الأقل، لم نشهد حركة ملموسة من الناخبين اليمينيين". وأضاف شيفر بأن المهمة الأصعب تكمن في الاتفاق على سياسة مشتركة فيما يتعلق بالشؤون الخارجية والقضايا الاجتماعية والاقتصادية والفلسطينيين.
لكن القائمة الجديدة تتحد على الأقل في أمر واحد وهو منع إعادة انتخاب نتنياهو، كما قال مولا يباركين خلال جولة انتخابية لبيني غانتس في تل أبيب: "في قائمة تضمن ثلاثة من رؤساء الجيش السابقين، يمكن للمرء أن يستنتج بأن موضوع الأمن يقف على رأس القائمة." وأضاف يباركين:" بالنسبة لبيبي فإن كل شيء يتعلق بالأمن والأمن و الأمن".
تحالف "أزرق – أبيض"
"الأمن مهم بطبيعة الحال، وبدونه لن تكون لدينا دولة، لكن بيبي لم يوحد البلاد". بالنسبة له، فإن غانتس هو المرشح "الصادق للغاية وهو ليس عنصري ولا ينتمي إلى اليسار ولا إلى اليمين". ترغب إيينات فايسبورت، التي تريد التصويت لصالح غانتس أيضاً، في رؤية تغيير، وقالت: "غانتس يجلب أملاً جديداً. نتنياهو يعتقد أنه يفعل الجيد لنا، لكن حسب شعوري، البلد لا يتقدم، والعالم لديه صورة سيئة عنا." ومع ذلك، هناك انتقادات لأن تحالف "أزرق – أبيض" يقوده فريق من الرجال والمرشحات النساء في الصفوف الخلفية.
ووفقاً لاستطلاعات الرأي الأخيرة، فإن حظوظ كل من غانتس، ولابيد ونتنياهو متساوية. لكن النقاش في إسرائيل يدور حول من يمكنه في النهاية تشكيل ائتلاف يضم الأغلبية الضرورية من 61 مقعداً على الأقل من مقاعد الكنيست الـ 120. ويمكن أن يكون نتنياهو متقدماً على منافسيه من خلال كتلته اليمينية. ولهذا ومن أجل عدم خسارة الأصوات، قام نتنياهو الأسبوع الماضي بإبرام تحالف بين الحزب القومي الديني "البيت اليهودي" والحزب اليميني المتطرف "القوة اليهودية".
تحالف مثير للجدل مع المتطرفين
وُعدت قيادة حزب "البيت اليهودي"، الذي أصبح الآن أيضاً عضواً في الائتلاف الحاكم، بمنصبين وزاريين. الاندماج المثير للجدل مع المتطرفين من "البيت اليهودي"، والذي قد يفشل في تجاوز نسبة الحسم الانتخابية ( 3.25 بالمائة) المطلوبة لدخول البرلمان، لاقى معارضة شديدة، حتى من قبل لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (AIPAC) في الولايات المتحدة الأمريكية.
ويدافع أنصار "القوة اليهودية" عن إيديولوجية "الدم اليهودي النقي" ويرفضون الزواج بين اليهود والعرب. ويعتبر الحزب، الحزب الخلف لحزب "كاخ" المحظور في الولايات المتحدة الأمريكية وكذلك في إسرائيل، والذي قُتل مؤسسه الحاخام مائير كاهانا في عام 1990. و من بين الأمور التي كان يدعو لها الحزب العنصري بشكل علني، الانتقال القسري "لجميع العرب" من الأراضي الفلسطينية المحتلة وإقامة دولة إسرائيل الكبرى.
الاتهامات تزيد الضغط
على الصعيد الداخلي، قد يزداد الضغط هذا الأسبوع على نتنياهو لسبب آخر، إذ يريد النائب العام اتخاذ قرار أولي قبيل بدء الانتخابات، بشأن اتهام نتنياهو في ثلاث قضايا فساد. هذا من شأنه أيضاً إحداث تغيير في أصوات الناخبين. وكان نتنياهو قد انتقد بشدة هذا التوقيت وأعتبره محاولة من أجل التأثير في الانتخابات. وفي العام الماضي، أوصى محققو الشرطة بمقاضاة نتنياهو في ثلاث حالات مشبوهة من الاحتيال وانتهاك للثقة والفساد.
وفي هذا الشأن قالت تامار هيرمان، الأستاذة في معهد الديمقراطية الإسرائيلي في القدس: "السؤال هو ما هي الاتهامات التي يتم تأكيدها. وإن لم تكن هذه الاتهامات بالخطيرة نسبياً، فلن يكون ذلك سبباً في عدم تصويت الناخبين لصالح نتنياهو هذه المرة". وبشأن استطلاعات "مؤشر السلام" الشهري، التي تجريها بانتظام حول رأي الإسرائيليين من التطورات الحالية، قالت هيرمان: "باستثناء المعسكر اليساري، لا يزال نتنياهو بالنسبة للكثيرين أفضل رئيس وزراء".
تانيا كريمر (تل أبيب)/ إ.م